بعد انقسام مدينة حلب، التي تقع في شمال سوريا، الى حلب النظام وحلب المعارضة، لم يعد يصل بينهما سوى طريق معبّد على مسافة ثلاثة كيلومترات، حيث يمتد (معبر بستان القصر أو معبر كراج الحجز) من حي المشارقة الذي لا يزال تحت سيطرة النظام إلى بستان القصر وكراج الحجز وأحياء أخرى يسيطر عليها الجيش الحر.
ففي شهر تموز من عام 2012 دخل الجيش الحر في مواجهات ضد قوات النظام لتحرير مدينة حلب وقام بفرض سيطرته على بستان القصر في شهر آب 2012 ووضع حافلتين للنقل الداخلي فوق بعضهما البعض على مدخل الحي وأبقى رصيفين لعبور الأهالي مشيا على الأقدام للتنقل بين هذين الحيين المتجاورين.
حيث كان يعبر يوميا الآلاف من الأشخاص في هذا المعبر مارين بداية بحاجز لقوات النظام يليه بعد ذلك بضع مئات الأمتار حاجز للهيئة الشرعية وعلى رأسها حركة احرار الشام وجبهة النصرة.
ومن هؤلاء موظفون يقطنون في المناطق الشرقية المحررة ويعملون في المناطق الغربية الخاضعة لسيطرة النظام أو العائلات التي انقسمت بين شطري المدينة، إذ لا يوجد أحد في شطري حلب ليس لديه قريب في الشطر الآخر.
ولم يساهم المعبر إلا بتخفيف القليل من معاناة أهل حلب، في حين فتحت الفرصة أمام بعض التجار المستغلين لبعض الأشخاص الذين يخاطرون بحياتهم من خلال عبورهم للمعبر من أجل تأمين بعض من حاجاتهم اليومية، فيقوم هؤلاء التجار بإغرائهم بقليل من المال مقابل شراء مايلزمهم من حاجات من الشطر الثاني للمدينة ثم يقومون ببيعه بأضعاف مضاعفة لباقي الأهالي الذين يخافون مرور المعبر مستغلين بذلك خوفهم، وذلك الخوف يبرر بسبب قناصة النظام المتوزعة على محيط المعبر والتي كانت تقوم يوميا بقنص العديد من المارين فيه. حيث بلغ عدد الشهداء الذين تم قنصهم 665 شهيداً حتى تاريخ 5 نوفمبر 2014 حسب مركز توثيق الانتهاكات في سوريا.
وبينما وضعت «حلب النظام» تحت وطأة حصار قاسٍ في 5 تموز 2013 فرضه عليها القائمون على إدارة المعبر، منعوا من خلاله مرور كافة المواد من المناطق المحررة إلى مناطق النظام، ارتفعت أسعار المحروقات بنسبة 1200 في المئة وأسعار المواد الغذائية إلى ما يقارب 400 في المئة. إلى أن أعلن لواء أحرار سوريا بتاريخ 24 تموز 2013 عن معركة لإسقاط جميع قناصة النظام. ويذكر أيضا أنه بين الحين والآخر كانت قوات النظام تقوم بإغلاق المعبر من دون سبب واضح ثم تعود لفتحه من جديد.
ومع استمرار فتح وإغلاق المعبر وإعلان قوانين متجددة من قبل الطرفين، تحول مشوار مئات الأمتار هذا إلى رحلة تستغرق في أفضل الحالات 12 ساعة خروجا من حلب الغربية عبر “الطريق العسكري” وصولا إلى مدينة السلمية ثم عودة إلى حلب الشرقية التي يتخللها الكثير من الخطر والمساءلة والتفتيش من قبل عشرات الحواجز، حيث أعلنت فصائل المعارضة إغلاق المعبر بشكل كامل في 15 شباط 2014.
مع العلم أن طريق “خناصر-أثريا” المتعارف عليه باسم الطريق العسكري قد أعيد تأمينه في أواخر 2013 ليحلّ محل الطريق الواصل بين مدينة حلب والمدن الأخرى و أيضا بين قسمي مدينة حلب. فأصبح الطريقة الوحيدة للسفر من وإلى حلب ودخول المواد الغذائية والصناعية وباقي المواد المختلفة التي انقطعت عن الأحياء الغربية في المدينة والسبب الرئيسي وراء ذلك هو إغلاق طريق (دمشق –حلب) الرئيسي الذي يعتبر الشريان الأساسي لإمداد المدينة بكافة المستلزمات ويعتبر النظام مسؤولا عن ذلك.
ومنذ قرابة العام، أصبح المعبر مختصرا على مرور الحالات الإنسانية فقد قدم فريق الهلال الأحمر خطة لإنقاذ ذوي الأمراض المزمنة بدلا من تحمل مشقة السفر بين شطري المدينة الذين هم بحاجة ماسّة لدعم طبيّ تفتقر إليه أحياء حلب الشرقية، ففي شهر أيار من العام الماضي تمكن فريق الرعاية الصحية واللجنة الدولية للصليب الأحمر من إدخال متطلبات ل 600 جلسة غسيل كلى لدارة عزّة في ريف حلب الغربي الخاضعة لسيطرة المعارضة، بالإضافة إلى ثماني حالات مرضية سيئة جدا تم نقلها مطلع العام الحالي.
كما وقامت حركة أحرار الشام أيضا بإبرام صفقة تبادل مع قوات النظام قامت بتسليمه 20جثة وتسلمت منه 30 جثة لمسلحي المعارضة، وفي صفقة مشابهة قامت بتسليم سبعة مسلحين كانو محتجزين لديها مقابل إطلاق ثلاثة معتقلين بينهم امرأة.
ويبقى السؤال معلقا هل سيتم فتح المعبر من جديد، أم سيبقى مقتصرا على الحالات الإنسانية المزمنة؟ وماهو البديل الذي سيحلّ محل الطريق العسكري في حال انقطاعه نهائيا!.
المركز الصحفي السوري