قبل أن تبدأ أم محمود السورية عملها كمصففة شعر، أجبرها فقرها على اللجوء إلى طلب المساعدة للحصول على الطعام وعلى بدل الإيجار لتبقى على قيد الحياة كلاجئة في لبنان. طلب كثير من الرجال منها ممارسات لا أخلاقية لتظهر لهم امتنانها وعرفانها بالمعروف الذي هو في حقيقة الأمر محاولة ابتزاز واستغلال رخيص لظروفهن المأساوية لكي يضعفن ويسلمن أنفسهن أو يقعن فريسة لرغباتهم الحيوانية.
ماعانته أم محمود (32 عاما)- بحسب صحيفة واشنطن بوست- تعانيه اللاجئات السوريات في عموم المنطقة، ويقمن بإعالة ربع العائلات السورية اللاجئة التي يقدر عددها بنحو 145 الف عائلة وفقا لتقديرات للأمم المتحدة نشرت في تقرير يوم أمس الثلاثاء.
فقد اصبحت النساء العنصر الرئيسي الذي يعيل افراد الاسرة السورية في مخيمات اللاجئين السوريين، حيث تعاني النساء للحصول على الطعام والمأوى لاطفالهم، وفي بعض الاحيان يتعرضن للمضايقات والذل، وذلك وفقاً لتقرير نشرته المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين.
ونشرت صحيفة “ذي غارديان” البريطانية تقريراً للامم المتحدة ذكر فيه ان ما يقارب 145،000 عائلة سورية تعيش الان في مصر ولبنان والعراق والاردن تعيلها النساء، بعد ما ادت الحرب الاهلية الدائرة في سوريا الى تفريق العائلات عن بعضها، ونزوح أكثر من 3 ملايين سوري خارج بلادهم معظمهم من النساء والاطفال.
ويتواجد نحو 3 ملايين لاجئ سوري في الأردن ولبنان ومصر، وفق تقديرات الأمم المتحدة وحكومات الدول الثلاث.
توقعت نينت كيلي الممثل الإقليمي لمفوضية الأمم المتحدة العليا لشؤون اللاجئين في لبنان، أن يصل عدد اللاجئين السوريين في المنطقة بنهاية 2014 إلى 3.6 مليون مقابل 2.5 مليون مسجلين حاليا في لبنان وتركيا والأردن والعراق.
وقالت دانا سليمان، الناطقة باسم مفوضية شؤون اللاجئين في لبنان لـ«الشرق الأوسط» إن هناك «150 ألف عائلة نازحة خارج سوريا تعيلها نسوة، أي إن عائلة واحدة لاجئة من أصل أربع ترعاها امرأة». وأوضحت سليمان أن معظم هؤلاء النسوة إما فقدن أزواجهن في القتال أو هم في عداد المفقودين، مشيرة إلى أن التحدي الأكبر الذي يواجه اللاجئات إيجاد فرص عمل لإعالة عائلاتهن. وقالت: «نسعى لتعليمهن مهارات معينة كتصفيف الشعر أو الخياطة أو الكومبيوتر، لكن المشكلة التي تواجههن أن العدد الأكبر منهن لم يعتدن الدور الاجتماعي الجديد بعدما كان يقتصر في سوريا على تربية أولادهن».
وأوضح التقرير أن 60% من النساء اللاتي أجريت معهن مقابلات عبرن عن شعورهن بانعدام الأمن، وأعربت امرأة من بين ثلاث نساء عن خوفها الشديد أو عجزها حتى عن مغادرة المنزل، ومع وجود 2.8 مليون لاجئ وملايين النازحين داخليا، أصبحت سورية تمثل أكبر أزمة للنزوح في العالم، فمنذ بداية العام 2014، تم تسجيل أكثر من 100 ألف لاجئ سوري شهريًا بالدول المجاورة، ومن المتوقع أن يصل إجمالي عدد اللاجئين إلى 3.6 ملايين بحلول نهاية العام.
حيث كشف تقرير صادر عن المفوضية السامية للأمم المتحدة لشئون اللاجئين، أن أكثر من 145 ألف عائلة سورية لاجئة، أي ما يعادل عائلة من بين أربع، يرأسها نساء يخضن بمفردهن كفاحًا من أجل البقاء على قيد الحياة.
وأصدرت المفوضية التقرير تحت اسم «نساء بمفردهن – صراع اللاجئات السوريات من أجل البقاء» كاشفا عن أن نقص المال يشكل الصعوبة الأولى التي أبلغت عنها اللاجئات، إذ تكافح معظم النساء من أجل سداد الإيجار وتأمين الغذاء وشراء المستلزمات المنزلية الأساسية، الأمر الذي دفع كثيرًا منهن إلى إنفاق مدخراتهن بالكامل.
وأضاف: «تشغل واحدة من خمس نساء فقط عملا مدفوع الأجر؛ بينما تتلقى واحدة من خمس نساء دعما من أقرباء راشدين آخرين، ويستفيد البعض من كرم المجتمع المحلي، كملاك العقارات الذين يسمحون لهن بالسكن دون سداد الإيجار، أو المساجد، فيما يرسل البعض أطفاله للعمل».
وبهذا الشأن قال المفوض السامي للامم المتحدة لشؤون اللاجئين أنطونيو غوتيريس: “بدأت رحلة البحث الشاقة عن لقمة العيش عندما فر مئات الآلاف من النساء من بلادهن، ولم يتبق مع هؤلاء النساء اية اموال، ويواجهن في الوقت الحالي خطورة على حياتهم ويتم التعامل معهم كالمنبوذين، مع العلم ان الجريمة الوحيدة التي ارتكبوها انهن فقدوا ازواجهن في الحرب“. واضاف: هذا امر مخز حيث تتم اهانة النساء بعدما خسروا كل شيء كانوا يملكونه.
ودعا المفوض السامي لشؤون اللاجئين، الحكومات والمجتمع الدولي إلى اتخاذ إجراءات جديدة طارئة لمعالجة الأزمة، دون أن يوضح مقصده.
بدورها قالت الممثلة الأميركية انجلينا جولي، المبعوث الخاص للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين: اللاجئات السوريات هم كالغراء الذي يعمل على تماسك المجتمع المتداعي، واصوات اللاجئات التي تطلب المساعدة والحماية لا يجب تجاهلها.
وتم اجراء 135 مقابلة مع لاجئات سوريات أعمارهن بين 17 و85 لانجاز هذا التقرير، وجميعهن مسؤولات عن توفير مأوى وطعام ودواء لعائلاتهم.
ووفقا للتقرير، فأن هؤلاء النساء يكافحن بشكل يومي للحصول على المال اللازم لدفع ايجار المنزل الذي يسكنوا فيه، ويجاهدن للحصول على الطعام والمواد الاساسية للحياة والخدمات الطبية، ومعظم القصص التي قالتها النساء هي قصص مفجعة، فهناك نساء لا يمتلكن سوى خيار ارسال اطفالهن للعمل او تركهم في المنزل لوحدهم من اجل الذهاب للحصول على الطعام.
وهناك واحدة من كل خمس نساء وجدن عملاً مدفوع الاجر بسبب صعوبة حصول المرأة على وظيفة، وتخشى 60٪ من النساء مغادرة المنزل خوفاً على سلامة اطفالهن.
وذكر التقرير ان اللاجئة السورية تكافح من اجل الحصول على حياة كريمة في بيئة تكون في بعض الاحيان معادية للنساء. والعديد من النساء لديهن اعباء ثقيلة من آلم خسارة عائلاتهن والعيش في بلاد لا يعرفون فيها احدا.
ودعت «هيومان رايتس ووتش» المجتمع الدولي إلى ضرورة محاسبة الحكومة السورية والجماعات المسلحة على الانتهاكات السابق ذكرها، وحثت مجلس الأمن والنظام السوري وغيرهما من الأطراف المعنية على «ضمان التمثيل والمشاركة التامة والجدية للمرأة في مباحثات أو مفاوضات السلام المقبلة كلها، وكذلك ما يتلوها من عمليات لوضع السياسات وإقرار السلم».
ولا تقتصر معاناة نساء سوريا على أولئك اللواتي ما زلن يعشن داخل بلدهن، إذ تتعرض النسوة اللاجئات في بلاد الجوار وخصوصا في لبنان وتركيا والأردن لمعاناة من نوع آخر، حيث كشف أكثر من تقرير عن تعرض كثير منهن للاعتداء الجنسي، وعن إجبار الكثير من الفتيات القاصرات على الزواج المبكر.
إعداد: إيمان شلالة