أم خالد إمراة ظهرت علامات الكبر على وجهها الأسمر وقد زاد عمرها عن الاربعين عاماً وهي أحد سكان ريف إدلب الجنوبي وزوجة الشهيد أحمد أبو خالد الذي إستشهد في معارك وادي الضيف الأخيرة الواقع شرق معرة النعمان ب3كم وهو أحد أكبر معسكرات النظام وأكبر خزانات الوقود والكيروسين ويمد كافة حواجز المنطقة بالاسلحة.
ومع غياب أبو خالد أصبحت زوجته المسؤول الأول والوحيد عن بيتها وأولادها الثلاثة البالغ أكبرهم 13عاماً وأوسطهم 11عاماً وأما صغيرهم يبلغ من العمر 9 أعوام ومع هذه المسؤلية الكبيرة على عاتق أم خالد لم تستسلم لما حل بها بل أخذت تعمل هي وأطفالها لتأمين قوتهم اليومي ومستلزماتهم، فهي تفتح عينيها مع بداية بزوغ كل فجر لتوقظ أولادها وتذهب معهم إلى العمل وأي عمل هذا ؟.
جبال وأودية بلدة كفرنبودة الواقعة في ريف حماة الشمالي تجد أم خالد والكثير غيرها رزقتهم هنا فهي تقضي نهارها في جني ثمار نبتة الشفلح التي تتميز بغلاء سعرها وأشواكها الحادة وصغر ثمرها وصعوبة قطفها فهي تستخدم كعلاج لبعض الامراض مثل الروماتزم بالاضافة الى تغلغل الأفاعي السامة بداخلها.
ولا تنتهي المعاناة هنا فقط بل هناك المعاناة الأكبر الأتية من حواجز النظام وطائراته الحربية والمروحية حيث تقوم باستهداف هذه المناطق بشكل متكررومكثف وخاصة بالبراميل المتفجرة التي تعد السلاح الذي قتل ألاف السوريين حيث تصنع محلياً ومن مواد بسيطة مثل كميات كبيرة من المادة الشديدة الإنفجار TNT والكثير من الخردوات وقطع الحديد والمسامير وقطع الفولاذ.
وبهذا تكون المعاناة كبيرة ما بين الخوف والرعب وحرارة الشمس الحارقة وتعب التنقل من جبل لوادي ومن نبتة لأخرى وعدا ذلك كله عندما تدق ساعة العودة يكون بداية لمعاناة جديدة فسوف تمضي هذه المرأة العظيمة وأولادها المرهقين المتعبين الطريق مشياً على الأقدام إلا إذا صادفت مركبة تسلك نفس الطريق فتخفف عنها قليلاً لتصل لقريتها فتذهب للبائع لتبيع ما جنته وتشتري الخبز وطعام أطفالها التي طبعت الشمس على وجوههم البيضاء بقعاً سمراء تحكي قصة معاناتهم وتعبهم الذي لا ينتهي.
وما هؤلاء إلا أمثلة حية من الكثير من السوريونالذين حاكمتهم الايام بأقسى الظروف وأشد المعاناة ومع ذلك لم تختفي الإبتسامة من وجوههم وفضلو العيش في قراهم تحت كل مظاهر الحرمان من أقل حقوق الحياة ولم يتركوا بلدهم مهاجرين يرجون الله إعادة الاستقرار والامان على ربوع سوريا الغالية