خمسون معملاً لصناعة الحصر، و عشرون معملاً لتصنيع الليف وجلايات الالمنيوم، ومعمل لتصنيع الإسفنج، مترافقة بأحدث المكنات الصناعية والأيدي العاملة الماهرة، كل هذه المعامل ليست بمدينة صناعية كبيرة بل ببلدة صغيرة تقع شرقي مدينة معرة النعمان بخمسة كيلو مترات بالريف الإدلبي الشرقي، يبلغ عدد سكانها قرابة 9آلاف نسمة حسب الإحصاءات الرسمية.
“معر شورين” اعتبرها البعض شركة كبيرة واحدة تصنع كافة المنتجات على المستوى المحلي وتصدرها إلى الدول المجاورة الكبيرة مثل تركيا، وفيها شركات لها موكلين بالدول المجاورة كشركة دوار الشمس لصناعة الحصر البلاستيكية، حيث يقول صاحبها طه ترمان:” إننا مستعدون لتلبية طلبات الزبائن داخل وخارج القطر، ونمنح شهادات خبرة لعمالنا بالمجال التصنيعي للمكنات، ولنا موكل بلبنان يسوق منتجاتنا”.
تداولت تلك البلدة العديد من الصناعات التي تنفرد بها بين المحافظات السورية، إلا أن لها مع صناعة الحصر البلاستيكية قصة قديمة تعود لسنين قديمة، حيث تحكي لنا أم أحمد :” في البداية كنا نعمل بهذه المهنة داخل منزلنا نحن النساء، وكان نبات البردي المصدر الأساسي لتصنيعها، وله أنواع منها القش العمقي نسبة لسهل العمق موطن هذه النباتات والقش الجزراوي، ومن ثم انتقلت صناعتها عبر الرجال مع التطور الصناعي الحاصل إلى ورشات عمل صغيرة خارج المنزل لتغدو بعدها مهنة واسعة الانتشار ضمن معامل عديدة وبمعدات حديثة”.
إن تلك البلدة الصغيرة جغرافياً، باتت شهيرة صناعياً ومصدر فخر لأصحاب تلك المعامل يتباهون بعملهم بكل فخر، عبد الجواد مصطفى صاحب أحد معامل الحصر يقول لموقع إدلب:” لديّ ستة عمال يعملون بالتناوب بحيث يستمر العمل أربعة وعشرين ساعة متواصلة على مدار الأسبوع، وأما عن الإنتاج فهو يصل إلى ما يقارب (350) متر يومياً من حصر البلاستيك”. يتابع ليشرح آلية العمل والمواد الأولية الداخلة بتصنيع الحصر فيقول:” هي عبارة عن حبيبات (بولي بربلين) يتم تحويلها إلى قش بلاستيكي مفرغ من الهواء عن طريق الصهر مع إضافة الأصبغة الملونة، ومن ثم يتم إدخال هذا القش مع الخيوط في ماكينة النسيج المصنوعة محلياً في مدينة حلب، والتي تحول هذا القش إلى حصر بلاستيكية”.
يستمر العمل والإنتاج ليل نهار في المعامل كافة، مما استوجب على مديري المصانع أن يجذبوا أكبر عدد ممكن من العمال القاطنين داخل قريتهم والمجاورين لها، متزامناً جذبه لهم بحوافز عديدة ميسرة مشجعة. أبو عبدو عامل بأحدها وهو معيل لخمسة أطفال يتقاضى 15 ألف ل.س، راضٍ تماماً عن عمله لأنه غير متعب، وراتبه يعوض الجهد البسيط المبذول. لكن ومع توالي سنين الحرب، أصبح معظم أصحاب المعامل يشتكون من انقطاع الكهرباء واستعمالهم مولدات كهربائية تجعلهم يصرفون مالاً كبيراً عند تشغيلهم لمكنات المعمل كلها، أيضاً يتذمرون من عدم التوازن بين العرض والطلب، بسبب غلاء المواد المرتبطة بتقلبات النفط وأسعاره، وفقر السكان نسبياً في الداخل السوري، مجبرين لاعتماد الأسواق الخارجية لتصريف منتجاتهم فيها.
لا نستغرب من قرية صغيرة أن تكون سوقاً كبيراً ومستمرة بالعمل معروفة على نطاق واسع، بما أن اليد العاملة بها يد سورية، اعتادت مقاومة كل الظروف والصعاب، متحدية قساوة العيش بتصميمها الكبير على متابعة الحياة.
محار الحسن ـ المركز الصحفي السوري