يعيش أهالي المنطقة الغربية في محافظة درعا حصاراً أدى إلى نفاد كامل للمواد الأولية، وفي مقدمتها الطحين، المادة الأساسية في صناعة خبزهم اليومي؛ جراء المعارك المستمرة بين لواء شهداء اليرموك، وتحالف فصائل المعارضة المسلحة.
ومنذ أكثر من شهر تدور على تخوم معاقل لواء شهداء اليرموك، المتهم بمبايعة تنظيم “الدولة” من جهة، وبين تحالف الجبهة الجنوبية للجيش الحر، وجبهة النصرة، وأحرار الشام، من جهة أخرى، معارك ضارية، حيث يسعى التحالف الذي أطلق معركته تحت “راية دار العدل في حوران” إلى إنهاء وجود لواء شهداء اليرموك في محافظة درعا.
مواطنون عبروا لـ”الخليج أونلاين” عن خيبة أملهم من أن “الإنسانية تبدو غائبة أو مغيبة عن أوضاعهم وسماع شكواهم، وكأن حياة نحو 50 ألف مواطن في المنطقة لم تعد تعني أحداً، لا في خارج المحافظة، ولا في داخلها، على الرغم من ارتفاع أصوات الاستغاثة لفك حصار لم تشهده المنطقة منذ انطلاق الثورة السورية قبل 5 سنوات ونيف”.
يقول محمد، وهو مواطن من تلك المنطقة: “إن المنطقة الغربية التي تخضع لسلطة لواء شهداء اليرموك خلت من كل مظاهر الحياة الاعتيادية؛ بسبب منع دخول وخروج المواد الأساسية منها وإليها، نتيجة الاشتباكات والحواجز التي أقامتها الأطراف المتقاتلة”.
ولفت إلى “أن المنطقة لم يدخلها منذ أكثر من 15 يوماً أي مواد جديدة، وأن المحال التجارية نتيجة عدم توفر المواد أغلقت أبوابها، حيث لم يعد هناك لا زيوت، ولا طحين، ولا رز، ولا ملح، ولا سكر، ولا أي مواد أخرى، وبات الناس يستخدمون السكرين الخاص بمرضى السكري، ويعيشون على بعض الخضار الموسمية التي تنتجها المنطقة”.
أبو علي، عضو لجنة الإغاثة في المنطقة الغربية لدرعا، لفت إلى أن اللجنة “لم تستطع تأمين مادة الخبز للمواطنين ليوم الاثنين، التاسع من مايو/أيار؛ بسبب عدم توفر مادة الطحين، ومنع دخول المشتقات النفطية إلى المنطقة”.
ولفت أبو علي إلى أنه منذ اشتداد المعارك بين جبهة النصرة من جهة، ولواء شهداء اليرموك من جهة أخرى قبل عام، “لم يدخل المنطقة الغربية أي سلة غذائية إغاثية، وهو ما جعل الناس تعاني شحاً كبيراً في المواد الأساسية”.
وبيَّن أنه إذا استمر الوضع على حاله فإن “اللجنة عاجزة عن تأمين الخبز الذي توزعه على المواطنين كل ثلاثة أيام مرة”.
وفي سياق متصل أعلن المشفى الميداني في المنطقة الغربية لدرعا توقفه عن إجراء بعض العمليات الجراحية، ومنها “البسيطة”؛ بسبب عدم توفر الإمكانات الطبية اللازمة لذلك.
وأكد محمد، وهو معاون صيدلي، لـ”الخليج أونلاين”، أن “كثيراً من الأدوية – ولا سيما الخاصة بالأمراض المزمنة – أوشكت على النفاد؛ بسبب عدم دخول بدائل عنها إلى المنطقة الغربية، نتيجة إغلاق الطرق”، لافتاً إلى “فقدان حليب الأطفال من صيدليات المنطقة وأسواقها، وهو ما يشكل سابقة شديدة الخطورة”، حسب قوله.
من ناحية أخرى أكد عبد الرحمن، وهو معلم مدرسة، أن “سعر لتر البنزين يباع لدى التجار ضعاف النفوس بألفي ليرة سورية في المنطقة الغربية، في حين أنه يباع في المناطق الخاضعة للجيش الحر، والمفتوحة على مناطق دخول وخروج البضائع، بنحو 350 ليرة سورية، وأن المازوت يباع بنحو 750 ليرة للتر، وسعره في المناطق الأخرى نحو 250 ليرة سورية”، لافتاً إلى أن “الطرق بين القرى تعج بالمواطنين والأطفال والنساء، الذين يتنقلون سيراً على الأقدام لقضاء حوائجهم”.
– خسائر
وعلى الصعيد الزراعي تكبد مزارعو المنطقة الغربية مبالغ طائلة، وخسائر فادحة؛ بسبب إغلاق الطرق أمام تسويق إنتاجهم الزراعي إلى خارج المنطقة.
ولفت عبد المعطي، وهو مزارع، إلى أن خسائره قدرت بملايين الليرات السورية، وأن تعبه ذهب هباءً، لافتاً إلى أنه “اسـتأجر نحو 20 دونماً لزراعتها بالخيار، والكوسا، والبندورة، كلفته مبالغ كبيرة حتى نضجت”.
وأشار إلى أنه لو “وصلت المزروعات إلى الأسواق لحقق رأسماله وأرباحاً جيدة، لكن إغلاق الطرق أدى إلى كسادها، وبيع بعضها بأقل من كلفة الإنتاج داخل المنطقة الغربية، ما أوقعه بخسائر مادية كبيرة”.
– لا أفق
معطيات الأمور لا تبشر بحلحلة وشيكة للخلافات بين جبهة النصرة ولواء شهداء اليرموك، ويبدو أن الحصار المفروض على المنطقة سيدوم أكثر.
ويبرر العميد عبد الله القراعزة، رئيس المجلس العسكري الأعلى في نوى، قرار إغلاق الطرق أمام السيارات ووسائط النقل من المنطقة الواقعة تحت سيطرة لواء شهداء اليرموك وإليها، بالخشية من استخدامها في تهريب السلاح والسيارات المفخخة، نافياً في الوقت ذاته “مسؤولية فصائل المعارضة عن الحصار المفروض على الريف الغربي”.
واتهم لواء شهداء اليرموك بالاستيلاء على “المحروقات والسلع الضرورية في مناطق نفوذه، تاركاً المواطنين يواجهون مصيرهم”.
ونقل عن الشيخ عصمت العبسي، رئيس محكمة دار العدل في حوران، “إصرار فصائل المعارضة على منع دخول المشتقات النفطية إلى مناطق نفوذ لواء شهداء اليرموك؛ خوفاً من استيلاء اللواء عليها، واستخدامها في تشغيل آلياته القتالية، التي يستخدمها ضد فصائل المعارضة”.
الخليج أون لاين