د . محمد مرعي مرعي
يحاول بعض المتخفّين بلباس ثورة الشعب السوري لا سيما من أبناء الأقليات أو المرتزقة المنتفعين من سلطة آل الأسد طيلة 40 عاما استعراض أوهام تضليلية بضرورة الحفاظ على الدولة السورية ومؤسساتها ، متناسين أنه لو كان هناك دولة أو مؤسسات في سوريا لما كانوا في مواقعهم كونهم من بالونات تلك الدولة التي نفختهم ليصبحوا فنانين أو سياسيين أو رجال أعمال على حساب أصحاب الاستحقاق الفعلي نظرا لانتماءاتهم الأقلوية أو لأدائهم دور مرتزقة السلطة ، ولا يخفى أن تلك الشخصيات عبّرت عن مكنونات برمجة تفكيرها الطائفي أو الارتزاقي في لحظة مناسبة لقبض أثمان تنتظرها فقدتها حينا من الزمن خلال تلك الثورة ، وذلك تجسيدا لقاعدة التعاضد الميكانيكي الطائفي المعلن أو المستتر أو التضامن النفعي لدى المرتزقة ، ويتعامى هؤلاء عن حقائق طردهم سابقا على الملا من نقاباتهم وإداراتهم نظرا لتعبيرهم شكليا عن مواقف متفق عليها مع السلطة المنتدبة ، إذ لو كان هناك ما يسمى دولة أو مؤسسات لما حصل بحقهم ما تم اتخاذه من قرارات ولو كذبا ونفاقا . لذلك ،ينشر هؤلاء ( الطائفيون والمرتزقة ) بالتزامن مع مساعي الترويج للحل السلمي الوهمي من قبل دول معادية للشعب السوري وثورته ، بترافق مع إعادة إنتاج سلطة حكم آل الأسد ، ظاهرة الترويج للحفاظ على الدولة والمؤسسات السورية فيها ، وتوزّع المروجون بين الذين كانوا على هامش قضايا الوطن والمجتمع والشعب السوري أو المنتفعين والمستفيدين من فساد الأجهزة الحاكمة أو متسلقي ثورة الشعب السوري من أصحاب الذقون والسكسوكات المزيفة أو رجال الأعمال الفاسدين الذين يتظاهرون بالتقوى وبالخفاء الذين ارتزقوا من مشروعات وأموال السلطة السورية والائتلاف وملحقاته الفاسدة وأشباهه من التجمعات المسمّاة سياسية .
أقول لهؤلاء كافة بكل وضوح : لم يسمع أحد صوتكم عندما كانت الدولة بمكوناتها تحتضر طيلة 50 عاما حتى وصلت إلى حالة الانهيار التام ، ويجب أن تعرفوا بداية ما معنى الدولة ؟وما معنى المؤسسات فيها ؟ وضرورة عدم الخلط بين الدولة ومؤسساتها وبين التنظيمات والإدارات، إذ أن الدول والمؤسسات تبنى على أسس وركائز علمية وقانونية ومناهج عمل سليمة تعمل بشكل ناجح دون ارتباط عضوي مع من يقودها كونها بنيت لتستمر وتنجح بغض النظر عمن يسيّرها لأنها محكومة بدستور و قوانين ومنظومات ونظم واستراتيجيات وخطط وبرامج صحيحة . في حين أن الإدارات والتنظيمات تعمل شكليا بدستور وقوانين لكن فعليا لا تطبقها وتسير دون أسس وركائز علمية ومنهجية سيما في الدول المتخلفة كحالة سلطة حكم سوريا التي تحكمها دكتاتورية ومرتزقة كونها ترتبط عضويا بعصابة الحكم التي تفرض عليها المسار وطريقة العمل والنتائج والمديرين والموظفين وبالتالي ينتهي بها الأمر إلى الفشل الذريع والانهيار في أي لحظة أو صدمة تواجهها . فعليا،لم تعرف سوريا منذ 50 عاما لا دولة ولا مؤسسات بل فقط إدارات وتنظيمات كما شرحتها.
وأذكّر هؤلاء الذين انتحلوا صفة الحرباءات السورية : كفى تلوّنكم وتغيير جلودكم ، فالتاريخ لن يتكرّر معكم لتعيدوا أفعالكم وممارساتكم السابقة ، لقد كشفكم الشعب السوري ، فقط اهتموا حاليا بشؤونكم الشخصية ( السرقات / المكاسب/ الوجاهات ) ولا تتحدثوا عن الحفاظ على الدولة وبناء الدولة والمؤسسات ، لأنكم لا تعرفونها إلا من خلال فسادكم ومزاياكم ولا تعرفون كيف تبنى الدول والمؤسسات ، أنتم عشتم في ظلال إدارات وتنظيمات فاسدة مثلكم في السلطة والائتلاف وأشباهه ، والدولة والمؤسسات ستكون خصما لكم لاحقا وستحاسبكم على أفعالكم القذرة في المستقبل . كفى تضليلا ، من سيبني الدولة والمؤسسات في سوريا المستقبل أشخاص يتصفون بالكفاءة والوطنية والنزاهة والصدق والإخلاص وليس أنتم كطائفيين ومرتزقة وتجار دم .