نشرت صحيفة «نيويورك تايمز» الأميركية مقالا للناشطة السورية المعارضة آليس مفرج سردت خلاله معاناتها داخل سجون نظام الرئيس السوري بشار الأسد. وقالت مفرج: إنه في ربيع عام 2011، انتفض مئات الآلاف من السوريين في احتجاجات للمطالبة بالديمقراطية والحرية ووضع حد لديكتاتورية الأسد، لكن رد النظام كان تصعيد أساليب القمع الوحشية التي اعتاد ممارستها ضد المعارضين السياسيين منذ سبعينيات القرن الماضي، وهي الاعتقال التعسفي والاختفاء والتعذيب.
وتضيف الكاتبة: «عملت مدرسة للغة العربية في ضاحية جرمانا بدمشق، حيث أعيش أنا وزوجي، وكنا ناشطين في حزب المعارضة اليسارية التي تم قمعها لعقود من الزمن. اعتقلت لأول مرة في 20 يوليو 2011، للمشاركة في مظاهرة سلمية في وسط مدينة دمشق. وتعرضت، جنبا إلى جنب مع 6 ناشطين آخرين، للضرب باللكمات والصاعق الكهربائي على أيدي أفراد من الشبيحة، وهي ميليشيا حزب البعث الموالية لعائلة الأسد».
وقالت: إن النظام السوري أعطى هؤلاء البلطجية شيكا على بياض لترويع أي شخص يشتبه في تعاطفه مع المعارضة، وقد أساءوا لنا وعاملونا بقسوة، قبل تسليمنا للشرطة، تم اعتقالنا من قبل فرع الأمن الجنائي – وهي في الواقع، الشرطة السرية – لمدة 12 يوما قبل مثولنا أمام القضاء وإسقاط القضية في نهاية المطاف.
وتابعت الناشطة السورية: مع تدهور الأوضاع الأمنية خلال عام 2012، أصبحت تكتيكات نظام الأسد أشد قسوة، وبحسب بعض التقديرات، اعتقل أكثر من 200 ألف شخص كسجناء سياسيين، بما في ذلك الآلاف من النساء، وحتى الأطفال الصغار.
ويوم 30 ديسمبر 2013، تم اعتقالي مرة أخرى عندما ذهبت إلى مكتب جوازات السفر للتقدم بطلب للحصول على تأشيرة دخول لحضور مؤتمر للمرأة برعاية الأمم المتحدة. وصدر أمر باعتقال زوجي أيضا، لكنه نجح في الاختباء، كما طردت أنا من وظيفتي.
وتضيف: أسوأ شيء حول الاعتقال أنك لا تعرف ما إذا كان ذلك سينتهي، وكان من الممكن أن أُقتل في أي وقت، وقد شاهدت السجناء وهم يموتون من آثار التعذيب كل يوم، وأشعر بأنني محظوظة لكوني على قيد الحياة.
وتشير الكاتبة السورية: كنا معزولين عن العالم الخارجي ودون إمكانية الوصول إلى المحامين، وقضيت أكثر من شهر داخل زنزانة مع أكثر من30 امرأة اعتقلن لاتهامات مختلفة، إما بسبب أنشطة الإغاثة في المناطق المحاصرة، أو لوجود علاقات شخصية أو عائلية مع أعضاء في المعارضة المسلحة، أو نتيجة لتقرير أمني كاذب، وكانت مساحة الزنزانة حوالي 50 قدما مربعا ومظلمة وباردة، ودون تهوية.
وتوضح أن التعذيب كان روتينيا، وأن أي شخص اعتقل في سجون الأسد يعرف هذه التفاصيل، وهناك حوالي 40 طريقة موثقة للتعذيب، بما في ذلك تعليق السجناء من أذرعهم من السقف، والصدمات الكهربائية والضرب والحرق بالسجائر وسحب الأظافر، وكانت صرخات التعذيب لا تطاق، كدت أن أفقد عقلي هناك.
في زنزانة مجاورة كان هناك أكثر من 60 رجلا، وبغض النظر عن التهمة، كان الحراس يضربوننا جميعا وينعتوننا بالإرهابيين، وقد توفي بعض المعتقلين وتقلص عددهم، ثم حل محلهم آخرين، واضطر بعضهم للنوم بجانب جثث القتلى وانتشرت أمراض الطفح الجلدي والالتهابات.
وتضيف: إنني محظوظة فلم أتعرض للأذى الجسدي، على عكس الطبيبة التي سجنت معي والتي اتهمت زورا بخطف جندي في الجيش السوري، فقد علقوها من شعرها بدلا من معصميها، وغطسوا جسدها بالماء البارد وصدموها بالكهرباء حتى فقدت الوعي لعدة أيام. تم استجوابنا لساعات طويلة، وسبب لنا المحققون حالة من الإجهاد طوال الليل والنهار، عصبوا عيني وكبلوا يدي، وسحبوني إلى غرفة التحقيق، وواصل المحقق صفعي على وجهي مرة تلو الأخرى، وطلب مني التوقيع على ورقة فارغة أضاف إليها لاحقا اعترافات كاذبة.
وأشارت إلى أنها قضت في هذا الاعتقال الثاني حوالي 40 يوما وتم نقلها من مرفق إلى آخر، حتى تم الإفراج عنها في واحدة من «المصالحات»، وهو اتفاق لوقف إطلاق النار بين الجيش والمتمردين.
وتتابع الناشطة: هذا غالبا ما يحدث بعد أن يقوم النظام بمحاصرة منطقة ويعرض سكانها للموت جوعا.. نطالب- نحن الذين عانينا داخل سجون الأسد- المجتمع الدولي بالوقوف ضد الوحشية الكارثية في سوريا، والضغط على جميع الأطراف لاستئناف المفاوضات السياسية على أساس محادثات جنيف للسلام 2014.
وأضافت: يجب أن تكون الخطوة الأولى وضع حد لأعمال القتل والاعتقال والاختفاء، ويجب السماح للمراقبين الدوليين بزيارة السجون لرصد حالة المعتقلين.
وختم الكاتبة مقالها بالقول: رغم الوضع الأمني المتردي، أنوي أن أعود إلى سوريا إذا سنحت الفرصة. في نهاية المطاف، يجب وضع حد لهذا النزاع المسلح الرهيب، وأن يكون للمرأة السورية، دور في التفاوض بشأن اتفاق نهائي.