على بعد 45 كم من العاصمة السورية دمشق حيث تقبع مضايا البلدة السورية التي يحاصرها حزب الله بسلاح الجوع والألغام والقنص ويمنع الدخول والخروج منها. واليوم يتفشى فيها مرض السحايا وينتشر كالنار في الهشيم.
ينتشر وباء السحايا الجرثومي والفيروسي بعد أن تم إخلاء شابة وطفل؛ تبين إصابة عائلة الطفل “يمان عز الدين ” (مؤلفة من خمسة أشخاص ) بكاملها بهذا الوباء وبسبب ضعف الإمكانات الطبية لعلاج المرضى وعدم القدرة على الحد من انتشار المرض الذي تحول الى وباء يفتك بالمحاصرين، تم إجراء الحَجر الصحي على الحالات.
في حين أعلن الدكتور “محمد يوسف” مدير الهيئة الطبية في مضايا أن مضايا منطقة موبوءة بمرض التهاب السحايا ويتوجب التدخل الفوري للحد من انتشار الوباء. خاصة في ظل النقص الحاد بالكوادر البشرية والطبية، يجد المركز الطبي في مضايا (الذي يعتمد على طبيب واحد وآخر غير متخصص) صعوبة بتحديد المرض والكشف المبكر عنه إلا بعد ظهور الأعراض العامة وبعدها يكون المرض قد اجتاح الجسم ومن الصعب السيطرة عليه.
الهلال الأحمر في مضايا.. ولكن!
بعد المناشدات التي أطلقها المحاصرون في الداخل استجابت منظمة الهلال الأحمر وأرسلت يوم الأحد الماضي فريقاً طبياً مؤلفا من طبيبين وأربعة مرافقين لهما للكشف عن الحالات المصابة بالتهاب السحايا وتقييم الوضع الصحي ل18 حالة بينهم عائلة من خمسة أفراد. وذكر أحد الأطباء الداخلين في حديث للناشطين في الداخل “أن الوضع في مضايا يحتاج لحل جذري وإخراج المصابين ليس حلاً ولن يحد من انتشار المرض”.
صُدم الفريق بتدهور الأوضاع الإنسانية وقد ذكر أحد الأطباء “رائحة المرض تنتشر في مضايا ..أجسادٌ نحيلة وأوضاع إنسانية سيئة”.
في حين طالب الناشطون من وفد الهلال أن يفتحوا ممرات إنسانية آمنة للمدنيين والحالات المرضية للخروج من المدينة، استهدفت حواجز قوات النظام وميليشيات حزب الله المحيطة بالبلدة أطراف مضايا بالقذائف والرصاص أثناء تواجد فريق الهلال الذي عاين الحالات وأكد إصابتها بالتهاب السحايا.
خرج فريق الهلال حاملاً معه آلام المحاصرين وأوجاعهم علّه يستطيع إدخال علبة دواء تخفف من ألم أحدهم، وهاهم أبناء المدينة مازالوا ينتظرون حتى الآن.
ومن جهته نفى المجلس المحلي ما بثّه الإعلام الحربي لفيديو يبيّن دخول سيارات الهلال إلى مضايا وعنونه “دخول مساعدات طبية ولقاحات إلى بلدة مضايا” وأكد أن الفريق الطبي عاين الحالات وخرج فما فعل شيئا وما قدم دواءً.
الحجر الصحي ..هو الحل؟!
وعن أعراض المرض التي ظهرت على الحالات يقول الطبيب “محمد درويش” العامل في طبية مضايا “آلام شديدة في الرأس ترفّع حروري وآلام في العمود الفقري وتصل الحالة أحياناً لعدم القدرة على المشي كما الشابة غادة ” ويردف الطبيب “إن مرض السحايا الجرثومي معدي وقد حذرنا من أن يصبح وباءً عند ظهور حالتين جديدتين بعد إخلاء طفل وشابة.. لكن ضعف الإمكانات يساعد المرض على الانتشار”.
يقول الطبيب درويش “إن الحالات في مضايا صعب التعامل معها كعائلة الطفل يمان عز الدين الذي أخرجه الهلال الأحمر من مضايا في وقت سابق تبين أن العائلة كاملة قد أصابها الوباء فتم نقلهم الى الحَجر الصحي لمنع الاحتكاك بهم خوفاً من العدوى على حد قوله”.
مناشدات..بعيدة المنال!
الناشط عمر محمد وعضو مكتب التوثيق في مضايا والزبداني يقول في حديثه لأورينت نت ” الحصار على مضايا أعادها لعصور قديمة حيث كانت تنتشر الأمراض وتفتك بالناس دون القدرة على إيقافها .. كما كان ينتشر الطاعون المعروف بالريح الأصفر.. اليوم مضايا تعاني من مرض التهاب السحايا وأربعين ألف مدني محاصرون مهددون بالإصابة به “.
وأردف عمر محمد “نناشد الأمم المتحدة والهلال الأحمر ومنظمة الصحة العالمية للتحرك بشكل جاد للحد من انتشار المرض وإدخال فريق طبي يكشف على الأشخاص الظاهرة عليهم الأعراض وعلاجهم بأسرع وقت”.
عدد الإصابات بمرض السحايا حسب الهيئة الطبية في مضايا 18 حالة منهم حالات خطرة جداً تم حجرها صحياً ولم يقدم لهم سوى إسعافات بدائية هي الكمادات الباردة وبعض الأدوية المسكنة، علما أن أحد طواقم المشفى الميداني أصيب أيضاً بالمرض أثناء علاجه للحالات.
تعزو الهيئة سبب ظهور المرض لارتفاع درجات الحرارة وسوء التغذية الذي سبب ضعف مناعة الجسم وجعل من أي مرض مرضا خطيرا يصعب الشفاء منه.
وتلقت الهيئة الطبية وعوداً بإدخال مساعدات لكنها نقضت، بسبب عدم الموافقة من قبل النظام وحزب الله اللذين يحاصران البلدة.
القنص والجوع يحاصران مضايا:
في حين تُمعِن قناصة حزب الله بإصابة المدنيين ذوي الأجساد النحيلة وخاصة الأطفال ففي الأسبوع الأخير من شهر آب تم توثيق إصابة طفل برصاص قناص حاجز العسلي ما أدى لكسر فكّه العلوي وتهشمه وبعده إصابة رجل مسن بصدره، وطفلة أخرى لم تتجاوز 10 أعوام تم إسعافهم في المشفى الميداني ليصبح عدد حالات القنص خلال شهر آب فقط ثلاثين حالة ويزيدون، من قبل قناصة حواجز الطحان والعسلي والآية وعبد المجيد التي تحيط بالبلدة وتطل عليها.
وفي سياق متصل، يكشف ناشطو مضايا عن نقص حاد بالمواد الغذائية إضافة للمواد الطبية حيث قضى أكثر من مئة وعشرين يوماً على دخول آخر قافلة مساعدات إنسانية إليها ما يعيدها إلى الجوع من جديد.
وأكد ناشطون انتهاء المواد الغذائية لدى الكثير من العائلات كالطحين والبقول وأن الأهالي يعتمدون على بعض الخضار الصيفية التي زرعوها وساعدتهم على البقاء خلال أيام الصيف. في حين يتخوفون من تأخر دخول المساعدات ويعود إليهم شبح الجوع.
في حين ﺃﻋﻠﻨﺖ ﺍﻷﻣﻢ ﺍﻟﻤﺘﺤﺪﺓ ﺃﻥ ﺍﻟﻌﻤﻠﻴﺎﺕ ﺍﻟﻌﺴﻜﺮﻳﺔ ﻓﻲ ﺳﻮﺭﻳﺎ، ﺣﺎﻟﺖ ﺩﻭﻥ ﺇﺟﻼﺀ ﺳﻜﺎﻥ ﻣﻦ ﺑﻠﺪﺓ ﻣﻀﺎﻳﺎ ﻓﻲ ﺭﻳﻒ ﺩﻣﺸﻖ ﺍﻟﻐﺮﺑﻲ، ﻭﺳﻂ ﺗﻔﺸّﻲ ﻣﺮﺽ ﺍﻟﺴﺤﺎﻳﺎ ﻓﻲ ﺍﻟﺒﻠﺪﺓ ﺍﻟﻤﺤﺎﺻﺮﺓ .
ﻭﻗﺎﻝ “ﻳﺎﻥ ﺇﻳﺠﻼﻧﺪ” ﻣﺴﺘﺸﺎﺭ ﻣﺒﻌﻮﺙ ﺍﻷﻣﻢ ﺍﻟﻤﺘﺤﺪﺓ ﺇﻟﻰ ﺳﻮﺭﻳﺎ ﺳﺘﻴﻔﺎﻥ ﺩﻱ ﻣﻴﺴﺘﻮﺭﺍ ﻟﻠﺸﺆﻭﻥ ﺍﻹﻧﺴﺎﻧﻴﺔ، ﺇﻥ ﺍﻟﻘﺘﺎﻝ ” ﻣﻨﻊ ﺍﻹﺟﻼﺀ ﺍﻟﻤﺰﻣﻊ ﻟﺴﻜﺎﻥ ﻣﻦ ﺑﻠﺪﺓ ﻣﻀﺎﻳﺎ ﺍﻟﺴﻮﺭﻳﺔ ﻭﺳﻂ ﺗﻔﺸﻲ ﻣﺮﺽ ﺍﻟﺘﻬﺎﺏ ﺍﻟﺴﺤﺎﻳﺎ”.
ووجه ناشطون نداءات استغاثة للحد من قتل المدنيين بالمرض والجوع والقنص علّ نداءتهم تلقى أذناً صاغية تسمعها وتناصرها بعد مرور 15 شهراً على الحصار المميت.
نور أحمد – المركز الصحفي السوري