تداولت وسائل الإعلام العالمية، خبر إمكانية ضرب الولايات المتحدة للنظام السوري وإجباره على الجلوس على طاولة المفاوضات، بل ذهبت بعض الوسائل لأبعد من ذلك لتتنبأ بإمكانية ضرب قواعد روسية في سورية وفي البحر الابيض المتوسط.
الحقيقة التي يحاول الكثير تجاهلها وهي أن الإدارة الأمريكية على الأقل الحالية هي المستفيد الأكبر من الوضع الحالي في سورية، وهي ليست مع أي حل فيها إن كان سياسيا او عسكريا.
فقد صرح مرارا الساسة الأمريكيون بأنهم يسعون لخفض مستوى العنف ومحاربة الإرهاب فقط وتمسكوا بهذا الخيار ولم يتمسكوا بأي خيار آخر رغم أن مطالب السوريين وأصدقائهم القلائل لديهم الكثير منها، التي يسعون لتحقيق ولو جزء منها.
وفي ظل تهاون الموقف الأمريكي بالملف السوري يزداد الموقف الروسي المتمسك بنظام بشار الأسد والمستمر بحملته الدعائية التي تروج للقوة الروسية الصاعدة والترهيب من الإرهاب، بل وأحيانا تسعى للتهويل بقوة الثوار الذين لاحول لهم ولا قوة وتسعى لإظهار الثوار بحلب بأنهم في موقف قوة ويمتلكون مضاد طيران أو أسلحة فتاكة، لشرعنة ضرب المدنيين بكل أنواع الأسلحة ولإظهار قوة خصمها وبالتالي إظهار قوتها وتبرير فشلها بتغيير خارطة الصراع في سورية.
أما الأمريكان فنستطيع أن نبرر موقفهم من القضية السورية بعدة أسباب، أهمها جعل الساحة السورية ساحة صراع إقليمي ودولي تستنزف بها أغلب القوى الصاعدة، وبالتالي تحقيق مكاسب على المدى القريب والبعيد كبيرة لم يحلم الأمريكان بيوم من الأيام من تحقيقها، دون أن ” يفركش أي عسكري أمريكي قدمه في سورية ” ودون أن تدفع دولارا واحدا، فما تقدمه الآن تجد من يدفع ثمنه دون عناء.
وثاني التفسيرات للتخاذل الأمريكي أمام الكارثة السورية، هو إجبار جميع المتقاتلين في سورية بالتوجه لها وأن تكون نقطة الفصل بيدها في نهاية المطاف، حتى الروس بعد هذا الاستنزاف والخيبة التي يواجهوها بسوريا باتوا ينتظرون الأمريكان، ويستجدونهم لبدء المساومات حول أوكرانيا أو الدرع الصاروخي والنفط والكثير من الملفات التي حضرها الروس لطرحها على طاولة المساومة الدولية، لكن المؤكد بأن الإدارة الأمريكية مرتاحة للوضع الحالي وليس لديها أي نية للتغيير.
أما الأنظمة العربية فهي تنام في العسل وغائبة عن كل المعادلات ماعدا معادلة دفع الفاتورة، فهي تمر بأسوء أيامها وتعاني من ضعف وترهل، لذلك لن يستطيعوا أن يفرضوا أي حل أو أن يكون لهم دور في تخفيف الثمن الباهض الذي يدفعه السوريون من دمائهم، ولايستطيعون أن يفعلوا شيئا لنظام يصر على الحل العسكري وإعادة تعويم نفسه واستعادة الشرعية المفقودة، بمساعدة إيران التي تعتبر القتال في سوريا هو قتال مصيري يحدد مصير مشروعها القديم الجديد.
كلمة العدد