منذ ثلاث سنوات تقريباً تعاني المناطق المحررة في ريفي إدلب وحلب وبعض المناطق المحررة الأخرى من عقوبة قطع الكهرباء عنها, في أسلوب ينتهجه النظام ووزارة الكهرباء التابعة له؛ باعتبار الكهرباء أحد مصادر المعيشة الأساسية التي ينظر إليها النظام على أنها عصب الحياة في المناطق المحررة, واستكمالاً لخطته المكشوفة باستهداف مصادر المعيشة الحيوية في المناطق المحررة كمصادر الماء والكهرباء والخدمات والطبابة والتعليم وغيرها.
عمد النظام إلى قطع التيار الكهربائي عن أرياف حلب ومحافظة إدلب بأكملها، بتحويلها من مصدرها في محطات توليد الطاقة الكهربائية إلى مناطقه, وبذلك يكون النظام قد حقق مكسبين في آن:
المكسب الأول: منذ بدء الثورة في سورية في مطلع العام 2011م والنظام يعاني من أزمات مالية واقتصادية خانقة, بسبب الخسائر الفادحة التي تعرضت لها العديد من قطاعات الإنتاج العامة, بل وحتى العديد من المؤسسات الاستهلاكية والشركات العامة, وفي مقدمتها قطاع الكهرباء, حيث شملت حملة التقنين العاصمة دمشق وبلغت ساعات الانقطاع أكثر من ثماني ساعات, لذلك وجد النظام أن قطع التيار عن المناطق الخارجة عن سيطرته وتوجيهها إلى مناطق نفوذه هي طريقة فاعلة للتقنين وإشعار القاطنين في مناطقه أن الوضع ضمن السيطرة.
المكسب الثاني: هو تعميق معاناة المدنيين في المناطق المحررة, وتكريس حملة عقابهم للضغط على الثورة والثوار واتهامهم بأنهم المسئولون عن كل ما يجري.
وكما عودنا السوريون في كل مرة على امتصاص الصدمات والنهوض بالبدائل من جديد, قامت المجالس المحلية وبعض الجمعيات الأهلية وغيرها, بطرح الحلول المبتكرة ومنها ما يسمى “مولدات الطاقة الكهربائية, أو مولدات الديزل”, حيث تقوم الجهة الراعية للمشروع بتقسيم المدينة أو البلدة أو القرية إلى قطاعات متعددة, وكل قطاع يشمل عدداً من البيوت والمساكن, ويتم وضع مولدة واحدة للكهرباء في كل قطاع, حيث تخرّج الطاقة الكهربائية عبر الأسلاك لقواطع المنازل فيما يعرف محلياً باشتراك “الأمبير”.
وقام بعض المبدعين السوريين في المناطق المحررة والمحاصرة بابتكار طريقة توليد الكهرباء بالاعتماد على طاقة الرياح وهي الطريقة المشهورة في “هولندا”, وانتشرت هذه الطريقة بدرجة كبيرة في بعض قرى ريف إدلب, سيما في قرى جبل الزاوية حيث تتوافر الرياح وتيارات الهواء الفاعلة.
وحديثاً شهدت جميع أرجاء المناطق المحررة انتشاراً كبيراً, لطريقة توليد الكهرباء بطريقة الطاقة الشمسية وتخزينها في المدخرات “البطاريات” ومن ثم تحويلها إلى الشبكة المنزلية, إلّا أن المشكلة الوحيدة في هذه الطريقة هي ارتفاع التكلفة لهذا المشروع المنزلي، بسبب ارتفاع أسعار “الألواح الشمسية”.
ولأن الحاجة أم الاختراع, كان واقع قطع الكهرباء عمداً عن المناطق المحررة سلبيا بكل المقاييس وخصوصاً على المؤسسات الحساسة كالمشافي وغيرها, لذلك لم يقف السوريون عاجزين عن إيجاد البدائل.. وتبقى مسيرة الصمود مستمرة.
المركز الصحفي السوري-فادي أبو الجود