أكثر من 200 حالة ولادة يومية ما بين ولادة طبيعية وعملية قيصرية تحدث في عموم مشافي محافظة إدلب الخاصة والعامة, والمقصود بكلمة العامة هنا هي تلك المؤسسات الطبية الحديثة الناشئة في ظل الثورة السورية, والمدعومة من منظمات عربية أو دولية, أو جهات خيرية سورية, بعد غياب خدمات أغلب المؤسسات الطبية التابعة للنظام في مركز المحافظة, ومراكز المناطق الخمسة الأخرى التابعة لها لأسباب متعددة.
فمن المعلوم لدى الجميع أن تبعات الحرب الدائرة في سورية منذ ما يقارب ست سنوات وحتى اليوم قد طالت جميع المؤسسات الخدمية بشكل عام والطبية بشكل خاص, فضلا عن الحالة المالية المتردية التي طالت أغلب الأسر السورية, إلى جانب ظروف التضخم المالي والبطالة وقلة فرص العمل وغلاء الأسعار, شكلت كل هذه العوامل المذكورة حالة ضغط مالي خانق على الفرد والأسرة في سورية, ومن هنا أصبحت تكاليف الخدمات الطبية والعلاجية المرتفعة نسبيا تشكل هاجسا مقلقا عند السوريين.
وبالعودة لموضوع الولادات نجد أن تكاليف حالة الولادة الطبيعية الواحدة وصلت لحدود 15 ألف ليرة سورية فقط “آجار خدمات المشفى” دون تكاليف الدواء, وأن تكاليف حالة الولادة جراء عملية قيصرية واحدة وصلت لحدود “50” ألف ليرة سورية فقط “آجار خدمات المشفى” دون تكاليف العلاج والدواء المرافقة لها, وتعتبر هذه المبالغ المذكورة مرتفعة جدا بالنسبة للعديد من الأسر السورية التي فقدت مصادر رزقها وبيوتها وأعمالها, ومن هنا نشأت فكرة إنشاء المشافي الخيرية الخاصة بالولادات وأمراض الأطفال.
“أم جاسم” امرأة في الثانية والثلاثين من العمر وهي من قرية شولّين في جبل شحشبو, كانت أنجبت طفلة في مشفى توليد مجاني في مدينة معرة النعمان تقول:
“أنا أم لأربعة أطفال وآخرهم طفلتي الصغيرة البالغة من العمر 5 شهور, أنجبتها بعد عملية قيصرية في مشفى مجاني بالتوليد في مدينة معرة النعمان, والحمد لله لم نتكلف سوى بتكاليف الدواء, ولولا ذلك لكانت تكلفة العملية القيصرية فقط بحدود خمسين ألف, وهذا المبلغ من الصعب على زوجي أن يؤمنه بسبب فقداننا لمصدر رزقنا”.
إذن “أم جاسم” هي إحدى النساء السوريات اللاتي أبدين إعجابهن بفكرة وجود مشافي توليد مجانية وذلك نظرا للتكاليف المرتفعة المرافقة لعمليات الولادة في المشافي الخاصة, ومن هنا نستطيع البناء على هذه الفكرة بهدف توسيعها ودعمها, تقول الطبيبة “فاطمة” العاملة في إحدى مشافي التوليد في إدلب: “للأسف بات عدد من مشافي التوليد الخاصة, مؤسسة ربحية لا تراعي الحالة المادية لأغلب المواطنين السوريين الفقراء, فلذلك نجد أن التكلفة المالية المحددة فيها لحالات الولادة الطبيعية والقيصرية هي مرتفعة, وغير متناسبة مع جهد الكادر وحالة المواطن المادية, لذلك قررت الالتحاق بالكادر الطبي العامل في مشفى التوليد المجاني هذا علّنا نستطيع أن نشعر المواطن الفقير بأن الطبيب إلى جانبه, والحمد لله أغلب أطبائنا العاملين في الداخل لم يوفروا جهدا لخدمة المواطن في ظروف الحرب”.
يذكر أن عددا من المنظمات الداعمة قامت بالتعاقد مع عدد من المنظمات السورية العاملة من أجل إقامة عدد من مشافي التوليد الخيرية والمجانية بهدف تخفيف معاناة الأسر السورية الفتية, وقد لوحظ إقبال عدد كبير من الشبان على الزواج مع انتشار خدمة عدد من هذه المشافي في محافظة إدلب.
المركز الصحفي السوري- فادي أبو الجود