أطفال حرموا معنى الطفولة بعد أن لوثت الحرب أحلامهم البريئة و سرقت منهم ضحكاتهم و ألعابهم ليصبح الشقاء و الألم عنواناً لحياتهم البائسة.
عرف مسرح الأطفال قبل الأزمة بتقديمه عروضاً فكاهية تحمل عبرة في نهايتها لإدخال الفرحة لقلوبهم الصغيرة، و ذلك عبر أداء مجموعة من الأطفال مشاهد تمثيلية هادفة باللغة العربية الفصحى لزرع الابتسامة على شفاههم.
لكن سرعان ما بدلت الحرب مسرح الطفولة الضاحك لمسرح يصور وينقل معاناة أطفال سوريا الذين لا ذنب لهم سوى أنهم ضحايا في لعبة الكبار، و أنهم ولدوا في بلد يقوده نظام لا يكترث لكبير أو صغير، بل جل همه محاربة من نطق باسم الحرية.
ولد مسرح معاناة الأطفال منذ انطلاقة الثورة السورية عبر مشروع سمي ” أثر الفراشة ” بمشاركة بعض الفنانين السوريين والأطباء النفسيين الذين كان لهم دور مهم في معالجة الأطفال من تأثيرات العنف و المصابين ب ” تروما ” الحرب التي أودت بهم خارج حدود بلادهم.
جلال الطويل ممثل ومخرج سوري و أحد الفنانين المؤسسين ل أثر الفراشة، حيث تم اعتقاله أكثر من مرة من قبل قوات النظام بسبب موقفه المناهض لهم و مشاركته في مظاهرات الحرية.
” أثر الفراشة ” عبارة عن عروض فنية في الأردن و لبنان ومصر وتركيا يقدمها مجموعة من الأطفال السوريين الذين تسببت الحرب بإعاقتهم جسديا، ليحكوا قصصهم و يرووا ما فعلته بهم يد الإجرام بطريقة صامتة، فقد تعجز الكلمات أحيانا عن التعبير عما يقاسيه هؤلاء الأطفال، فالصمت قد يكون كفيلا بإيصال معاناتهم للعالم أجمع عبر أجسادهم و أرواحهم القلقة، و من اللوحات التي قدمت ” يا أيها العالم لسنا أرقاما” ” يا الله مالنا غيرك يا الله ” و غيرها من اللوحات المعبرة.
” طلعنا على الحرية” مسرحية ضمت خمسة عشر عرضا مسرحيا في العاصمة الأردنية عمان و كان ريع العرض الأخير لعلاج أطفال سوريا المصابين بالسرطان و للسوريين المحاصرين في الغوطة الشرقية بريف دمشق، و ابتدأ العرض بفقرة غنائية باللغة الانكليزية تتحدث عن آلام أطفال سوريا من تقديم طفلين سوريين.
و من المسرحيات التي قدمت في تركيا ببصمة أطفال سوريا المبدعين ” ادفنونا و أنقذوا البقية ” في مدرسة الرعاية في قرية” قوملو ” التركية، و توجه الأطفال من خلال العرض برسالة لأطفال دوما المحاصرة ” لن ننساكم و ليسقط العالم، الله يحمي أطفال سوريا و غيرها من الرسائل.
رغم صغر سنهم إلا أنهم يمتلكون عقولا نيرة و أذهانا مبدعة و قدرا كبيرا من الوعي و الفهم للواقع الذي فرض عليهم، و رغم حرمانهم من طفولتهم الناعمة إلا أن الحرب أكسبتهم القوة والصلابة في مواجهة صعاب الحياة و مجابهة نظام خرج من قمقمه بعد صرخة حرية نطق بها أطفال الثورة.
سماح خالد ـ المركز الصحفي السوري