شكلت مجموعة من الشباب العراقي فرقة “مسرح الشارع” التي تميزت بتقديم عروضها في المظاهرات المدنية، كمحاولة منها لتوحيد الاحتجاجات وتوجيهها نحو الأسلوب السلمي.
وتأسست فرقة “مسرح الشارع” في مدينة البصرة(جنوبي العراق) منتصف العام الجاري، واتخذت من الأماكن العامة مكانا للقاء أعضائها الذين يبلغ عددهم عشرين شخصا من الفنانين والهواة، موزعين بين ممثلين وكتاب ومخرجين وإداريين.
يقول علي مؤيد -أحد أعضاء الفرقة- “نحن فرقة مسرحية بصرية نمتلك الحب والعشق للمسرح، لكن لم نجد المساحة الحقيقية لتقديم عملنا، ففكرنا بالتقرب إلى الجمهور من خلال عرض أعمالنا المسرحية في الشارع”.
ويضيف مؤيد في حديثه للجزيرة نت “توجهنا إلى تقديم عرض مسرحي أثناء المظاهرات المدنية أمام مبنى محافظة البصرة، يهدف إلى توحيد المطالب والمتظاهرين الذين يتفرقون إلى أكثر من تنسيقية ورأي وهدف”.
خطاب للعامة
ويؤكد زميله علي العبيدي أن مسرح الشارع يتحدث عن هموم الوطن والمواطن، ويتواصل بشكل مباشر مع الجمهور ويبعث رسالته إليه، خاصة أن أغلب الناس لا يحضرون مسرح القاعات، كون العمل إما أن يكون تجاريا أو يحمل أهدافا معينة، بحسب قوله.
نال العرض المسرحي الذي قدمته فرقة مسرح الشارع خلال المظاهرة اهتمام المتظاهرين الذين تفاعلوا معه، وشكلوا سورا وفّر للفرقة مساحة ساعدتها على تقديم عرضها الذي عادت معه الأجواء السلمية مع تصاعد الغضب الجماهيري.
رسالة سلام
يستثمر أعضاء الفرقة الأوقات المناسبة لتقديم أعمالهم خلال المظاهرات، مما يحتم عليهم في بعض الأحيان تأجيل العرض في حال وجود تحركات غير سلمية تقف ضد من رسالتهم التي تقوم على الحفاظ على سلمية المظاهرات والابتعاد عن أعمال العنف والتخريب، بحسب ما يقول حسين الجوهر الممثل المسرحي في الفرقة.
يضيف الجوهر “رسالتنا تقوم على التثقيف بالمطالبة بالحقوق سلميا بعيدا عن التخريب والدمار، لأن أي تخريب يلحق بالممتلكات العامة يكون خسارة لكل أفراد الشعب”.
ويتفق معه في ذلك زميله مصطفى أورك الذي قال “نحاول أن نؤسس للتظاهر السلمي من خلال المسرح الذي اتخذناه أسلوبا جديدا للمطالبة بالحقوق، وننمي من خلاله فكر الشباب وثقافتهم”.
يذكر أن مدينة البصرة تشهد منذ يوليو/تموز الماضي مظاهرات مدنية تطالب بتوفير الخدمات الأساسية ومعالجة ملوحة المياه، إلا أنها رافقتها في بعض مراحلها أعمال حرق مقرات حكومية ومكاتب لأحزاب سياسية، لم يحدد بشكل نهائي المتسبب بها.
ويشير أورك إلى أن الفرقة تواصل تدريباتها لتقديم عروض بمواضيع مختلفة، منها عرض في دار المسنين، وآخر للأطفال المصابين بالأمراض السرطانية؛ كمحاولة للانفتاح على الجمهور وعدم حصر نشاطهم في محيط المظاهرات.
في تاريخ مسرح الشارع
يستعرض الممثل في الفرقة أمجد عبد الأمير تاريخ مسرح الشارع قائلا “تعود بدايات مسرح الشارع في العراق إلى سبعينيات القرن الماضي، حيث كان الفنان سعدي يونس من أوائل الفنانين الذين قدموا أعمالا في هذا المجال، كذلك كان لدينا فرقة عمالية وفرقة ريفية للفنون المسرحية قدمت أعمالا مسرحية في الشارع”.
وأضاف عبد الأمير “أعقبت تلك الفترة تنظيم مهرجانات مختصة بمسرح الشارع، ومن ثم شهد هذا الفن أعمالا عدة، لكن ما يميز فرقتنا عن باقي الفرق السابقة هو التواصل المباشر بين المسرح والجمهور، واستماعنا إلى ما يريد الجمهور وعرضه لهم، فلا يرغب أحد في مشاهدة الأعمال الفنتازية والتراجيدية بقدر ما يرغب في أعمال تحاكي واقعه وتستعرض ما يعانيه من مشاكل حقيقية”.
نقلاً عن: الجزيرة