سعودي يبني مسجد ويسميه مسجد إيفانكا ترامب، وأخر يقوم بتسجيل فيديو يطلب فيه يدها للزواج، وثالث يهدي عمرته الى رئيس الولايات المتحدة الأمريكية دونالد ترامب.
هذه الأخبار إذا وضعتها بجانب تصدر هاشتاج #بنت_ترامب على مواقع التواصل الاجتماعية عشية الزيارة التي كانت مليئة بالرموز الخطيرة على أمتنا بصورة عامة، تستطيع أن تعرف إلى أي درك وصلت أمتنا من التخلف والضحالة والاهتمام بسفاسف الأمور التي يستصغرها أصغر عقل لمراهق لا يعرف من الذكاء أي مقدار.
عندما قرأت هذة الأخبار المؤذية للعقل والقلب، تقطعت نفسي بين شعورين، لا أستطيع أن أقول لك أيهما تغلب على الآخر، الشعور الأول هو الغضب الشديد، والثاني هو الشفقة المشوبة بالحزن العميق.
غضب من الأنظمة التي أخرجت لنا مثل هذة العقليات السقيمة التي لا ترى الأمور إلا من هذا المنظور الغريب، الذي لا يمت إلى العقلانية بأي صلة، بل إن تصنيف هذة النظرة يحتاج إلى متخصص ليحدد الحالة النفسية والعقلية التي أدت بصاحبها إلى التفكير بهذة الطريقة، والقيام بمثل هذة التصرفات.
غضب من الأنظمة التي لم تلتفت لتربية أو تعليم أو تثقيف شعوبها، لأنها ترى في أي من هذا خطرا على وجودها، هذة الأنظمة لو تملك لعاملت الكتب كما تعامل علب التبغ، وكتبت عليها التعليم ضار جدا بالصحة، وأي شئ أضر بصحة نظام استبدادي يحكم بعقلية القرون الوسطى من كتاب ينور الفكر ويرشد إلى الحقيقة، أنظمة تريد من كل أفراد شعبها التفكير بهذة العقليات الغريبة، لأن مثل هذة العقليات من المستحيل أن تطمح أنظارها لمناقشة الحاكم بأمر أمريكا في أفعاله أو أقواله.
أما الشفقة المشوبة بالحزن العميق فشعرت بها تجاه هؤلاء الأشخاص أبطال هذة النكات المبكية التي استهللت بها مقالي، فهؤلاء ضحايا لماكينة عملاقة لم تدخر جهدا في تجهيلهم وطمس هويتهم ورجولتهم، ليبقى الفرد فيهم تائها ضائعا، لا يعلم لأي أمة ينتمي، ولا لأي فريق يولى وجهه، هؤلاء المساكين لا يستحقون أن نغضب منهم، فهم الطرف المجني عليه في هذة المهزلة.
تصور معي شخص يطوف حول بيت الله الحرام، أطهر مكان في الأرض، ويؤدي مناسك العمرة، وأثناء ذلك يهدي العمرة إلى ترامب الرجل الذي لم يكن له هم حتى الأمس القريب إلا سب الإسلام ومعتنقيه، ثم أستهل ولايته بمنع رعايا عدة دول إسلامية من الدخول للأراضي الأمريكية، لولا أن وقف أمامه القضاء، المهم أنك لو حاولت أن تقلب فكرة هذا الواقف أمام الكعبة ليهدي ثواب عمرته الى ترامب، فلن تستطيع الوصول إلى شيء، إلا أن تشفق عليه وتحزن من أجله.
والآخر الذي صور مقطع فيديو وهو داخل مسجد تحت الإنشاء، يقول فيه إنه سيسمي المسجد باسم إيفانكا ترامب لكي تجد في الآخرة ثواب بناء مسجد، ماذا يدور في رأسه؟، ما فكرته عن العقيدة في بلد من المفترض أن شيوخها لا هم لهم الا تدريس أمور العقيدة!!، إذا فكرت في هذا الشخص لن تملك أيضا إلا أن تشفق عليه وتحزن لأجله.
كنت أتمنى أن تكون هذة الأمثلة حوادث فردية لا تدل على اتجاه داخل المجتمع السعودي ولكن المصيبة الكبيرة أن المتصفح لهاشتاج #بنت_ترامب سيصدم بالحجم الحقيقي للمصيبة التي كشفت عنها هذة الزيارة.
حفظ الله أوطان الإسلام وأسأله ألا يؤاخذنا بما فعل السفهاء منا.
علي خيري – ترك برس