ماهر الحاج أحمد – المركز الصحفي السوري
مشفى تشرين العسكري في العاصمة دمشق، مشفى يختص بمعالجة الحالات التي تأتي إليه من عساكر النظام، ولكن هذا كان قبل الثورة، حيث تحول الآن إلى ثكنة عسكرية تملؤها الدبابات والجنود والقناصة، وينقل إليه الجنود الذين يصابون في المعارك مع الثوار لمعالجتهم، كما ينقل إليه المعتقلون في سجون النظام الذي يئنون تحت التعذيب الذي يمارس ضدهم من قبل عصابات الأسد في المعتقلات.
فرغم كل التقارير التي بين من خلالها ناشطون مايحدث داخل هذا المشفى من ويلات وإنتهاكات، ورغم كل الصور والفيديوهات التي تسرب من داخل المشفى والتي توثق جانبا مما يجري فيه، إلا أن هناك حقائق أفظع بكثير لم تكشف بعد، بحكم التستر الذي يمارسه القائمون على المشفى، لإخفاء جرائم أعظم مما يحدث خارجه.
حيث لا ينقل إليه المعتقلون إلا بعد أن يصلوا إلى درجات الموت جراء التعذيب الممنهج الذي يمارس بحقهم داخل قضبان المعتقلات التي لم تكشف إلا الجانب الضئيل من الفظائع والإنتهاكات بحق المعتقلين.
فينقل إليه المعتقل عندما يشارف على لفظ الأنفاس الأخيرة، لماذا؟ لكي يعالج، لكنه لايدري بأن مسلسلا جديدا من التعذيب والإنتهاكات سيمارس بحقه داخل هذا المشفى، فمنذ دخوله وهو يشارف على الموت يستقبل بالضرب والركل وكأنه دميه لا إحساس فيها.
أما طريقة علاجه التي ربما تحتاج لعمليات جراحية جراء الوحشية التي تعرض لها جسده، تعالج بقليل من المعقمات والشاش، وليس الأطباء من يقوم بهذه المهمة ، وإنما يعطى المعقمات ليداوي ويضمد جراحه بنفسه، لكي تكون نسبة شفائه 1 بالألف، فيكون مصيره الموت في أغلب الأحيان.
زكريا طالب في كلية الإقتصاد من ريف إدلب، اعتقل من جامعته وسيق إلى إدارة المخابرات الجوية في المزة، بتهمة تحريض الطلاب للخوج في المظاهرات داخل الجامعة، حيث بدأت بحقه سلسلة من الممارسات الوحشية التي يعجز العقل عن تصديقها حسب تعبيره، حيث وبعد شهر كامل من التعذيب دون إنقطاع لأكثر من عشر ساعات في اليوم، ينهار نهائيا بسبب الجراح المتتالية التي أصابها التعفن ولم تترك موضعا في جسده، إقتيد إلى مشفى تشرين ليعالج، فيقول ما إن دخلت باب المشفى حتى استقبلت بضرب لايقل وحشية عما لاقيت في المعتقل، ورموني في غرفة وأعطوني شاشا لأضمد جراحي بنفسي، ولكن زكريا لم يتحدث عن نفسه بمقدار ماتحدت عن هول مارأى من معاملة لمعتقلين آخرين في المشفى، حيث سرد لنا قصة شاب من الثوار مصاب في أحد المعارك واستطاع عناصر النظام الإمساك به بعد إصابته، فيقول كانت إصابته في بطنه حيث أقدم طبيب وممرضة ليروا حالته بعد رميه لساعات، وعندما علم الطبيب بأن الشاب من الثوار أمر الممرضة بإحضار الملح، وبعد أن أحضرته قام الطبيب بملئ جرح الشاب ملحا وبدأ يخيطه، فيصف زكريا صراخ الشاب الذي هز المشفى كلها، ليغمى عليه بعدها ولا يفيق من إغمائه، حيث مات الشاب وبقي مرمى لساعات قبل أن يأخذوه، وقصص أخرى كثيرة رآها جعلته لايصدق عندما خرج من المشفى حيا.
حيث أن هذا جزء ضئيل مما يمارس بحق المعتقلين داخل هذا المشفى، لايتعدى غرفة واحدة سرد لنا معتقل ما جرى فيها من قصص، هذا المشفى الذي ينبغي أن يكون مسلخا أو مقبرة تستكمل سلسلة الإنتهاكات بحق المعتقل الذي بدأها في سجنه، ليكتب له عمر جديد إذا خرج منه حيا.