لا يمكن لأمريكا فك ارتباطها مع الشرق الأوسط… مصالحها ومسؤوليتها في العالم تفرض عليها البقاء
هل تردد الرئيس الأمريكي في المضي قدماً بتنفيذ وعيده ضد النظام السوري عندما اجتاز «الخط الأحمر» في آب/أغسطس 2013 خوفاً من إغضاب إيران وإفشال المحادثات معها حول ملفها النووي؟ سؤال طرحه الكثير من المشككين في الاتفاق النووي من صقور واشنطن وحلفائها في المنطقة مثل السعودية ودول الخليج.
ولكن المستشار السابق للرئيس لشؤون الشرق الأوسط فيليب غوردون يجيب أن هذا النقد غير صحيح.
وقال في مقابلة أجراها معه جيفري غولدبيرغ في مجلة «ذا أتلانتك» إن «هذا نقد زائف، ففي السنوات التي خدمت فيها في البيت الأبيض وكنت أعمل على الموضوعين نفسهما – إيران وسوريا- لم أشاهد دليلاً.
والأهم من هذا فأنت لا تريد شرحاً لماذا لم يكن الرئيس يرغب بالتورط في وحل سوريا. والجواب الأسهل هو ـ نظرية ريزر أوكام- فهي تصلح هنا فأنت لست بحاجة إلى شرح غير عادي للسبب الذي يدعو الرئيس لعدم التورط في حرب بالشرق الأوسط. فقد كان هذا مبدأً جوهرياً في السياسة الخارجية، وأعتقد أنك لست بحاجة لإيران كي تشرح سوريا. وبالإضافة لكل هذا فمن الناحية العملية لم أسمع هذا». و(تقوم نظرية أوكام وهو فيلسوف إنكليزي عاش في القرن الثالث عشر، على اختيار النظرية ذات الفرضيات الأقل من بين النظريات المتنافسة).
وأكد غوردون أن موضوع إيران لم يطرح في النقاشات التي حضرها واستمرت لمئات من الساعات.
مشيرا إلى أن الرئيس في اللقاءات المهمة قبل اتخاذ قراره للضربة العسكرية ناقش قائمة من الحاجيات من مثل الأساس القانوني لها وما هي تداعيات العملية الحربية والدبلوماسية وما إلى ذلك. ولم يقل الرئيس في أي مرحلة «حسناً لو قمنا بهذا فلا أعرف ماذا سيحدث للمفاوضات مع إيران».
قواعد اللعبة
وجاءت مقابلة غولدبيرغ في نقاشات مع غوردون الذي شغل منصب مستشار الرئيس لشؤون الشرق الأوسط في مجلس الأمن القومي في الفترة ما بين 2013- 2015 حول المقابلة المهمة التي أجراها غولدبيرغ مع أوباما الشهر الماضي ونشرها تحت عنوان «عقيدة أوباما» والتي حاول فيها عرض الطريقة التي ينظر فيها الرئيس لمشاكل الشرق الأوسط والعالم.
ففي تلك المقابلة تحدث أوباما عن قرار التخلي عن ضرب سوريا بعد قيام بشار الأسد باستخدام السلاح الكيميائي في الغوطة الشرقية التي راح ضحيتها أكثر من 1.300 شخص. وفي المقابلة تحدث أوباما عن شعوره بالفخر لعدم المضي في الضربة العسكرية.
وفسر غولدبيرغ أن القرار هو تعبير عن موقف أوباما ومحاولته تحدي «قوانين اللعبة» في البيت الأبيض التي يرى أنها «معسكرة» بشكل مبالغ فيه ويستخدمها الرؤساء بشكل مفرط. ومع ذلك يرى غوردون أن رئاسة أوباما تظهر «صعوبة تحدي قوانين اللعبة، وفي حالته فالتحدي محدود. وعليه فهو يفتخر بأنه مستعد لمقاومة الضغط المحتوم عليه عندما يريد فعل أمور. ففي ليبيا فحدسه كان هو مقاومة الضغط. وكنت في حينه بوزارة الخارجية وأتذكر أنني ذهبت لنادي اللياقة في واحدة من الليالي التي كان هذا الأمر يناقش فيها. وشاهدت مقابلات مع سناتورات حول منطقة الحظر الجوي. وقلت لنفسي: سنذهب إلى هناك، فهذا هو قانون اللعبة في واشنطن. وأظهرت شبكة سي أن أن أشخاصاً يقتلون ونواباً يتحدثون عن ضعف الإدارة».
لا بد من قواعد اللعبة
ويرى غوردون أن الإدارة عادة ما تتبع قوانين اللعبة، مشيراً إلى أن الرئيس قرر نشر عدد مهم من القوات في أفغانستان وتحت ضغط ما يمكن اعتباره قوانينها.
وحتى في سوريا التي قدمها الرئيس على أنها أهم مثال لتحدي قوانين اللعبة «فقد تدخلنا في سوريا وانخرطنا في جهود تغيير النظام وقدمنا الدعم للمعارضة وعملنا مع الحلفاء في المنطقة لتحقيق هذه الأجندة».
ويضيف أن حدس الرأي العام قد يكون مختلفاً عما تفكر به مؤسسة السياسة الخارجية إلا أن هذا لا يكفي كي يغير أو يتحدى قواعد اللعبة، فهناك كونغرس ورأي عام وحلفاء وإعلام. ولا يعتقد المستشار السابق أن الرئيس يخادع نفسه ولكنه يعرف دينامية الأمور ويفهم أكثر من أي شخص آخر صعوبة تحدي قواعد اللعبة.
وسوريا هي أوضح مثال على هذا. ففي لقاءات «غرفة الأزمة» بالبيت الأبيض الوضع مختلف حيث يستمع الرئيس لما ينقله له وزير الخارجية عن ضغط الحلفاء بالمنطقة. ففي الحالة الليبية جاء الضغط من الحلفاء الأوروبيين ودول الخليج. وفي سوريا جاء الضغط من دول الخليج والاوروبيين. وفي الوقت نفسه ينقل مدير المخابرات ـ سي آي إيه ـ صورة أخرى عن الوضع الإنساني أما مدير الإتصالات فينقل لك رد فعل الإعلام والأمر نفسه يقول لك مستشارك لشؤون الكونغرس إن النواب يريدون تحركاً.
وهو ما يجعل ما يرغب بتحقيقه الرئيس وما تريده المؤسسة أمراً معقداً. ويعتقد غولدبيرغ أن غوردون رجل «موال» لرئيسه العدمي في نظرته لقدرة الولايات المتحدة على تغيير مسار الشرق الأوسط. ولهذا فقد عرف بما يمكن وصفه «بمبدأ غوردون» الذي يرى محدودية ما يمكن أن تفعله الولايات المتحدة في المنطقة.
ومع ذلك فقد كان مخالفاً لموقف رئيسه من سوريا. فقد ظن أوباما أن تخليه عن الانتقام من النظام السوري هو بمثابة تحد لقواعد اللعبة. وبخلاف هذا يفهم غوردون أن «الدولة العظمى» عندما تقول شيئاً عليها تنفيذه.
ويعبر غولدبيرغ عن دهشته من معارضة المستشار السابق لقرار الرئيس المتعلق بسوريا خاصة أن غوردون معروف في دوائر الأمن القومي بتحذيره من مخاطر التورط الأمريكي فيها. وفي المقابلة سأل غولدبيرغ غوردون عن الخط الأحمر «بدون أن ننكر مظاهر قلق الرئيس عن المنزلق، فقد كان من السهل القول إنها ليست عن تغيير النظام في سوريا وليس عن التورط في حرب سوريا. ولكن عندما تقول الولايات المتحدة إنك لا تستطيع استخدام السلاح الكيميائي فأنت لا تستطيع».
وأضاف»أتقبل أن هناك مخاطر من الوقوع في منزلق لو استخدم السلاح الكيميائي مرة أخرى، ولكن الأسد هو الذي كان سيواجه هذا الخطر، وهذه هي الدينامية التي تواجهها. وعليه، فقد كان علينا أن نزرع في عقله أنه يخاطر باستمراره في امتحان صبرنا. ولا يصب هذا في مصحلتنا وبالتأكيد ليس في مصلحته. وقد كان هذا هدفاً محدوداً أكثر من تغيير النظام». و»أعتقد أنه من ناحية المصداقية والردع فعليك أن تكون مستعداً لعمل أشياء تكلفك».
ويرى مخالفون لموقف غوردون أن عدم المضي بالحملة العسكرية ضد سوريا أثبتت صحة حدس الرئيس خاصة أن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين وافق على التعاون مع الولايات المتحدة لتفكيك الترسانة الكيميائية التي كان يملكها النظام السوري. إلا أن غوردون يرى أن الرئيس أوباما كان يمكنه الحصول على السلاح الكيميائي وإخراجه من سوريا لو نفذ تهديده بضرب النظام. ويفسر قائلاً «كما حصل فقد كنا محظوظين. وفي المرة المقبلة عندما نقول للبعض «هناك تداعيات لو تحركت» ولم نعن ما نقول. وأعتقد أن هناك تداعيات حصلت في أوروبا وآسيا، فمن ناحية المصداقية والردع يجب أن تكون جاهزاً لعمل أمور تكلفك».
الموقف من السعودية
وحول السعودية التي لا يكن الرئيس لها الحب وتشعر أن الرئيس يقوم بتغيير قواعد التعامل معها، أجاب غوردون «هذا مثال آخر حول صعوبة تحدي قوانين اللعبة» و»تظهر بصراحة السبب الذي نتمسك فيه بقواعد اللعبة، لأن سياسات معينة تصب في مصلحتنا. ومهما كان الرئيس يفكر عن السعودية فمن المهم أن يكون للولايات المتحدة علاقات قوية هناك وفي منطقة الخليج بشكل عام. ومهما كان يعتقد شخصياً فهو يتبع سياسات مضى عليها عقود بالحفاظ على علاقات قوية مع منطقة الخليج. ولو فكرت بهذا فماذا سيكون التحدي لقواعد اللعبة مع السعودية؟ هل هو تغيير النظام؟ رفض بيعهم السلاح؟ وهل سيؤدي هذا لنتيجة أفضل؟».
ويفسر غولدبيرغ تصريحات أوباما التي انتقد فيها السعوديين وغيرهم أنها «صرخة إحباط» ويجيب غوردون أن بقاء قوانين اللعبة لها أسبابها «حتى بالنسبة للرئيس الذي يحاول تحديها أكثر من غيره».
مع أن نقاده يقولون إنه تحداها أكثر من غيره كما يبدو في التحاور مع إيران «ولكنها الإستثناء التي تثبت القاعدة» فرغم شجاعة الرئيس فيما يتعلق بالإتفاق النووي إلا أن أمريكا لم تقم بعد علاقات دبلوماسية ولا تجارية مع طهران.
ومقارنة معها تقوم الولايات المتحدة بالتشارك في المعلومات الأمنية مع دول الخليج ولديها علاقات دفاع قوية وتشتري منهم النفط وتعقد معهم لقاءات وقمماً «ففكرة أن أوباما تحول نوعاً ما نحو إيران مبالغ فيها».
دروس ليبيا
وفي السياق نفسه يرى غوردون أن الدروس التي تعلمتها أمريكا من حروب الشرق الأوسط تحد من ما يمكن أن تعمله. فقد قال غوردون «في العراق تعلم الرئيس أن غزواً شاملاً يقود لتغيير النظام لا حظ له من النجاح. وتعلم في ليبيا تعلم أن تدخلاً جزئياً يفضي لتغيير النظام لا ينجح.
وفي سوريا تعلم أن الوقوف جانباً وعدم التدخل لا ينجح». ويفسر المستشار السابق قائلاً إن الرئيس في موقفه كان يحاول فهم الواقع والدعوة للتواضع في التعامل مع هذه المشاكل الكبيرة وأنه لا يوجد حل سهل وبسيط لها.
ولا يرى أن الإدارة الحالية والسابقة طبقت سياسات خطأ بقدر ما أنها كانت تتعامل مع واقع متغير. ففي ليبيا كانت هناك فرصة لتحقيق الإستقرار، على الأقل في المراحل الأولى بعد سقوط النظام «ولكنك عندما تبدأ بفهم أن الليبيين لا يريدوننا، وأنهم يعارضوننا بشراسة ويهتمون بمستقبل ليبيا أكثر مما نهتم فعليك أن تكون قلقاً حول وجود طريق وسط أو نقطة جميلة ناجحة».
ويشير لظروف البلد التي تمنع الاستقرارفقد دمرت مؤسساته على مدار 40 عاماً من الديكتاتورية الرهيبة وانقسم بناء على الخطوط القبلية والطائفية حيث يحاول لاعبون خارجيون متنافسون الإستفادة منها.
ومن هنا «فالاحتلال الخارجي ليس هو الحل وكذا تركهم يتعاملون مع «الوضع» ليس هو الحل. كما أن ترك الديكتاتور في مكانه ليس الجواب بسبب تداعيات بقائه.
وعليه علينا أن لا نتظاهر بوجود حل جيد في ليبيا وأن أوباما فشل بالعثور عليه. لكن أوباما لام حلفاءه البريطانيين والفرنسيين على ما حدث لاحقاً في ليبيا ووصفهم بمن يحبون «الركوب بالمجان» ويجيب غوردون أن العملية العسكرية في جوهرها كانت ناجحة ووفرت فيها الولايات المتحدة قدراتها العسكرية التي لا تتوفر لدى الدول الأخرى.
والجدل يدور حول تخلي الدول التي شاركت بالتخلص من القذافي وإصلاح الوضع. والمسألة بالنسبة لغوردون ليست بهذه البساطة فعندما لا يريدك السكان فلا تستطيع التظاهر أنك تحرص على بلادهم أكثر منهم.
ويذكر بالدرس الفرنسي في الجزائر (موضوع رسالته للدكتوراه) حيث ظلت فرنسا ملتزمة بالبقاء فيها ونشرت أكثر من 400.000 جندي هناك.
سياسة سوريا
ويطبق غوردون الموقف على سوريا التي تراوح فيها رد الإدارة بين «لو فعلنا» و «لم نفعل»، فرغم موقفه من قرار أوباما من «الخط الأحمر» إلا أنه كان من دعاة تخفيف حدة التصعيد حتى لو يتحقق هدف تغيير النظام.
وتحقيق تسوية سياسية في سوريا تظل هدفاً نبيلاً. ويعي غوردون ثمن الفشل في تحقيق تسوية وأثر هذا على مصداقية الولايات المتحدة وعلى أوروبا وسوريا. ويعي في الوقت نفسه دروس فيتنام وأنه لا يمكن التوقف في نصف الطريق. ورغم كل هذا فقد كان من داعمي ضربات محدودة ضد الأسد وهو ما اعتقده أوباما أيضاً الذي حذر في خطابه الذي ألقاه بروز غاردن بالبيت الأبيض عندما قرر نقل الملف للكونغرس من مغبة ترك الديكتاتوريين وأثر هذا على القوانين الدولية.
ولم يغير غوردون من موقفه حتى الآن «فنعم» للغارات ولكنه يتفهم في الوقت نفسه مخاوف الرئيس من مخاطر الإنزلاق في حرب طويلة في سوريا.
وأكد أن التدخل الأمريكي في سوريا لو تم لكان محدوداً ولتحقيق هدف محدد «وليس تغيير النظام» هناك. وفي هذا السياق يعتقد أن مجمل السياسة الأمريكية في سوريا تقوم «على سياسة لها حظ قليل من النجاح وبثمن مكلف».
وأن ثمن البحث عن تخفيف التصعيد والحل الدبلوماسي الذي لا يحقق الهدف النهائي- تغيير النظام هو أقل كلفة من مواصلة سياسة لا تحقق نجاحاً.
ويقول إن السياسة الأمريكية انتهت بهدف لا يمكن تحقيقه أو غير واقعي. ويعتقد أن الرئيس كان شاكاً في السياسة وإمكانية نجاحها. مع أنه لا يوافق غولدبيرغ على أن الرئيس «دعم سياسات لا يؤمن بها ولإظهار أنه كان يعمل شيئاً ما».
ويشير إلى أن الضغط لعمل شيء جاء من الحلفاء والإعلام والكونغرس وهو ما قاد لمواصلة سياسة لم تكن واقعية حسبما اعتقد الرئيس. ويقول المستشار السابق إن الولايات المتحدة انتهت بسياسة «تقوم على تأبيد النزاع ولكنها ليست كافية لحله». وهذا يذكر بالوضع في العراق حيث قررت إدارة جورج دبليو بوش بعد سياسات احتواء ومناطق حظر جوي أن الحل الأفضل هو الغزو وتغيير النظام واستبداله بآخر ليفشل الغزو.
وهو ما حصل في ليبيا نفسه التي واصل فيها النظام مجازره رغم تدمير طائراته. ويدعم غوردون استخدام القوة لتحقيق اهداف معينة ـ احتواء- فقد دعم حملة بيل كلينتون الجوية في كوسوفو. فبعد 76 يوماً وآلاف من الغارات خرجت القوات الصربية من كوسوفو وهو الهدف الذي كان الغرب يريد تحقيقه. ويعتقد أن عملية محدودة مثل هذه ليست ممكنة في سوريا إن كان الهدف تغيير النظام.
لسنا مسؤولين عن مشاكل المنطقة
وعليه يتفهم شكوك الرئيس أوباما حول ما يمكن تحقيقه في الشرق الأوسط. فالمنطقة تمر بتحولات مهمة لا يد لأمريكا في الكثير منها «فنحن لم نبدأ الربيع العربي». والمفارقة هي أن ثورات الربيع وتغيير الأنظمة كانت أجندة بوش وليس أوباما «ولم تكن سياسة الولايات المتحدة ولكن الرئيس قرر دعمها».
ويضيف لهذا الخلاف السني- الشيعي والإسلامي- غير الإسلامي وهي نزاعات لا علاقة لأمريكا فيها و»لهذا فأنا متعاطف مع حذر وتواضع الرئيس وهو محق في حساسيته من تداعيات كل شيء نقوم به».
وفي الوقت الذي يركز نقاد الإدارة على تقويتها لإيران يقول غوردون «تذكر أن تغيير النظام في العراق الذي لم يضع البلد فقط تحت سيطرة إيران بل وأشعل التوترات الطائفية وحرف ميزان القوة نحو الشيعة وأسهم في صعود تنظيم القاعدة وتنظيم الدولة».
وهو يعتقد أن فكرة عدم أهمية الشرق الأوسط التي وردت في مقابلة الرئيس مع المجلة غير صحيحة. فالمنطقة لا تزال مهمة لمصالح الولايات المتحدة و»ليس لديها خيار للتحول عنه» خاصة في ظل مئات الآلاف من الأشخاص الذين يقتلون ويشردون بالإضافة إلى المصالح القومية المجردة.
وهناك الإرهاب الذي يؤثر على استقرار دول المنطقة. وفي النهاية يرى غوردون أن سياسة أوباما في تحدي قواعد اللعبة لم تؤد إلى سياسة خارجية ثورية «فهذه لن تقوم بفعل ما فعلنا في ليبيا ولا التدخل على الإطلاق في سوريا ولا إعادة الإنتشار في أفغانستان ولا نشر قوات خاصة وبأعداد مهمة في العراق ولن تقوم بتقوية الناتو. فرئيس ثوري في السياسة الخارجية كان سيترك الناتو بشكل مطلق. ولم يكن ليفرض العقوبات على روسيا بسبب أوكرانيا ولقام بإعادة تقييم علاقتنا مع إسرائيل أو مع السعودية. فأمور كهذه هي ثورية. وهي ما لم نفعله ولأسباب جيدة لها علاقة بمسؤوليات أمريكا في العالم وكما يفهمها الرئيس».
ومن المهم أن نضع في ذهننا أن الرئيس الذي يتحدث عن تحدي قواعد اللعبة في الشرق الأوسط ملتزم بعلاقات أمريكا مع دول الخليج وكذا إسرائيل.
إبراهيم درويش – القدس العربي
ولكن المستشار السابق للرئيس لشؤون الشرق الأوسط فيليب غوردون يجيب أن هذا النقد غير صحيح.
وقال في مقابلة أجراها معه جيفري غولدبيرغ في مجلة «ذا أتلانتك» إن «هذا نقد زائف، ففي السنوات التي خدمت فيها في البيت الأبيض وكنت أعمل على الموضوعين نفسهما – إيران وسوريا- لم أشاهد دليلاً.
والأهم من هذا فأنت لا تريد شرحاً لماذا لم يكن الرئيس يرغب بالتورط في وحل سوريا. والجواب الأسهل هو ـ نظرية ريزر أوكام- فهي تصلح هنا فأنت لست بحاجة إلى شرح غير عادي للسبب الذي يدعو الرئيس لعدم التورط في حرب بالشرق الأوسط. فقد كان هذا مبدأً جوهرياً في السياسة الخارجية، وأعتقد أنك لست بحاجة لإيران كي تشرح سوريا. وبالإضافة لكل هذا فمن الناحية العملية لم أسمع هذا». و(تقوم نظرية أوكام وهو فيلسوف إنكليزي عاش في القرن الثالث عشر، على اختيار النظرية ذات الفرضيات الأقل من بين النظريات المتنافسة).
وأكد غوردون أن موضوع إيران لم يطرح في النقاشات التي حضرها واستمرت لمئات من الساعات.
مشيرا إلى أن الرئيس في اللقاءات المهمة قبل اتخاذ قراره للضربة العسكرية ناقش قائمة من الحاجيات من مثل الأساس القانوني لها وما هي تداعيات العملية الحربية والدبلوماسية وما إلى ذلك. ولم يقل الرئيس في أي مرحلة «حسناً لو قمنا بهذا فلا أعرف ماذا سيحدث للمفاوضات مع إيران».
قواعد اللعبة
وجاءت مقابلة غولدبيرغ في نقاشات مع غوردون الذي شغل منصب مستشار الرئيس لشؤون الشرق الأوسط في مجلس الأمن القومي في الفترة ما بين 2013- 2015 حول المقابلة المهمة التي أجراها غولدبيرغ مع أوباما الشهر الماضي ونشرها تحت عنوان «عقيدة أوباما» والتي حاول فيها عرض الطريقة التي ينظر فيها الرئيس لمشاكل الشرق الأوسط والعالم.
ففي تلك المقابلة تحدث أوباما عن قرار التخلي عن ضرب سوريا بعد قيام بشار الأسد باستخدام السلاح الكيميائي في الغوطة الشرقية التي راح ضحيتها أكثر من 1.300 شخص. وفي المقابلة تحدث أوباما عن شعوره بالفخر لعدم المضي في الضربة العسكرية.
وفسر غولدبيرغ أن القرار هو تعبير عن موقف أوباما ومحاولته تحدي «قوانين اللعبة» في البيت الأبيض التي يرى أنها «معسكرة» بشكل مبالغ فيه ويستخدمها الرؤساء بشكل مفرط. ومع ذلك يرى غوردون أن رئاسة أوباما تظهر «صعوبة تحدي قوانين اللعبة، وفي حالته فالتحدي محدود. وعليه فهو يفتخر بأنه مستعد لمقاومة الضغط المحتوم عليه عندما يريد فعل أمور. ففي ليبيا فحدسه كان هو مقاومة الضغط. وكنت في حينه بوزارة الخارجية وأتذكر أنني ذهبت لنادي اللياقة في واحدة من الليالي التي كان هذا الأمر يناقش فيها. وشاهدت مقابلات مع سناتورات حول منطقة الحظر الجوي. وقلت لنفسي: سنذهب إلى هناك، فهذا هو قانون اللعبة في واشنطن. وأظهرت شبكة سي أن أن أشخاصاً يقتلون ونواباً يتحدثون عن ضعف الإدارة».
لا بد من قواعد اللعبة
ويرى غوردون أن الإدارة عادة ما تتبع قوانين اللعبة، مشيراً إلى أن الرئيس قرر نشر عدد مهم من القوات في أفغانستان وتحت ضغط ما يمكن اعتباره قوانينها.
وحتى في سوريا التي قدمها الرئيس على أنها أهم مثال لتحدي قوانين اللعبة «فقد تدخلنا في سوريا وانخرطنا في جهود تغيير النظام وقدمنا الدعم للمعارضة وعملنا مع الحلفاء في المنطقة لتحقيق هذه الأجندة».
ويضيف أن حدس الرأي العام قد يكون مختلفاً عما تفكر به مؤسسة السياسة الخارجية إلا أن هذا لا يكفي كي يغير أو يتحدى قواعد اللعبة، فهناك كونغرس ورأي عام وحلفاء وإعلام. ولا يعتقد المستشار السابق أن الرئيس يخادع نفسه ولكنه يعرف دينامية الأمور ويفهم أكثر من أي شخص آخر صعوبة تحدي قواعد اللعبة.
وسوريا هي أوضح مثال على هذا. ففي لقاءات «غرفة الأزمة» بالبيت الأبيض الوضع مختلف حيث يستمع الرئيس لما ينقله له وزير الخارجية عن ضغط الحلفاء بالمنطقة. ففي الحالة الليبية جاء الضغط من الحلفاء الأوروبيين ودول الخليج. وفي سوريا جاء الضغط من دول الخليج والاوروبيين. وفي الوقت نفسه ينقل مدير المخابرات ـ سي آي إيه ـ صورة أخرى عن الوضع الإنساني أما مدير الإتصالات فينقل لك رد فعل الإعلام والأمر نفسه يقول لك مستشارك لشؤون الكونغرس إن النواب يريدون تحركاً.
وهو ما يجعل ما يرغب بتحقيقه الرئيس وما تريده المؤسسة أمراً معقداً. ويعتقد غولدبيرغ أن غوردون رجل «موال» لرئيسه العدمي في نظرته لقدرة الولايات المتحدة على تغيير مسار الشرق الأوسط. ولهذا فقد عرف بما يمكن وصفه «بمبدأ غوردون» الذي يرى محدودية ما يمكن أن تفعله الولايات المتحدة في المنطقة.
ومع ذلك فقد كان مخالفاً لموقف رئيسه من سوريا. فقد ظن أوباما أن تخليه عن الانتقام من النظام السوري هو بمثابة تحد لقواعد اللعبة. وبخلاف هذا يفهم غوردون أن «الدولة العظمى» عندما تقول شيئاً عليها تنفيذه.
ويعبر غولدبيرغ عن دهشته من معارضة المستشار السابق لقرار الرئيس المتعلق بسوريا خاصة أن غوردون معروف في دوائر الأمن القومي بتحذيره من مخاطر التورط الأمريكي فيها. وفي المقابلة سأل غولدبيرغ غوردون عن الخط الأحمر «بدون أن ننكر مظاهر قلق الرئيس عن المنزلق، فقد كان من السهل القول إنها ليست عن تغيير النظام في سوريا وليس عن التورط في حرب سوريا. ولكن عندما تقول الولايات المتحدة إنك لا تستطيع استخدام السلاح الكيميائي فأنت لا تستطيع».
وأضاف»أتقبل أن هناك مخاطر من الوقوع في منزلق لو استخدم السلاح الكيميائي مرة أخرى، ولكن الأسد هو الذي كان سيواجه هذا الخطر، وهذه هي الدينامية التي تواجهها. وعليه، فقد كان علينا أن نزرع في عقله أنه يخاطر باستمراره في امتحان صبرنا. ولا يصب هذا في مصحلتنا وبالتأكيد ليس في مصلحته. وقد كان هذا هدفاً محدوداً أكثر من تغيير النظام». و»أعتقد أنه من ناحية المصداقية والردع فعليك أن تكون مستعداً لعمل أشياء تكلفك».
ويرى مخالفون لموقف غوردون أن عدم المضي بالحملة العسكرية ضد سوريا أثبتت صحة حدس الرئيس خاصة أن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين وافق على التعاون مع الولايات المتحدة لتفكيك الترسانة الكيميائية التي كان يملكها النظام السوري. إلا أن غوردون يرى أن الرئيس أوباما كان يمكنه الحصول على السلاح الكيميائي وإخراجه من سوريا لو نفذ تهديده بضرب النظام. ويفسر قائلاً «كما حصل فقد كنا محظوظين. وفي المرة المقبلة عندما نقول للبعض «هناك تداعيات لو تحركت» ولم نعن ما نقول. وأعتقد أن هناك تداعيات حصلت في أوروبا وآسيا، فمن ناحية المصداقية والردع يجب أن تكون جاهزاً لعمل أمور تكلفك».
الموقف من السعودية
وحول السعودية التي لا يكن الرئيس لها الحب وتشعر أن الرئيس يقوم بتغيير قواعد التعامل معها، أجاب غوردون «هذا مثال آخر حول صعوبة تحدي قوانين اللعبة» و»تظهر بصراحة السبب الذي نتمسك فيه بقواعد اللعبة، لأن سياسات معينة تصب في مصلحتنا. ومهما كان الرئيس يفكر عن السعودية فمن المهم أن يكون للولايات المتحدة علاقات قوية هناك وفي منطقة الخليج بشكل عام. ومهما كان يعتقد شخصياً فهو يتبع سياسات مضى عليها عقود بالحفاظ على علاقات قوية مع منطقة الخليج. ولو فكرت بهذا فماذا سيكون التحدي لقواعد اللعبة مع السعودية؟ هل هو تغيير النظام؟ رفض بيعهم السلاح؟ وهل سيؤدي هذا لنتيجة أفضل؟».
ويفسر غولدبيرغ تصريحات أوباما التي انتقد فيها السعوديين وغيرهم أنها «صرخة إحباط» ويجيب غوردون أن بقاء قوانين اللعبة لها أسبابها «حتى بالنسبة للرئيس الذي يحاول تحديها أكثر من غيره».
مع أن نقاده يقولون إنه تحداها أكثر من غيره كما يبدو في التحاور مع إيران «ولكنها الإستثناء التي تثبت القاعدة» فرغم شجاعة الرئيس فيما يتعلق بالإتفاق النووي إلا أن أمريكا لم تقم بعد علاقات دبلوماسية ولا تجارية مع طهران.
ومقارنة معها تقوم الولايات المتحدة بالتشارك في المعلومات الأمنية مع دول الخليج ولديها علاقات دفاع قوية وتشتري منهم النفط وتعقد معهم لقاءات وقمماً «ففكرة أن أوباما تحول نوعاً ما نحو إيران مبالغ فيها».
دروس ليبيا
وفي السياق نفسه يرى غوردون أن الدروس التي تعلمتها أمريكا من حروب الشرق الأوسط تحد من ما يمكن أن تعمله. فقد قال غوردون «في العراق تعلم الرئيس أن غزواً شاملاً يقود لتغيير النظام لا حظ له من النجاح. وتعلم في ليبيا تعلم أن تدخلاً جزئياً يفضي لتغيير النظام لا ينجح.
وفي سوريا تعلم أن الوقوف جانباً وعدم التدخل لا ينجح». ويفسر المستشار السابق قائلاً إن الرئيس في موقفه كان يحاول فهم الواقع والدعوة للتواضع في التعامل مع هذه المشاكل الكبيرة وأنه لا يوجد حل سهل وبسيط لها.
ولا يرى أن الإدارة الحالية والسابقة طبقت سياسات خطأ بقدر ما أنها كانت تتعامل مع واقع متغير. ففي ليبيا كانت هناك فرصة لتحقيق الإستقرار، على الأقل في المراحل الأولى بعد سقوط النظام «ولكنك عندما تبدأ بفهم أن الليبيين لا يريدوننا، وأنهم يعارضوننا بشراسة ويهتمون بمستقبل ليبيا أكثر مما نهتم فعليك أن تكون قلقاً حول وجود طريق وسط أو نقطة جميلة ناجحة».
ويشير لظروف البلد التي تمنع الاستقرارفقد دمرت مؤسساته على مدار 40 عاماً من الديكتاتورية الرهيبة وانقسم بناء على الخطوط القبلية والطائفية حيث يحاول لاعبون خارجيون متنافسون الإستفادة منها.
ومن هنا «فالاحتلال الخارجي ليس هو الحل وكذا تركهم يتعاملون مع «الوضع» ليس هو الحل. كما أن ترك الديكتاتور في مكانه ليس الجواب بسبب تداعيات بقائه.
وعليه علينا أن لا نتظاهر بوجود حل جيد في ليبيا وأن أوباما فشل بالعثور عليه. لكن أوباما لام حلفاءه البريطانيين والفرنسيين على ما حدث لاحقاً في ليبيا ووصفهم بمن يحبون «الركوب بالمجان» ويجيب غوردون أن العملية العسكرية في جوهرها كانت ناجحة ووفرت فيها الولايات المتحدة قدراتها العسكرية التي لا تتوفر لدى الدول الأخرى.
والجدل يدور حول تخلي الدول التي شاركت بالتخلص من القذافي وإصلاح الوضع. والمسألة بالنسبة لغوردون ليست بهذه البساطة فعندما لا يريدك السكان فلا تستطيع التظاهر أنك تحرص على بلادهم أكثر منهم.
ويذكر بالدرس الفرنسي في الجزائر (موضوع رسالته للدكتوراه) حيث ظلت فرنسا ملتزمة بالبقاء فيها ونشرت أكثر من 400.000 جندي هناك.
سياسة سوريا
ويطبق غوردون الموقف على سوريا التي تراوح فيها رد الإدارة بين «لو فعلنا» و «لم نفعل»، فرغم موقفه من قرار أوباما من «الخط الأحمر» إلا أنه كان من دعاة تخفيف حدة التصعيد حتى لو يتحقق هدف تغيير النظام.
وتحقيق تسوية سياسية في سوريا تظل هدفاً نبيلاً. ويعي غوردون ثمن الفشل في تحقيق تسوية وأثر هذا على مصداقية الولايات المتحدة وعلى أوروبا وسوريا. ويعي في الوقت نفسه دروس فيتنام وأنه لا يمكن التوقف في نصف الطريق. ورغم كل هذا فقد كان من داعمي ضربات محدودة ضد الأسد وهو ما اعتقده أوباما أيضاً الذي حذر في خطابه الذي ألقاه بروز غاردن بالبيت الأبيض عندما قرر نقل الملف للكونغرس من مغبة ترك الديكتاتوريين وأثر هذا على القوانين الدولية.
ولم يغير غوردون من موقفه حتى الآن «فنعم» للغارات ولكنه يتفهم في الوقت نفسه مخاوف الرئيس من مخاطر الإنزلاق في حرب طويلة في سوريا.
وأكد أن التدخل الأمريكي في سوريا لو تم لكان محدوداً ولتحقيق هدف محدد «وليس تغيير النظام» هناك. وفي هذا السياق يعتقد أن مجمل السياسة الأمريكية في سوريا تقوم «على سياسة لها حظ قليل من النجاح وبثمن مكلف».
وأن ثمن البحث عن تخفيف التصعيد والحل الدبلوماسي الذي لا يحقق الهدف النهائي- تغيير النظام هو أقل كلفة من مواصلة سياسة لا تحقق نجاحاً.
ويقول إن السياسة الأمريكية انتهت بهدف لا يمكن تحقيقه أو غير واقعي. ويعتقد أن الرئيس كان شاكاً في السياسة وإمكانية نجاحها. مع أنه لا يوافق غولدبيرغ على أن الرئيس «دعم سياسات لا يؤمن بها ولإظهار أنه كان يعمل شيئاً ما».
ويشير إلى أن الضغط لعمل شيء جاء من الحلفاء والإعلام والكونغرس وهو ما قاد لمواصلة سياسة لم تكن واقعية حسبما اعتقد الرئيس. ويقول المستشار السابق إن الولايات المتحدة انتهت بسياسة «تقوم على تأبيد النزاع ولكنها ليست كافية لحله». وهذا يذكر بالوضع في العراق حيث قررت إدارة جورج دبليو بوش بعد سياسات احتواء ومناطق حظر جوي أن الحل الأفضل هو الغزو وتغيير النظام واستبداله بآخر ليفشل الغزو.
وهو ما حصل في ليبيا نفسه التي واصل فيها النظام مجازره رغم تدمير طائراته. ويدعم غوردون استخدام القوة لتحقيق اهداف معينة ـ احتواء- فقد دعم حملة بيل كلينتون الجوية في كوسوفو. فبعد 76 يوماً وآلاف من الغارات خرجت القوات الصربية من كوسوفو وهو الهدف الذي كان الغرب يريد تحقيقه. ويعتقد أن عملية محدودة مثل هذه ليست ممكنة في سوريا إن كان الهدف تغيير النظام.
لسنا مسؤولين عن مشاكل المنطقة
وعليه يتفهم شكوك الرئيس أوباما حول ما يمكن تحقيقه في الشرق الأوسط. فالمنطقة تمر بتحولات مهمة لا يد لأمريكا في الكثير منها «فنحن لم نبدأ الربيع العربي». والمفارقة هي أن ثورات الربيع وتغيير الأنظمة كانت أجندة بوش وليس أوباما «ولم تكن سياسة الولايات المتحدة ولكن الرئيس قرر دعمها».
ويضيف لهذا الخلاف السني- الشيعي والإسلامي- غير الإسلامي وهي نزاعات لا علاقة لأمريكا فيها و»لهذا فأنا متعاطف مع حذر وتواضع الرئيس وهو محق في حساسيته من تداعيات كل شيء نقوم به».
وفي الوقت الذي يركز نقاد الإدارة على تقويتها لإيران يقول غوردون «تذكر أن تغيير النظام في العراق الذي لم يضع البلد فقط تحت سيطرة إيران بل وأشعل التوترات الطائفية وحرف ميزان القوة نحو الشيعة وأسهم في صعود تنظيم القاعدة وتنظيم الدولة».
وهو يعتقد أن فكرة عدم أهمية الشرق الأوسط التي وردت في مقابلة الرئيس مع المجلة غير صحيحة. فالمنطقة لا تزال مهمة لمصالح الولايات المتحدة و»ليس لديها خيار للتحول عنه» خاصة في ظل مئات الآلاف من الأشخاص الذين يقتلون ويشردون بالإضافة إلى المصالح القومية المجردة.
وهناك الإرهاب الذي يؤثر على استقرار دول المنطقة. وفي النهاية يرى غوردون أن سياسة أوباما في تحدي قواعد اللعبة لم تؤد إلى سياسة خارجية ثورية «فهذه لن تقوم بفعل ما فعلنا في ليبيا ولا التدخل على الإطلاق في سوريا ولا إعادة الإنتشار في أفغانستان ولا نشر قوات خاصة وبأعداد مهمة في العراق ولن تقوم بتقوية الناتو. فرئيس ثوري في السياسة الخارجية كان سيترك الناتو بشكل مطلق. ولم يكن ليفرض العقوبات على روسيا بسبب أوكرانيا ولقام بإعادة تقييم علاقتنا مع إسرائيل أو مع السعودية. فأمور كهذه هي ثورية. وهي ما لم نفعله ولأسباب جيدة لها علاقة بمسؤوليات أمريكا في العالم وكما يفهمها الرئيس».
ومن المهم أن نضع في ذهننا أن الرئيس الذي يتحدث عن تحدي قواعد اللعبة في الشرق الأوسط ملتزم بعلاقات أمريكا مع دول الخليج وكذا إسرائيل.
إبراهيم درويش – القدس العربي