لا يكاد يمر يوم دون أن تتناقل وكالات الأنباء ووسائل الإعلام أخباراً عن الأحوال السيئة التي يعيشها اللاجئون السوريون في بلدان اللجوء ومخيماتها.
وكانت العاصفة الثلجية زينة التي ضربت سورية والمناطق المجاورة فرصة لتسليط الضوء على الحال المزري للاجئين والنازحين الذين فقدوا كل شيء في بلادهم جراء الحرب الدائرة فيها منذ نحو أربع سنوات، حيث اضطرتهم الظروف للسكن في مخيمات تفتقر للخدمات الإنسانية الطبيعية وتقتصر فقط على الضروريات التي لا يجدها السوريون دائماً.
وعلت الأصوات التي تنادي وتستصرخ الضمائر للتبرع لهؤلاء الضعفاء، ودقت الأمم المفوضية العليا لشؤون اللاجئين قبل مدة ناقوس الخطر، وأعلنت أنها ستوقف خدماتها للاجئين السوريين بسبب عدم وجود الدعم الكافي.
دعم مفقود
وكانت المديرة المساعدة لبرنامج الأغذية العالمي “اليزابيت راسموسن”، قد أعلنت في أكتوبر/ تشرين أول الماضي، أن الأمم المتحدة بدأت تقليص مساعداتها الغذائية في سورية بنسبة أربعين في المئة، بسبب مشاكل مالية.
وانخفضت المساعدة الغذائية للاجئين السوريين في لبنان بنسبة تراوح بين عشرين وثلاثين في المئة. وفي تركيا، لم يعد يوزع البرنامج مساعدة غذائية في مخيمات اللاجئين السوريين.
وكانت المسؤولة في برنامج الأغذية قالت إن “الموازنة المتوقعة كانت 4,2 بلايين دولار للعام 2014، لكن الحاجات الآن باتت 8,5 بلايين”، موضحة أن الحاجات المالية لسورية وحدها تناهز بليوني دولار.
وبعد مناشدات دولية عديدة أكدت مصادر في المفوضية السامية لشؤون اللاجئين مؤخراً أنه سيتم استئناف توزيع المساعدات من برنامج الغذاء العالمي بناء على إجراءات جديدة وخاصة تغطية الشهرين الماضيين وبالتحديد جميع اللاجئين السوريين المقيمين في المخيمات في الأردن.
وبينت أن جميع اللاجئين المقيمين في مخيم الزعتري ومخيم الأزرق سيحصلون على قسائمهم الغذائية بالقيمة المعتادة وهي 20 ديناراً للشخص الواحد بالإضافة إلى حصتهم من التوزيع اليومي من الخبز وأن جميع اللاجئين المقيمين في حديقة الملك عبدالله والسايبر سيتي سيأخذون قسائمهم الغذائية بالقيمة المعتادة وهي 24 ديناراً للشخص الواحد.
مساهمات دولية
واللافت لكل متابع أن هناك تصريحات كثيرة من الدول في مختلف وسائل الإعلام حول حجم مساعداتها المالية المقدمة للاجئين السوريين، فقد قال وزير الخارجية الألماني “فرانك فالتر شتاينماير” إن بلاده سترفع حجم مساهماتها في مجال المساعدات الإنسانية المقدمة للاجئين السوريين، إلى مبلغ 40 مليون يورو.
كما أعلنت سفيرة كندا في لبنان “هيلاري تشايلز آدامز”، أن بلادها قدمت 750 مليون دولار أمريكي للدولة اللبنانية، مشيرة إلى أن هذا المبلغ لمساعدة النازحين السوريين في البلاد.
أما السفير الأمريكي في لبنان “ديفيد هيل” فقد أعلن، أن بلاده قدمت 617 مليون دولاراً من أجل تأمين حاجات اللاجئين السوريين في لبنان.
وكانت “الإغاثة السعودية” فقد خصصت 44 مليون ريال سعودي للمساعدات الشتوية للاجئين السوريين في لبنان والأردن وتركيا. وبلغت المعونات السعودية للسوريين حتى يوليو/ تموز الماضي 448 مليون دولار في صورة برامج للمتضررين في سورية.
بينما أعلنت “قطر الخيرية” أنها خصصت 36.5 مليون ريال ما يساوي 10 مليون دولار للاجئين السوريين في لبنان وعلى الحدود التركية لمواجهة العاصفة الثلجية الأخيرة.
وقدمت قطر مساعدات مالية ضخمة للسوريين منها 100 مليون دولار في العام 2013، كدفعة أولى فقط.
أما الإمارات العربية المتحدة فقد بلغ إجمالي التبرعات لليوم السادس من حملة “تراحموا”، التي أطلقها صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة، لمساعدة المتضررين من العاصفة الثلجية التي تضرب بلاد الشام، ١٩٥ مليون درهم، بحسب وسائل إعلامية إماراتية.
وواصل الهلال الأحمر الإماراتي توزيع معوناته للمتضررين السوريين في الأردن والمخيمات العشوائية ضمن أربع حملات يومياً.
وفي اللقاء التشاوري للجمعيات الوطنية في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا الذي يستضيفه الهلال الأحمر القطري في فندق كراون بلازا خلال الفترة من 12 إلى 14 يناير/كانون الثاني الحالي تناول ممثل الهلال الأحمر العربي السوري الأوضاع الإنسانية في البلاد، حيث وصل عدد النازحين داخلياً إلى 7.8 مليون سوري، وعدد المتضررين إلى 12.2 مليون.
وفي المقابل فقد تم توفير المساعدات الإغاثية في 80 بالمئة من المناطق الأكثر احتياجاً، كما تضاعف حجم المساعدات ثلاث مرات منذ بداية عام 2013، في ظل تمكن أفراد الهلال الأحمر السوري من الوصول إلى 3.5 مليون شخص شهرياً في المتوسط.
أين المساعدات
بعد كل هذه الأرقام التي هي جزء بسيط من المبالغ التي ساهمت وتساهم بها الدول والمنظمات المدنية والأهلية والخيرية لأجل إغاثة اللاجئين السوريين، يتساءل كل متابع لأحوال اللاجئين السوريين أين تذهب كل هذه الأموال؟ ولماذا لا نكاد نرى أثرها على أرض الواقع؟
ربما لا نستطيع الإجابة عن هذا لكن السفير البريطاني في الأردن “بيتر ميلت” نشر تغريدة قبل مدة على موقع التدوينات القصيرة الاجتماعي “تويتر” قائلاً: “إنه من الجنون أن ترى المساعدات المقدمة للاجئين السوريين تباع في أحد المولات”، غامزاً باتجاه ملف سرقة المساعدات الإنسانية المقدمة للاجئين السوريين في الأردن وبيعها.
ومع أن المتحدثة باسم منظمة الغذاء العالمي دينا القصبي نفَت التهمة قائلة إن “المنظمة تقوم بتوزيع قسائم غذائية على اللاجئين السوريين في الأردن، بعد أن أوقفت التوزيع المباشر للمساعدات على اللاجئين”، إلا أن اتهامات كثيرة توجه بين فترة وأخرى، تدور حول سرقة هذه المعونات، أو على الأقل سوء توزيعها، بحيث لا يصل منها لمستحقيها إلا القليل، لتستمر معاناة اللاجئين السوريين، وتستمر المناشدات للدول والمنظمات والأفراد للتبرع ونجدة الضعفاء.