شهدت المحافظات السورية خلال سنوات الأزمة إهمالاً صحياً نتيجة انشغال السوريين بالحرب والهروب من القصف، لتبدأ الحشرات المميتة بنقل أمراض وأوبئة كان انتشارها محدوداً، لتتحول لخطرٍ يهدد حياة السوري في كل مكان.
لقد انتشر في الآونة الأخيرة في محافظة الرقة شرقي البلاد مرض جعل المنظمات المعنية تقرع ناقوس الخطر للسيطرة عليه، إنه مرض “الليشمانيا”، المرض الذي يعد الأخطر من حيث الانتشار في القرى والبلدات الريفية.
يقول محمد السعد أحد سكان الرقة: “لقد كان لانهيار الخدمات الطبية في المدينة الأثر الكبير على انتشار المرض، فغارات طائرات التحالف دمرت البنى التحتية للمدينة مما أدى لتدفق مياه المجاري في العديد من الأحياء السكنية لتتجمع حولها الحشرات الناقلة للأمراض، فالماء الذي نشربه قد اختلط بمياه المجاري أيضاً ليسبب العديد من حالات المرض المتمثلة بداء الكلب وكذلك الليشمانيا”.
بينما عزا رئيس جمعية الهلال الأحمر الكردي “دلقش عيسى” السبب الرئيسي لانتشار مرض “الليشمانيا” إلى أعمال الذبح والقتل بحق المدنيين التي يرتكبها عناصر التنظيم، فترك الجثث والدماء لأيام في أحياء المدينة يؤدي إلى زيادة عدد الحشرات الناقلة للمرض”.
“الليشمانيا” مرض فيروسي ينتقل عن طريق ذباب الرمل، ولا يعتبر الفيروس قاتلاً ولكنه يؤدي إلى تشوهات على جلد الإنسان وتتطلب فترة طويلة من العلاج قد تصل إلى عام، ويمكن أن تتسبب الأجسام الطفيلية بتغيرات داخل الجسم وتؤدي في بعض الأوقات إلى الموت.
وقد تم اكتشاف أولى الحالات في أيلول 2013 بعد كشف فريق من أطباء بلا حدود عن نازحين من المدينة، حيث سجل أكثر من 500 حالة.
يقول أسعد فواز مسؤول في أحد المشافي : ” مع مرور بعض الوقت على اكتشاف المرض بدأت أعداد المصابين في ازدياد نتيجة إهمال المريض للمعالجة، لقد كان غياب المراكز الصحية التي تختص بالوقاية وعجز أكثر من نصف مستشفيات البلاد عن تقديم الخدمة كاملة من أبرز الأسباب في انتشار المرض، ناهيك عن إهمال التنظيم للشؤون الصحية وهرب الأطباء إلى مناطق بعيدة عن سيطرتهم”.
ويتركز المرض – حسب أطباء – في المنطقة الشمالية من الرقة، وخاصة في منطقة “سلوك” الواقعة شمال شرق المدينة، حيث سجل أكثر من 2500 إصابة في تلك المنطقة فقط، بسبب ارتفاع النسبة السكانية نتيجة هجرة بعض سكان الحسكة نحو الرقة.
وتحدث تقريرٌ لـ”الرقة تذبح بصمت” عن أن العديد من المنظمات الدولية والإقليمية أغلقت مكاتبها بعد سيطرة التنظيم على الرقة وتعرض العديد من كوادر المنظمات للاعتقال أو مصادرة المعدات مما أبعدهم عن العمل لـ”خطورة” العمل.
وقد قام أعضاء الصفحة بدراسة عن عدد الحالات المصابة وتوزيعهم حسب المناطق: فسُجل نحو /500/ إصابة في المدينة، وأكثر من /2600/ في المنطقة الشمالية، و/60/ حالة في المنطقة الشرقية، و /120/ حالة في المنطقة الغربية.
ويستمر الوباء في الانتشار في البلاد السورية، ليصيب يومياً عشرات الأطفال، ويضيف بذلك معاناة أخرى جديدة للسوريين بسبب الظروف الراهنة.
المركز الصحفي السوري – سائر الادلبي