يعتبر القطاع الطبي من أكثر القطاعات تضررا خلال سنوات الحرب في سوريا لعدة أسباب كتوقف معظم معامل الأدوية عن العمل وخروج بعض المشافي عن الخدمة نتيجة تعرضها للقصف والحرق وتدمير أجهزتها، بالإضافة لهجرة أغلب الكوادر الطبية للخارج من أطباء وممرضين ومخبريين.
سبب هذا التراجع تدهورا صحيا للعديد من المرضى الذين تتطلب حالتهم مراقبة دائمة وعناية مشددة، ومنهم مرضى “التلاسيميا” وهو مرض وراثي سببه اضطراب في خلايا الدم عبر انخفاض في عدد كريات الدم الحمراء عن معدلها الطبيعي والتي تتمثل بنقص مادة “الهيموجلوبين” المسؤولة عن حمل الأوكسجين.
ومن أهم أعراض هذا المرض الإحساس بالتعب والضعف العام وضيق في التنفس قد يصل للاختناق، وشحوب في البشرة وتشوهات في عظام الوجه بالإضافة لانتفاخ في البطن وبطء في النمو.
ويواجه قرابة 25 طفلا خطر الموت بسبب الإصابة ب”التلاسيميا” أو ما يسمى أنيميا البحر الأبيض المتوسط في مخيمات وتجمعات النازحين في ريف درعا الغربي خلال العام الماضي، حيث يعاني الأطفال من نقص في العلاج الذي يساعدهم على ممارسة حياتهم الطبيعية كباقي الأطفال، فهم بحاجة لمضخات مخصصة لسحب الحديد من الدم، بالإضافة لإبر خاصة لتلك المضخات إذ يحتاج كل طفل من المصابين بالمرض لإبرة واحدة على الأقل.
أبو فراس من ريف ادلب يقول:” يعاني ابني من مرض التلاسيميا، ونظرا لافتقار المناطق المحررة للمختصين بهذا المرض، اضطر لأخذه كل فترة إلى مناطق النظام ليتلقى العلاج اللازم وتحمل مضايقاتهم على الحواجز، فضلا عن تكلفة العلاج المرتفعة لكن ما جبرني على المر إلا الأمر، قلبي يحترق عليه عندما يصرخ ألما من عملية سحب الدم، وأخبرني أكثر من طبيب أن الأطفال المصابين بهذا المرض يكون الموت مصيرهم في أغلب الأحيان”.
ونظرا للحاجة الملحة لوجود مراكز طبية تهتم بعلاج أمراض الدم الوراثية في المناطق المحررة، تم افتتاح مركز في مدينة الأتارب في ريف حلب منتصف العام الماضي، ويحتوي على مخبر لفحص عينات الدم، ويقدم علاجا للمصابين بفقر الدم الانحلالي والعوزي .
وفي ريف ادلب تم افتتاح مركز يتيم للتلاسيميا في مدينة كفرنبل ويعتبر المركز الوحيد في المنطقة، ويقدم خدماته لأكثر من 200 حالة وبشكل مجاني للتخفيف عن المرضى من التكاليف المرتفعة للقاحات والأدوية والتحاليل.
يقول المدير الإداري للمركز بدر الرسلان نقلا عن راديو فرش : “تم تأمين دواء الدوسفيرال والذي يعتبر من الأدوية النادرة والمفقودة وتم تأمينه عن طريق الأمم المتحدة ونحن قادرون على معالجة أي مرض, كما يوجد طبيب داخلية مختص.”
فوق مصاب الحرب آلام المرض، ومعاناة صعبة يعيشها الأطفال المصابين به، وبأجسادهم النحيلة ووجههم الشاحب يروون صراعهم معه للبقاء، في وقت يوجد أكثر من مئتي طفل مهددون بالموت في ريف حماه الغربي في ظل قطع الطرقات بين مناطق سيرة النظام ومناطق الثوار وضعف الإمكانيات الطبية، فما ذنبهم في حرب هم فيها الضحية الكبرى؟.
سماح خالد
المركز الصحفي السوري