يقف أبومحمد قرب نافذة في مبنى ويرسل من هاتفه النقال رسالة عاجلة إلى شبكة سرية من الزملاء يقول فيها “إقلاع حربي روسي باتجاهكم: انتباه”. بعد لحظات، تعلو أصوات صفارات الإنذار في منطقة واقعة تحت سيطرة المعارضة ويركض السكان للاختباء. والرسائل التي يتداولها أعضاء الشبكة عبر تطبيق “واتس آب” جزء من جهد مشترك بين مجموعة من الناشطين المدنيين وآخرين من الفصائل المقاتلة في مناطق عدة من سوريا يطلق عليه اسم “المراصد”.
ومن مواقعهم قرب مطارات عسكرية تابعة للنظام السوري، يستخدم بعض أعضاء الشبكة أجهزة اتصال لاسلكية وخدمات رسائل هاتفية لتحذير ناشطين آخرين ومسعفين ومقاتلين من طائرات حربية تتجه نحوهم.
ويرصد الناشطون حركة الطائرات الروسية أو السورية وينجحون باعتراض بعض المكالمات والاتصالات المتعلقة بطلعات هذه الطائرات، بحسب قولهم، بواسطة أجهزة رفضوا الكشف عنها. ثم يعمدون إلى محاولة فك شيفراتها لتحديد الجهة التي تقصدها.
ورفض ناشطو “المراصد” الكشف عن أسمائهم أو أماكن تواجدهم لأسباب أمنية. ووافق أبومحمد على التصريح لوكالة فرانس برس باسم مستعار.
ويقول إنه يتواجد بالقرب من موقع للجيش السوري في محافظة اللاذقية (غرب) حيث عمد إلى إطفاء الإنارة من حوله كي لا تكشفه طائرات الاستطلاع الروسية وليتمكن من متابعة رصد حركة الطائرات الحربية.
ويروي أبومحمد: “أعلم متى تقلع الطائرات، وفي اللحظة الذي يحصل ذلك أخبر الناس أنها انطلقت باتجاههم”. وتعمل المراصد بشكل سلسلة، فحين تنطلق طائرة روسية من مطار حميميم في اللاذقية مثلا، يحذر أحد الناشطين زملاءه في المحافظات التي يتوقع أن تتجه المقاتلة إليها، ويعمد هؤلاء بدورهم إلى تحذير الناشطين المحليين ومقاتلي الفصائل. وتستخدم موسكو قاعدة حميميم العسكرية مقرا لقواتها. ويؤكد ناشطون يعتمدون على تحذيرات المراصد أهميتها، ففي محافظة حمص في وسط البلاد يقول حسان أبو نوح إنه يترقب رسائل التحذير حول الطائرات الحربية المتجهة إلى أجواء تلبيسة في الريف الشمالي والتي تتعرض دائما لغارات تشنها الطائرات الروسية والسورية.
وحين تنطلق صفارات الإنذار يبقى أمام المواطنين بين خمس إلى سبع دقائق للاختباء في الأقبية أو الفرار إلى قرى مجاورة.
العرب القطرية