فقد وقع 51 مسؤولا في الوزارة مذكرة داخلية تطالب بشن غارات عسكرية على النظام السوري لحمله على التقيد باتفاق وقف الأعمال القتالية، وكذلك دعمانتقال سياسي دون الأسد.
غير أن توقيت هذه المذكرة جاء ربما في الوقت الضائع، مع توقعات ضئيلة بأن تسهم في تغيير سياسة إدارة الرئيس باراك أوباما التي سترحل بعد سبعة أشهر.
تنبع أهمية مذكرة الدبلوماسيين الأميركيين التي سربت إلى صحيفتي وول ستريت جورنال ونيويورك تايمز، من أنها تدق ناقوس الخطر من التداعيات الوخيمة لترك الملف السوري مشرعا على مصراعيه، دون أت تمارس إدارة أوباما ضغطا حقيقيا قد يفضي إلى تغيير في حسابات النظام السوري.
خيبة أمل
ويقول المتحدث السابق باسم الخارجية الأميركية فيليب كراولي إن المذكرة “مرآة لخيبة أمل لدى الجميع تجاه الوضع الحالي”.
ويضيف كراولي أن تسريب المذكرة التي رفعت عنها السرية المفترضة فيها يؤشر على رسالة يراد توجيهها بأن “الجهود الحالية غير فعالة”.
ويقول المسؤول الأميركي السابق في تصريحات للجزيرة نت إن الإدارة ناقشت خيارات إضافية بشأن الأزمة السورية، ولكنها لا تقترح ضرب قوات النظام السوري كما تدعو إلى ذلك مذكرة الدبلوماسيين.
ويضيف أن “هناك جانبا من الحقيقة في ما ورد في المذكرة وهي أن الأسد لا يشعر بأي ضغط كاف على الأرض”. غير أنه تساءل عن مدى نجاح أي ضربات عسكرية في تغيير حسابات النظام ومن ثم روسيا وإيران، ورأى أن تغيير حسابات النظام مرتبط أساسا بتحقيق المعارضة السورية تقدما عسكريا.
وقد لا تؤدي المذكرة -حسب رأي مراقبين- إلى تغير في السياسية الأميركية، لكنها شدت الانتباه إلى قوة مضمونها من حيث إنها تعكس حنقا غير مسبوق تجاه سياسة البيت الأبيض، عبّر عنه العشرات من المسؤولين المكلفين بتتبع السياسة الأميركية تجاه سوريا، وهو عدد كبير جدا رغم أنه لا يضم دبلوماسيين من الصف الأول.
حسابات الإدارة
تختلف مذكرة الدبلوماسيين عن الآراء المخالفة التي قد يبديها دبلوماسيون ومسؤولون أميركيون في أنها ترفع إلى وزير الخارجية بشكل مباشر، ويجب الرد عليها رسميا في أجل لا يتعدى شهرين.
وصرح مسؤول أميركي بارز بأن ما سيحسم إن كانت هذه المقترحات المتضمنة بالمذكورة ستدرس على مستوى رفيع بالإدارة؛ هو “اتساقها مع قناعاتنا بأنه لا حل عسكري للصراع بسوريا”.
وتعكس هذه القناعة بجلاء سياسة التردد وتجنب المخاطر التي ميزت إدارة أوباما، ويرى المدير التنفيذي للمركز السوري للدراسات السياسية والإستراتيجية بواشنطن رضوان زيادة أنه يجب تقييم هذه المخاطر قياسا على الوضع السوري الآخذ في التفاقم.
ويقول زيادة إن تداعيات ترك الوضع على ما هو عليه ستكون أكبر بكثير مقارنة بتدخل عسكري أميركي قد يحد من آثار الحرب الأهلية السورية على الصعيدين الإقليمي والدولي لجهة الأزمة الإنسانية المتفاقمة، ومسألة اللاجئين أو التهديدات الأمنية لأوروبا.
ويرى زيادة أن الأوان لم يفت بعد لتوجيه واشنطن ضربة عسكرية للنظام السوري، إذ إنها السبيل الوحيد لتغيير الوضع على الأرض. ويضيف في رسالة إلكترونية للجزيرة نت أن التدخل الروسي في سوريا زاد من صعوبة توجيه ضربة عسكرية للنظام.
يشار إلى أنه كان لقناة “المعارضين” في الخارجية الأميركية -وهي وسيلة للتعبير عن الآراء المعارضة لسياسة الإدارة على أن تبقى سرية- نتائج ملموسة في مراحل تاريخية سابقة، ففي تسعينيات القرن الماضي رفع ثلة من الدبلوماسيين الأميركيين مذكرة داخلية دعت إلى التعامل بحزم مع فظائع الصرب في البوسنة.
وعقب المذكرة، قصفت المقاتلات الأميركية مواقع صربية في البوسنة عام 1995، مما أجبر الصرب على الموافقة على اتفاق سلام مع المسلمين والكروات، لكن المراقبين يستبعدون تكرار السيناريو نفسه مع إدارة أوباما.