استوقفني الحاجز قبل عبير وخضعت لتفتيش كامل من قبل إحدى الفتيات المجندات ,كان شعرها مصبوغاً بالأشقر وبشرتها سمراء داكنة ,أما صوتها فكان يثير الرعب بعض الشيء, أخذت هاتفي الجوال وبدأت تقلب فيه وتفحص مابه من صور ومحادثات وجهات اتصال , كنت خائفةً بعض الشيء فوجهها يثير الخوف وصوتها يستدعي الرعب ,وبينما هي تفتش الهاتف إذ بدأت ترمقني بنظرةٍ كنظرة من ظفر بضالته , وابتسمت ابتسامة صفراء واقتربت مني شيئاً فشيئاً…قالت ببرود مفتعل:
(لوين رايحة ياحلوة …ماتكوني رايحة لعند هدوليك وما عم تقولي )
أجبتها: لا أنا رايحة على بيت جدي بالحارة هون
قالت بصوت خبيث: يل ايلا روحي ودير بالك تروحي لعندن منجيبك والله
أخذت حقيبتي ومشيت بضعة أمتار انتظر عبير وأراقب ما يحدث معها عن بعد ….لقد تأخرت الفتاة بعض الشيء, لكن شيئاً ما دفعني لانتظارها .
بدأوا بحقيبتها أولا ,أخرجوا منها جواز سفر وتفحصوا أختام الخروج والدخول جيدا , ثم بدأوا بفتح هاتفيها وتفتيشهما….
اقتربت منها تلك المستشقرة الشمطاء وسحبتها من يدها بعنف إلى داخل غرفة الحاجز, الغرفة كانت مظلمة هذا ما ظهر لي من النافذة الوحيدة للغرفة ….لم أعد أعلم مايحدث في الداخل وبدأت أتساءل : هل سيحدث لها مكروه ؟ هل علي أن أخبر أحداً؟ ماذا علي أن أفعل ؟
قررت أن أقترب لأسأل عنها, مع كل الخوف الذي يتملكني , لكنني سأسأل, على الأقل سأخبر أهلها إن حدث لها أي مكروه .
اقتربت شيئاً فشيئاً من الحاجز, خرج أحدهم من الغرفة تظهر على وجهه ملامح الطيب والأسى …اقتربت منه وقبل أن أنطق بأي حرف قال لي : ( أمشي من هون قبل ما يمسكوكي , بيكفي البنت يلي جوا)
كان يحذرني منهم ..نعم هذا مايعنيه تماماً..قلت له: أريد أن أعرف لماذا أخذتم صديقتي عبير؟
فجأة خرجت تلك المستشقرة وهي تنظر بحدة ,و تقول (أيوااااا يعني أنتو رفقات وبتعرفو بعض , أي تفضلي تاعي لجنبا حبيبتي جيتي على رجليكي)
تسمرت في مكاني ..قلت لها: (أنا بس تعرفت عليها من شوي وحبيت اتطمن عنها…مو أكتر)
قالت و هي تقترب مني : (أي أي بعرف صدقتك و كتيييرأنا )
سحبتني من يدي إلى داخل الغرفة وذاك العسكري المسكين ينظر إليّ بحسرة من لايستطيع فعل شيء.
أدخلتني الغرفة كانت عبير تقف دون خوف وعندما رأتني أصابها الجنون ,دفعت بي إلى جانب عبير وقالت لها : (خدي هي رفيقتك كمان معك)
قالت عبير: (اتركوا البنت بحالا مالا علاقة بشي لا هي رفيقتي ولا بعرفا و أنا مسؤولة عن كل شي )
ردّت تلك الشمطاء باستهزاء (بعد شوي بالفرع بنعرف إذا رفيقتك أو لا وإذا إلها علاقة بشي أو لا )
خرجت الشمطاء وبصوت عالٍ قالت لذاك الطيب …سأتصل بسيارة الفرع كي تأتي وتأخذهم راقبهم جيداً.
نظرت لي عبير باستغراب وقالت لي : (ليش رجعتي وكيف مسكوكي مو فتشوكي وما طلع معك شي )
أجبتها: (رجعت أسأل عنك تأخرتي كتير جوا انشغل بالي )
ردّت عبير: (الله يسامحك ماكان لازم ترجعي هلء نحن التنتين رحنا بخبر كان …الله العالم كيف وشو رح يصير معنا… اسمعي, بعد شوي رح ياخدونا عالفرع شو ما سألوكي هنيك بتنكري وبتشلفي الموضوع علي … أنا هيك هيك علي ألف قصة واتهام وإقامتي السعودية لحالا بتجيب آخرتي لذلك طلعي من القصة انتي )
فاجأتني كلماتها وقبل أن أجيب دخل الشاب العسكري الطيب…نظر لكلتينا وقال :
(ماكان لازم تتركي ياعبير هيك قصص بجهازك وأنت ماكان لازم ترجعي تسألي عنها …هلء رح تجي سيارة تاخدكن لفرع الشرطة العسكرية وهنيك رح تخضعوا لكم سؤال وبعدا انتي بتطلعي ان شالله بس عبير ممكن تطولي لذلك الأفضل تخبري أهلك…هاتي رقم حدا منهن وأنا بتصرف )
أملت عبير على العسكري رقم أمها وطلبت منه أن يخبرها بكل شيء….
جاءت سيارة الأمن وأخذتنا إلى فرع الشرطة العسكرية …في الطريق كنت أظن أنّ الأمر سينتهي في المساء خلال ساعات قليلة …قلت في نفسي لا داعي أن أشغل بال عائلتي سأخرج بعد قليل وسيكون كل شيء على مايرام .
أما عبير فكانت عيناها توحي بشيء آخروكأنها تقول لن نخرج بهذه السرعة .
اتصل العسكري بوالدة عبير وأخبرها بكل شيء وقال لها أن فتاة أخرى معها وأعطاها اسمي بالكامل ورقم هاتف كنت قد زودته به لكنني طلبت منه أن لا يتصل إلا بعد يومين في حال عدم خروجي .
نزلنا من السيارة أمرنا العسكري بالدخول وبقينا ننتظر في الممر المقابل لغرفة المحقق واثنان من العساكر فوق رأسنا يراقبوننا بعينين قاسيتين.
خرج أحدهم من غرفة التحقيق , وقف بجوار العسكري الذي أحضرنا وتحدثا بصوت خافت …ثم طاب مني ومن عبير الدخول إلى غرفة المحقق ,كانت خطواتنا متثاقلة وقلوبنا تدق بسرعة غير اعتيادية ….دخلت عبير قبلي …سمعت صوتاً يرحب بها باستهزاء ( أهلا أهلا منورين والله )
يتبع….
مجلة الحدث – إعداد : ريم حداد خلف القضبان