فشل الرئيس التركي رجب طيب أردوغان في هدف إنشاء منطقة آمنة شمال سوريا لإسقاط نظام الرئيس السوري بشار الأسد على وجه السرعة، فاختزل هذا الهدف في إقامة مجرد مدينة للاجئين كدليل مباشر على خروجه الصادم من معادلات اللعبة الدولية في سوريا، ونهاية حلمه في ان يمتلك مفتاح الحلّ هناك.
وكان اردوغان يهدف لإقامة منطقة آمنة فوق سوريا محمية بحظر جوي تسهر عليه طائرات دول التحالف لمنع طائرت الاسد من قصف اللاجئين الى المنطقة، وهو هدف ربما كان سيسرع بإسقاط نظام الرئيس السوري بشار الاسد في تقدر الرئيس التركي لأنه سيعطي ذريعة قوية لقصف جيشه وإسقاط طائراته على مساحة واسعة الأراضي السورية، كما أن هذه المنطقة كانت ستشكل منطلق قوات المعارضة السورية وتسهل عملياتها القتالية ضد القوات النظامية.
ويقول مراقبون الرفض الغربي وخصوا رفض الولايات المتحدة شكل ضربة قوية لنفوذ الأتراك في الساحة السورية، وبدا ان التنسيق الأميركي الروسي لحل الأزمة السورية قد حب نهائيا من اردوغان أي قدرة على التأثير في الأزمة السورية، كما وجه اليه رسالة قوية مفادها أن طموحه الإقليمي وهو ما يفسره ان واشنطن قد سرعت من وتيرة تقاربها مع روسيا لحلّ الأزمة السورية بالتزامن مع ذروة الأزمة التركية الروسية التي اعقبت إقدام الجيش التركي على مغامرة اسقاط الطائرة الروسية فوق الأراضي السورية.
ويؤكد المراقبون على أن تخلّي أردوغان عن إقامة منطقة آمنة فوق الشمال السوري واختزاله في مدينة تكبر او تصغر يشكل استسلاما للأمر الواقع ولما تمليه التحولات الميدانية والعسكرية على أرض المعارك في الداخل السوري.
وعبثا حاول اردوغان فرض وجهة النظر التركية للحل في سوريا، وبدا بفعل النفوذ الروسي في هذه المعركة أن تركيا قد اصبحت الآن آخر دولة يمكنها ان تؤثر في صياغة الحلّ للأزمة السورية.
ويجد اردوغان اليوم نفسه وحيدا في رؤيته للحل داخل سوريا إذ أن السعودية وقطر اقرب حلفائه قد سلمتا بالدور الأميركي والروسي في الأزمة.
وبينما راهن اردوغان على سقوط الأسد يبدو الرئيس السوري مدعوما بقوة من الكثير من الدول الغربية التي تشاطر روسيا ضرورة أن يكون جزءا من أي عملية سياسية تشهدها سوريا في المستقبل.
ومن الواضح اليوم أن كل أحلام اردوغان في سوريا قد تهاوت نهائيا وبشكل سيكون له ما بعده على تركيا وعلى أمنها في المستقبل.
ويقول محللون إن الفشل في وسريا سيشكل مأساة حقيقية لأردوغان ولحزبه الحاكم، إذ كيف له أن يمنى بهذا الفشل السريع والحال أن الوضع الطبيعي أن تكون تركيا واحدة من ابرز الدول المؤثرة في الساحة السورية لأنها بلد جار ومن الطبيعي ألا يغيب عنه الدور التركي لأسباب تتعلق بمستقبل العلاقات بين البلدين اقتصاديا وأمنيا وسياسيا؟
ويضيف المحللون أن مثل هذه النهاية المرعبة لأحلام اردوغان في رؤية سوريا ساحة خلفية لمخططات إسلاميي حزب العدالة والتنمية، تؤكد ان الفشل المحتوم هو نهاية كل المواقف المتطرفة لأي رجل سياسة قصير النظر ويستسهل تحليل وضع سوري شديد التعقيد في عالم لم تبلور فيه تركيا قدرات حقيقية مادية واخلاقية لأن تكون قوة فعالة وصانعة لحاضر ومستقبل دول اخرى لا تقل عنها عراقة لو لا ان الدهر قد تألب عليها من الجوانب.
ميدل ايست اونلاين