كفرنبل مدينة أسطورية تاريخية عريقة, تقع في ريف إدلب الجنوبي على الطريق الواصل بين معرة النعمان في الداخل والساحل السوري, كانت ومازالت أيقونة الثورة الصامدة في وجه غطرسة الظلم والطغيان, خلدتها ذاكرة الثورة السورية بعد أن قدمت نفسها مثلاً أعلى في الصمود والإصرار على المتابعة في السير في طريق الثورة المعبدة بأشلاء ودماء الشهداء السوريين الأبرار.
منذ بداية الثورة كانت مدينة كفرنبل وأهالي المدينة على موعد مع الانطلاق في أول مظاهرة ضد النظام تهتف بالحرية التي طالما بحث عنها السوريون, وسارت مظاهرتها الأولى الشهيرة في شوارعها وأسواقها بعد أن انطلقت من جامعها الكبير, وخلدت نفسها في ذاكرة الثورة كأول مظاهرة خرجت في محافظة إدلب الخضراء, ثم تكررت تلك المظاهرات مرراً وتكرراً, حتى تمكنت من الخروج عن سلطة النظام بعد أن حررها الثوار في عام 2012م.
قدمت نفسها مدينة كفرنبل كوسام مميز في صدر الثورة السورية, بعد أن أبهرت العالم قاطبة بلافتاتها وكتاباتها الثورية والإنسانية, وانطلق مفكرو المدينة وشبانها إلى مراكز قيادية سياسية وعسكرية في جميع الهيئات والمجالس الممثلة للثورة السورية, وخلقت جواً فريداً مميزاً معبراً عن رغبات و روح الثورة, فمنهم من أطلق عليها اسم “عين الثورة” ومنهم من سماها “روح الثورة”, ومنهم من وصفها “بأم الثورة”.
ولكن النظام عامل هذه المدينة بوحشية شديدة, وتعرض أهلها منذ البداية للعديد من حملات الاعتقال والملاحقة من قبل عناصر النظام, وبعد تحريرها قام النظام بقصفها بشتى أنواع الأسلحة وخصوصا الطائرات الحربية التي قامت باستهداف الأسواق الشعبية والأحياء السكنية في المدينة وتم ارتكاب العديد من المجازر البشعة بحق أبنائها, وبعد أن عجز النظام عن كسر إرادة شعبها, صعّد من حملات القصف والاستهداف التي طالت كل مفاصل الحياة في المدينة.
وتعرضت هذه المدينة لأكثر من خمسين غارة جوية من الطيران الحربي التابع للنظام السوري والطيران الروسي أيضاً, ووقعت فيها أكثر من 15 مجزرة بشعة راح ضحيتها العديد من المدنيين الأبرياء من ضمنهم النساء والأطفال, ورغم ذلك بقيت هذه المدينة صامدة, وبعد كل مجزرة تعود للملمة جراحها من جديد مودعةً دفعة جديدة من شهدائها الأبرار, كحال كل المدن والبلدات والقرى السورية المحررة.
وقد احتضنت المدينة العديد من العائلات النازحة من المحافظات المجاورة مثل حلب وحماة, وفتح أهالي المدينة بيوتهم للنازحين واقتسموا معهم رغيف الخبز والطعام.
كفرنبل, عين الثورة وروحها تبقى صامدة حتى اليوم كصمود أشجار زيتونها وتينها الشهير..
مجلة الحدث ـ فادي ابو الجود