” كل المدن السورية بعد الثورة يحكمها طرف واحد من أطراف سوريا إلا دير الزور اجتمعت فيها كل الأطراف المتنازعة، والشعب هو الخاسر الأكبر في المال والأرواح”، قالها أبو محمد الستيني من عمره وهو يصف وضع مدينته المحاصرة.
دخل حصار دير الزور عامه الأول، والعالم مازال يندد بذلك، وسكان دير الزور مستمرون بتقديم الأرواح نتيجة الجوع والفقر مع البرد وقلة الأدوية، فضلاً عن التدقيق على أبسط أمورهم الشخصية، فالنظام يتحكم بمناطق سيطرته( الجورة، القصور، هرابيش)، ومن خلفه تنظيم الدولة الإسلامية يخنق النظام فيزيد من نقص حاجات العيش الأساسية لدى سكان تلك الأحياء.
عمد النظام إلى سياسة التجويع داخل الأحياء المحاصرة، فهو يدخل المواد اللازمة لكن بأسعار تفوق قدرة المستهلك، حيث ذكرت صحيفة “دير الزور 2020″، بعض أسعار المواد داخل المدينة ف سعر السكر 4500 ليرة سورية، زيت 4500 ل.س، شاي نص كيلو 6000 ل.س، دبس بندورة أقل من كيلو 4500 ل.س، حمص حبة ناعمة 4500 ل.س، ظرف زعتر 450 ل.س، قهوة 200 غرام 2000 ل.س، علبة طون 1000 ل.س، لوح صابون 1700 ل.س، كيس الغسيل يدوي 10كيلو 45000 ل.س، وهي بتزايد مستمر، ومتوسط دخل الفرد الشهري 20 ألف ل.س، أي ما يعادل 60دولار أمريكي فقط
ختام فتاة جامعية تقول:” بعد أن كانت مدينتي أرض العطاء وسكانها مشهورون بالكرم والجود، باتت اسماً يشفق عليه أي سامع”.
حملات عدة أطلقت على مواقع التواصل الاجتماعي، تناشد حكام العالم لعلهم يفعلون شيئاً لفك الحصار عن مدينتهم، وكانت حملة “معًا لفك الحصار عن دير الزور” أصدرت تقريرًا مطلع سبتمبر 2015، وثقت فيه وفاة ثلاثة أشخاص بسبب نقص التغذية، ومؤكدة أن أكثر من نصف السكان في هذه الأحياء دون غذاء.
ناهيك عن حملة ” أنقذوا أطفال دير الزور”، بعد أن بات الموت المترافق بالحصار يخيم على أرجاء مدينتهم، لكن تلك الحملات لم يقابلها أي فعل على الأرض، وإن حصل ذلك يكون موجهاً لغير الشعب.
حيث نفى مرصد العدالة حديث اللجنة الدولية للصليب الأحمر مؤخراً الوارد فيه أنها أرسلت 160 طناً من المواد الغذائية والدوائية لأحياء دير الزور المحاصرة، إلا أنه لم يدخلها سوى 3 شاحنات، الأولى تضمنت 20 طناً وما تبقى دخل عن طريق الهلال الأحمر وتم توزيعه على موظفي القطاع الحكومي وضباط وعناصر الفروع الأمنية ومن تبعهم.
250 ألف نسمة داخل الأحياء المحاصرة يعانون من انقطاع المياه بشكل كامل وأكثر المدنيين لا يملكون حتى مياه الشرب، والنظام يؤمنها لعناصره فقط عن طريق الصهاريج، حتى الاتصالات الدولية والانترنت مقطوعة تزامناً مع قطع الكهرباء منذ أشهر.
95% من الخدمات الطبية توقفت جراء خروج الكادر الطبي (أطباء وممرضين) من تلك الأحياء، حيث أكد الناشط أحمد الرمضان لموقع اقتصاد أن 50 حالة وفاة وقعت ضمنها بسبب الجوع أو قلة الدواء، إضافة لانتشار العديد من الأمراض كاللاشمانيا والتهاب الكبد إما من سوء التغذية أو تلوث مياه الشرب.
يسعى النظام لعدم فك الحصار من خلال أي هدنة مطروحة، لأنه المستفيد الأكبر منه، أم محمود من سكان حي الجورة المحاصرة تقول:” فوق الموتة عصة قبر، ودعت مدينتي مرغمة، والأبشع من ذلك أنني تمكنت من الخروج بعد أن دفعت لعناصر النظام أكثر من 100 ألف ل.س”.
و يبقى السؤال يطرح نفسه، إلى متى سيبقى الشعب السوري يمارس بحقه كل السياسات القاسية من أرض محروقة، تجويع، حصار، ويكون ضحية تجاذبات وصراعات أتت على الأخضر واليابس.
محار الحسن
المركز الصحفي السوري