بعد تحرير مدينة ادلب من قبل الفصائل الثورية المنضوية تحت اسم جيش الفتح، بدأ النظام باستخدام أسلوب القصف اليومي والممنهج لأحياء المدينة، مستهدفاً مواقع المدنيين بحجة أنهم حاضنة شعبية للإرهاب، الأمر الذي تسبب في موجات نزوح كبيرة من قبل الأهالي باتجاه القرى والبلدات الآمنة، هرباً من شبح القصف الذي يحصد أرواح المدنيين يومياً.
في منتصف الشهر التاسع من عام 2015، قامت كتائب جيش الفتح بزيادة الضغط على قوات النظام من خلال كسر خط الدفاع الأول لبلدتي كفرية والفوعة واللتان تعتبران منطقة مهمة بالنسبة للنظام، بسبب احتوائهما على الطائفة الشيعية المؤيدة له، وقاموا بتحرير منطقة الصواغية المطلة عليهما، الأمر الذي أجبر النظام بضغط من حليفه الايراني على عقد هدنة مع الكتائب، كان مضمونها تخفيف الضغط على البلدتين مقابل إيقاف القصف على مدينة ادلب وعدد من القرى الأخرى المحيطة بالبلدتين.
بعد عقد الهدنة ضجت مدينة ادلب بسكانها اللذين عادوا إليها بعد نزوحهم إلى القرى المجاورة، ليتمتعوا بحياة آمنة في ظل هذه الهدنة بعيداً عن أصوات المقاتلات الحربية والروسية، وعن شبح الموت الذي كان يهدد حياتهم يومياً.
عاد الأهالي إلى المدينة بعد انعقاد الهدنة، مما أدى إلى اكتظاظ أسواقها وشوارعها بالمدنيين اللذين باتوا يتجولون في أسواق وشوارع المدينة، ناسين هواجس القصف والموت التي كانت تنتابهم، وأخذت الأسواق والمحلات تسترجع مجدها السابق وبدأ أصحاب المحلات يحققون أرباحا وفيرة يومياً، إضافة إلى انتشار بسطات متنوعة كالملابس والمأكولات السريعة.
أبو أحمد صاحب أحد المطاعم في سوق مدينة ادلب يقول: “بعد الهدنة التي عقدت اكتظت شوارع المدينة بالمارة، وأصبحت المحلات والمطاعم تلقى إقبالاً كبيراً من قبل الأهالي مما زاد نسبة الأرباح بشكل كبير”.
نتج عن تلك الهدنة ازدحام سكاني وامتلاء في الشوارع والأسواق بالتزامن مع عودة المياه إلى المدينة مع ظهور مولدات الكهرباء، ولم يبق أمام أهالي المدينة سوى إكمال المسيرة الدراسية والتي عملت إدارة مدينة ادلب على تفعيلها، وقد لاقت إقبالاً كبيراً من قبل الطلاب اللذين يرتادون المدارس دون الخوف من القصف.
أبو صالح والد أحد الطلاب يقول: “قبل الهدنة لم نكن نستطيع إرسال أبنائنا إلى المدارس خوفاً عليهم من القصف الذي يستهدف المدارس يومياً، أما الآن أصبحنا نرسل أبنائنا إلى المدارس دون تردد أو خوف من أي عملية استهداف للمدارس”.
إضافة إلى إعادة ترميم الجامعات والمعاهد وبدء التسجيل فيها، أصبحت مدينة ادلب قبلة لأهالي القرى من جهة الأسواق والأهالي اللذين نزحوا من المناطق التي لم تشملها الهدنة من جهة أخرى، كل ذلك ساهم بارتفاع أسعار المنازل السكنية وأجور المحلات مما زاد من ازدهار الحركة الاقتصادية في ادلب.
وما تزال مدينة ادلب في ظل هذه الهدنة تستقبل النازحين من مناطق الاشتباكات والقصف الذي تتعرض له المحافظات الأخرى، كريف حماة الشمالي وريف حلب الجنوبي كونها تعد بنظر الأهالي المدينة الآمنة التي يستطيبون فيها العيش، دون الخوف من القصف الذي يمكن أن يطالهم في منازلهم.
المركز الصحفي السوري ـ محمد المحمود