عمليا هذا هو عام حساس جدا في مصير الثورة السورية، والمطلوب من إيران وروسيا هو معادلة واحدة: تأمين محيط العاصمة الجنوبي الذي يتكون من اليرموك والحجر الأسود، ثم الريف الغربي في داريا والمعضمية، وصولا إلى القنيطرة لاحقا؛ لأن الهدف الأساس هو إقامة منطقة أمنة لإسرائيل ذات لون طائفي على طريقة الزبداني.
وبعد عملية إحداث متغيرات جغرافية على الأرض، يتوقع المعنيون أن يصلوا إليها في النصف الأول من العام القادم، وكمقدمة لا بد منها، هناك في الصدارة قصة الفلسطيني الموجود في سوريا، لأن بقاء قرابة 400 ألف فلسطيني لا يزالون في سوريا من أصل 700 ألف؛ هو أمر مزعج لإسرائيل، مع الإشارة إلى أن هناك قرابة 150 ألف فلسطيني في سوريا غير مسجلين في قيود الأونروا، لذلك من الضروري أن يدرك الفلسطينيون أنهم أمام الاستهداف المباشر لاحقا.
الصورة المرتقبة لمخيم اليرموك هي التالي:
اليوم الأول: خروج مسلحي تنظيم الدولة – داعش – من منطقة الحجر الأسود، الذي يتوقع أن يتم قريبا بحسب ما تشير الأنباء الواردة من هناك.
اليوم الثاني: بدء عملية تحرير فلسطين في الإعلام المقاوم والممانع، والمهمة سيقوم بها أبناء فلسطين الأشاوس، الذين هم عناصر تنظيم القيادة العامة، وعناصر جيش التحرير الفلسطيني، وبعض العناصر الفلسطينية الأخرى. وبما أن طريق فلسطين لا يمر إلا عبر مخيم اليرموك، فالمعركة ستكون هناك حامية الوطيس، وسوف تتركز عمليات الإسناد الجوي على القسم الجنوبي من المخيم، وهو القسم الحي الباقي للمدنيين؛ لأن القسم الشمالي من مدخل مخيم اليرموك حتى ساحة الريجة نسفته مليشيا أحمد جبريل بذريعة حماية العاصمة من تسلل الإرهابيين.
الأهداف المطلوبة هي تدمير ما تبقى من القوة الفلسطينية العسكرية، وخصوصا جيش التحرير الفلسطيني؛ لأن الخدمة فيه إلزامية. فبعد حالات الإعدام الميدانية الكثيرة للمجندين الفلسطينيين الذين رفضوا الانخراط في الحرب ضد المعارضة السورية، أصبح الجدل الداخلي في قيادة جيش التحرير يرى أن زج جيش التحرير في مخيم اليرموك، قد ينال قبول أغلب الفصائل الفلسطينية.
الصورة الأخيرة هي الطلب من السكان المحاصرين في المخيم، وتحت وطأة المعركة مغادرة المخيم عبر معبر واحد فقط، وهو باتجاه منطقة الكسوة. فقد تحدث معنيون عن تفاصيل مخطط عرضته شخصيات فلسطينية، تشارك في المعركة بجانب النظام، وتم كشفه في مطلع عام 2014. ويشير المخطط إلى تجميع من تبقى من فلسطينيي سوريا في مخيمات مؤقتة، سيتم إقامتها إلى الجنوب الشرقي من مدينة الكسوة الواقعة في ريف دمشق الجنوبي.
هنا ليست نهاية الصورة السوداء، هنا مجرد احتمالية أخيرة تعني إخراج قرابة14 ألف فلسطيني محاصرين في المخيم. وكما تعودنا، فهؤلاء سيكونون في معتقل من الخيام بشكل احترازي لضمان عدم وجود “إرهابيين” بينهم.
الصورة الأكثر سوادا هي مصير الفلسطينيين في هذا العام، الذي هو عام تحريك جغرافي شامل ونقل عشرات الآلاف قسرا، لإحداث تغيير ديموغرافي جديد. وهذا التحريك يستوجب دمارا هائلا حتى لا يفكر المدنيون بالعودة لبيوتهم مجددا.
أمام صورة المسح الجغرافي الذي تنفذه مليشيات إيران وملحقاتها، سيكون الفلسطينيون هم الجسم الغريب في المنطقة. وهنا أذكر حديثا دار بيني وبين مسؤول فلسطيني رفيع في دمشق ذات يوم في دمشق، على هامش لقاء وفد من الفصائل الفلسطينية مع مسؤول الأمن القومي الإيراني.. قال لي: “لقد طلبوا منا قبل اللقاء به عدم فتح ملف مخيم اليرموك معه”!!
هذه إيران، وهؤلاء هم الذين يجلسون معها.
عربي 21