تسببت الأمطار الغزيرة التي هطلت في المنطقة بسبب تأثرها بمنخفض جوي الثلاثاء 4 كانون الأول بفيضان بحيرة السد (سد الباسل الجنوبي ) التي يقع بجانبها المخيم المعروف باسم مخيم “العريشة” تم إنشاءه في أيار العام الماضي حيث أنه يبعد عن مركز المحافظة 30 كيلومتر .
فيضان البحيرة أدى إلى انغمار خيم اللاجئين التي يبلغ عددها 602 من أصل 1930 خيمة, الأمر الذي دفع بالإدارة الذاتية الكردية التي تشرف على المخيم لتفكيك خيام النازحين التي تقع في الجزء الشرقي من المخيم لإجبارهم على الانتقال إلى مخيم مبروكة أو مخيم الهول اللذان ليسا أفضل حالا من مخيم العريشة “السد”, لكن تم الرفض من أهالي المخيم الذين قاموا بنقل خيمهم إلى مناطق أعلى لمنع وصول المياه إليها مجددا .
و يبلغ عدد قاطني المخيم أكثر من 9500 نازح, جلهم من قرى ريف ديرالزور الشرقي الذين هربوا من المعارك العنيفة بين قوات سوريا الديمقراطية ضد تنظيم الدولة.
يعيش سكان المخيم أوضاعا إنسانية صعبة خارج نطاق الإنسانية في ظل الحصار المفروض عليهم وغياب شبه تام للمنظمات الدولية المعنية في الشؤون الإنسانية حيث يواجه سكان المخيم قيودا على التنقل فلا يستطيعون الخروج منه إلا في حال وجود كفيل من المكون الكردي .
ويعتبر مخيم العريشة (السد) نقطة تفتيش للنازحين، و غير مسجل لدى المفوضية العليا لشؤون اللاجئين على أنه “مركز إيواء” ، وتشكل المخيم نتيجة لمنع قوات سوريا الديمقراطية النازحين من الوصول إلى مدينة الحسكة بعد فرارهم من المناطق التي كان ينتشر فيها تنظيم الدولة، وذلك بحجة المخاوف الأمنية من تسلل ما سمتهم بخلايا نائمة لـ”تنظيم الدولة” بين النازحين إلى الحسكة وبقية المناطق التي تسيطر عليها ” قوات سوريا الديمقراطية ” .
وقد أطلق ناشطون في السنة الفائتة حملةً بعنوان (مخيمات الموت) التي جاء في بيانها : إلى الأمين العام للأمم المتحدة ، وأعضاء مجلس الأمن الدولي ، والأمانة العامة لمجلس حقوق الإنسان، مذكرةً بما نصّت عليه الاتفاقيات الدولية، بضرورة حماية النازحين واللاجئين من الحروب والكوارث”، وأن الشعب السوري، منذ سبع سنوات، يُقتل بكل أنواع الأسلحة التقليدية وغير التقليدية”، ومنه أبناء المنطقة الشرقية من سورية، في محافظات دير الزور والرقة والحسكة، حيث يبادون تحت مختلف الذرائع ، وأن الأهالي، بعد أن اضطروا إلى النزوح، وجدوا أنفسهم في “مخيمات الموت المنتشرة في أرياف محافظة الحسكة، والتي تديرها (قوات سورية الديموقراطية) وإدارتها الذاتية .
وقد وثق ناشطون فقدان كثير من المقيمين في المخيم لحياتهم، بسبب نقص الرعاية الصحية وسوء الأوضاع المعيشية .
يقول أبو فاتح أحد المقيمين في المخيم : “اضطررنا إلى النزوح من ويلات ما شهدناه من قصف للطيران ومن القذائف العشوائية التي لاتميز بين مدني ومسلح وهربنا إلى المناطق التي يفترض أنها أكثر ستقرارا إلا أننا وجدنا أنفسنا في مخيم يشبه السجن حيث المعاملة السيئة التي لا تليق بالإنسانية، فلا اعتبار لكرامة الإنسان كبيرا كان أم صغيرا ولا مراعاة لاحتياجاتنا ولا اهتمام بتعليم أبنائنا، وانتشار الأمراض بيننا مثل الأمراض الجلدية التي انتشرت بين عدد كبير من القاطنين في المخيم .
وكان قد شهد أواخر تشرين الأول تظاهرات في مخيم السد, حيث تظاهر العشرات من القاطنين أمام إدارة المخيم بسبب تردي الوضع الصحي والمعيشي مطالبين بخيم وأغطية جديدة تدرأ عنهم برودة فصل الشتاء.
أم مروان إحدى قاطنات المخيم أفادت بأن ﺍﻟﺨﺪﻣﺎﺕ ﺍﻟﻄﺒﻴﺔ ﺳﻴﺌﺔ، ﺑﺎﺳﺘﺜﻨﺎﺀ ﺍﻟﻘﺴﻢ ﺍﻟﻄﺒﻲ ﺍﻟﺨﺎﺹ ﺑﺎﻟﻨﺴﺎﺀ، ﻭﻻ ﺗﻮﺟﺪ ﻏﻴﺮ ﻧﻘﻄﺔ ﻃﺒﻴﺔ ﻭﺍﺣﺪﺓ ﻓﻲ ﺍﻟﻤﺨﻴﻢ ﺗﻔﺘﺢ ﻋﺪﺓ ﺳﺎﻋﺎﺕ ﻓﻘﻂ ﻓﻲ ﺍﻟﻴﻮﻡ، ﻭﻓﻲ ﺃﻏﻠﺐ ﺍﻷﺣﻴﺎﻥ ﻻ ﺗﺘﻮﻓﺮ ﺍﻷﺩﻭﻳﺔ ﺍﻟﻤﻄﻠﻮﺑﺔ، ﻭﻳﻤﻨﺤﻮﻧﺎ ﺍﻟﻤﺴﻜﻨﺎﺕ, كما أن ﺟﻤﻴﻊ ﺷﻜﺎﻭﻳﻨﺎ ﻭﻣﻄﺎﻟﺒﺎﻧﺎ ﻟﻢ ﺗﻠق ﺁﺫﺍﻥا ﺻﺎﻏﻴﺔ لدى إدارة المخيم .
القاطنون في المخيم هربوا من آلة الحرب ونيرانه إلى ما يمكن القول بأنه سجن جماعي يقع في العراء متأثرا بكل ظروف الطقس القاسية من حر الصيف إلى أمطار وثلوج الشتاء متناسية كل الجمعيات التي تسمى خيرية والمنظمات التي تدعى إنسانية, والعيش في ظل معاناة يومية في خيمة اللجوء المزرية خيمة الموت البطيء.
الفيديو التالي توثيق لفيضان المخيم في الأسبوع الفائت تم تصويره من قبل القاطنين في المخيم.
المركز الصحفي السوري …سمر العلي