قصص مأساوية يعيشها السوريون يوميا لتكون المعاناة رفيقة دربهم أينما وطأت أقدامهم، سواء في أرض وطنهم أو في دول اللجوء، وتصبح حياتهم مكبلة بالهموم والأحزان في واقع مرير ذاقوا به أشد أنواع العذاب من فقد وموت وفقر وقصف وحاجة وغيرها من تبعيات الحرب.
في مناطق جبلية في ريف اللاذقية على محاذاة الحدود السورية التركية تقبع مئات الخيام التي يقطنها آلاف النازحين السوريين كمخيم الزيتونة والنحل وأوبين وغيرها، لجؤوا إليها رغم قساوة العيش فيها وبالأخص بعد اشتداد المعارك في ريف اللاذقية، لتكون مأوى بعيدا عن قذائف النظام وحقده الذي شرد بدوره أكثر من نصف سكان سوريا ودمر منازلهم بغاراته العشوائية، فضلا عن الطيران الروسي الذي ساهم في تفاقمها.
ظروف مناخية صعبة وخيام شبه مهترئة غير صالحة للسكن، في مخيم أوبين الحدودي، ويأتي القصف الروسي منذ أيام ليزيد في المعاناة، حيث استهدف المخيم بعدد من الصواريخ مما أدى لاشتعال الحرائق داخله، مخلفا وراءه عددا لايستهان به من الشهداء والجرحى، الأمر الذي دفع ساكنوه للبحث عن مكان آخر ليواصلوا رحلة النزوح المستمرة.
لم يكن مخيم الزيتونة الذي يضم أكثر من 1500 نسمة أوفر حظا من غيره، إذ بات النازحون فيه يتخوفون من قصف متوقع في أي لحظة وخصوصا بعد سيطرة قوات النظام على بلدة ربيعة والتي تبعد عنه ثماني كيلو مترات فقط، لذلك بدأت العديد من العائلات تستعد لمغادرته، فمنهم من ينتظر دوره أمام الحدود التركية للدخول إلى أراضيها، وآخرون اتجهوا نحو قرى ريف ادلب التي لم تسلم أيضا من هجمات الطيران لكنها تبقى أكثر أمنا من المخيمات فقذيفة واحدة كفيلة بإحراقها كلها.
ونالت مخيمات اليمضية قرب المعبر الحدودي مع تركيا نصيبها من القصف الذي استهدف خيامها فكان نصيب أهلها النزوح كغيرها من المخيمات لتكون حياة التشرد مصيرهم إلى جانب الفقر والعوز الذي رمى بأوزاره عليهم.
” أحلم بمقعد أجلس فيه وأتعلم كسائر الأطفال في عمري، فحياتنا لا استقرار فيها من نزوح لنزوح، أحمل القلم والدفتر وأكتب يوميا رسائل عتب ولوم لمن دمر بلدنا وحرمني من حقي في التعلم والعيش بسلام”، كلمات نطق بها طارق ذو العشر سنوات بعد أن نزح من مخيم اليمضية إلى ريف ادلب.
ويعتبر مخيم “النحل” في ريف اللاذقية أفضل حالا من غيره وذلك لكنه الأحدث من بين مخيمات ريف اللاذقية، لكن البرد والصقيع من أكبر المشاكل التي يواجهها النازحون فيه، فقد سجلت إدارة المخيم عدة حالات اختناق نتيجة تشغيل مدافئ الحطب وانتشار الدخان داخل الخيام وعدم وجود منافذ للتخلص منها.
نظام يضع مصالحه في قائمة أولوياته ويواصل حملاته من قصف وتهجير بحق المدنيين الأبرياء دون أن يكترث بما يعانوه، فحياتهم باتت بلا معنى أو هدف فجل همهم التفكير في مكان جديد ينزحون إليه ليهربوا من الموت الذي أصبح أرحم من العيش تحت رحمة النظام.
المركز الصحفي السوري ـ سماح خالد