من بقايا قماش الملابس البالية والقليل من المطاط تجتهد أم حسان في خياطة كمامات محلية الصنع لأطفالها الثلاثة بمخيم دابق في ريف حلب شمالي سوريا، في محاولة لمنع وصول وباء كورونا إلى أسرتها.
فقد تم تسجيل أكثر من 20 حالة في مناطق المعارضة بالشمال السوري، وباتت الجائحة تهدد آلاف النازحين الهاربين من جحيم المعارك.
وتقول أم حسان (43 عاما) إنها في كل يوم تقوم بتجميع بعض القماش من الملابس القديمة لحياكة الكمامات بعد أن تعذر على الأسرة شراء الكمامات الطبية من الصيدليات في البلدة جراء ارتفاع سعرها وعدم توفرها بشكل دائم.
وتشير أم حسان -وهي نازحة من مدينة حلب- في حديثها للجزيرة نت إلى أن أهالي المخيم لم يفكروا بالوقاية من الوباء إلا بعد أن أطلقت فرق من الدفاع المدني حملة تعقيم شاملة للمخيم، وتوزيع منشورات توعية وبعض علب مواد التعقيم والكمامات على سكانه لمنع وصول الوباء إليهم.
وتأمل النازحة الأربعينية أن تبقى وأسرتها في مأمن من المرض بعد نجاتهم من قصف طيران النظام وحليفه الروسي على حلب وخروجهم منها بأعجوبة، وتؤمن في النهاية بأن “الحامي الله” حسب قولها.
تباعد اجتماعي
ورغم تحذيرات وزارة الصحة في حكومة المعارضة من تفادي التجمعات وحثها الأهالي على ارتداء الكمامات الطبية فإن من الصعب تطبيق ذلك في المخيم المقام على أرض طينية تفتقر إلى شبكة مياه الشرب والصرف الصحي، حيث تلتصق الخيام ببعضها للاستفادة من أدنى مساحة ممكنة، فتضطر عائلتان للسكن في خيمة واحدة.
ويرى النازح من إدلب مروان الحمد أن التزام أهالي المخيم بشروط التباعد الاجتماعي وارتداء الكمامة لا يتجاوز 10%، في ظل الازدحام السكاني والوقوف في طوابير للحصول على الماء من المناهل.
وعلى وقع موجة الحر التي تضرب المنطقة يؤكد الحمد (29 عاما) أنه بالكاد يستطيع الجلوس لساعة فقط في النهار، فأشعة الشمس الحارقة تجبره ورجال المخيم على الاستظلال بأشجار الحرش القريب من المخيم.
وبشأن مواد التعقيم والكمامات الطبية، يقول الحمد للجزيرة نت إنها باهظة الثمن، وليست من أولويات سكان المخيمات الذين يبحثون عن قوتهم اليومي مع اقتراب العيد.وأضاف أن إحدى منظمات الإغاثة وزعت بعض الكمامات والمعقمات على السكان لمرة واحدة، وتم استهلاكها في وقت لاحق.
بؤرة للوباء
وحتى مساء الأحد، سجلت في مناطق سيطرة المعارضة السورية بالشمال السوري 29 إصابة بفيروس كورونا وفق بيانات مديرية صحة إدلب، وسط تصريحات تحذر من حدوث كارثة إنسانية إذا وصل الفيروس إلى مخيمات الشمال.
ويقول مدير فريق “منسقو الاستجابة” محمد حلاج إن عدد مخيمات الشمال السوري بلغ 1277 مخيما، من بينها 366 مخيما عشوائيا لا تتلقى أي مساعدات أو دعم، في حين يبلغ عدد سكان تلك المخيمات أكثر من 1.4 مليون مدني، منهم 183 ألفا يقطنون في المخيمات العشوائية.
ويحذر الفريق من ازدياد عدد المصابين بفيروس كورونا في حال عدم اتخاذ الإجراءات والتدابير اللازمة، ويخشى من تسجيل إصابات ضمن المخيمات المنتشرة في المنطقة وتحولها إلى بؤرة كبيرة للوباء يصعب السيطرة عليها، ولا سيما أن أغلب المخيمات تفتقر إلى المستلزمات الأساسية لمواجهة كورونا.
نقلا عن الجزيرة