أنقرة: تستعد قوات الجيش الليبي حاليا لإحكام سيطرتها على منطقة الهلال النفطي شرقي البلاد، وتطهيرها من مليشيا الجنرال الانقلابي خليفة حفتر، بحسب ما أفاد به البروفيسور التركي مسعود حقي جاشين، الخبير بشؤون الشرق الأوسط.
وقال جاشين، وهو عضو هيئة التدريس بكلية الحقوق في جامعة “يدي تبه” التركية، إن مليشيا حفتر تضطر حاليا إلى الانسحاب من مناطق آبار النفط والغاز الطبيعي شرقي البلاد.
وأضاف جاشين أن الجيش الليبي يتقدم نحو خليج سرت ذي الأهمية الإستراتيجية، والهدف التالي له تطهير حوض الهلال النفطي الذي يمتد من مدينة السدر حتى بنغازي (مسافة 383 كلم).
وأكد أن “حفتر مستاء من أن الدول التي وعدت بدعمه ضد تقدم الجيش الليبي قد تخلت عنه، وأنه لن يكون موجودًا في المعادلة الليبية عما قريب”.
حفتر مستاء من أن الدول التي وعدت بدعمه ضد تقدم الجيش الليبي قد تخلت عنه
وأشار جاشين إلى أن “الجيش الليبي يواصل تقدمه في عدة مناطق لتأمين آبار وخطوط أنابيب النفط في كل من سرت وأجدابيا وبنغازي”.
وبدعم من دول عربية وأوروبية، تنازع مليشيا حفتر، منذ سنوات، الحكومة الليبية المعترف بها دوليا، على الشرعية والسلطة في البلد الغني بالنفط، ما أسقط قتلى وجرحى بين المدنيين، بجانب أضرار مادية واسعة.
ومؤخرا، حقق الجيش الليبي انتصارات أبرزها تحرير كامل الحدود الإدارية لطرابلس، ومدينة ترهونة، وكامل مدن الساحل الغربي، وقاعدة الوطية الجوية، وبلدات بالجبل الغربي.
** تركيا مستعدة لحماية إنتاج الطاقة
البروفيسور جاشين قال أيضا إن “مليشيا حفتر الانقلابية اضطرت إلى التخلي عن أسلحتها ودباباتها والانسحاب، بفضل دعم القوات التركية، والاستخدام الفعال للطائرات المسيرة (الدرون) في العمليات”.
وأضاف أن “تركيا ستواصل تقديم الدعم لحماية آبار النفط وخطوط الأنابيب ومصافي وموانئ النفط التي سيحررها الجيش الليبي من مليشيا حفتر”.
أنقرة على استعداد تام لحماية مناطق إنتاج الطاقة الليبية بتقديم الدعم الجوي والبحري
وأوضح جاشين أن “السفن الحربية التابعة للبحرية التركية تواصل تدريباتها في المنطقة وهي في حالة جاهزية تامة”.
وأكد على أن “أنقرة على استعداد تام لحماية مناطق إنتاج الطاقة الليبية بتقديم الدعم الجوي والبحري، وبهذا سيكون دفاع وأمن المناطق المحررة في أمان بفضل الدعم التركي”.
** مشروع “إيست ميد” باء بالفشل
ولفت جاشين إلى أن “الدعم القائم على مبدأ الربح المتبادل الذي تقدمه تركيا إلى حكومة الوفاق الوطني، أظهر مدى انتهاك إسرائيل ومصر لمناطق الصلاحية البحرية الليبية”.
وأضاف أنه “بينما تواصل إسرائيل مفاوضاتها بشأن بيع غاز شرق البحر المتوسط إلى أوروبا عبر تركيا، فإن مشروع خط أنابيب شرق المتوسط “إيست ميد” الذي تهدف به اليونان إلى استبعاد أنقرة وتحييدها في شرق المتوسط، باء بالفشل”.
وفي يناير 2020، وقعت إسرائيل واليونان وقبرص اليونانية اتفاقًا لمد خط أنابيب شرق المتوسط “إيست ميد”، لنقل الغاز الطبيعي من إسرائيل إلى أوروبا عبر خط بحري يمتد مارًا بقبرص اليونانية وجزيرة كريت واليونان، بطول 1900 كلم.
وقال جاشين إن “توقيع الرئيس التركي رجب طيب أردوغان لاتفاقية ترسيم الحدود البحرية مع حكومة الوفاق، يعتمد على أسس قانونية دولية”.
وفي نوفمبر/ تشرين الثاني 2019، وقع أردوغان والسراج مذكرتي تفاهم، تتعلق الأولى بتحديد مناطق الصلاحية البحرية، بهدف حماية حقوق البلدين المنبثقة عن القانون الدولي، والثانية بالتعاون الأمني والعسكري.
وأوضح البروفيسور أن لقاء أردوغان ورئيس حكومة الوفاق فائز السراج الأخير بأنقرة يعد تمهيداً لتهدئة الأمور والهدنة.
وتابع أنه “إذا ما تحقق ذلك فيمكن القول إن الشركات التركية سوف تضع في أجندتها إقامة الكثير من مشروعات الطاقة والبنية التحتية والتعليم والتنمية الاقتصادية في المنطقة”.
واستدرك قائلا: “لقد كانت ليبيا بوابة العثمانيين في البحر المتوسط، واليوم تعيد تركيا فتح هذا الباب على البحر المتوسط مرة أخرى”.
** إضرار حفتر بالاقتصاد الليبي
من جهته، قال عبد النور تومي، خبير شؤون شمال إفريقيا بمركز دراسات الشرق الأوسط بأنقرة، إن “استهداف حفتر إنتاج النفط منذ عام 2014، تسبب في تعطله بمنطقة الهلال النفطي التي تصدر ما يقرب من 60% من الهيدروكربون”.
وأشار تومي إلى أن هذا الاستهداف يتسبب في خسارة اقتصاد البلاد مليارات الدولارات.
ليبيا تمتلك أكبر احتياطي نفطي في إفريقيا بواقع 48,4 مليار برميل
ولفت إلى أن ليبيا تمتلك أكبر احتياطي نفطي في إفريقيا بواقع 48,4 مليار برميل.
وأكد أن “93% من موارد الدولة الليبية تعتمد على صناعة النفط والغاز، ومنع إنتاج وتصدير الهيدروكربون أدى إلى ضياع مصدر الدخل الرئيسي لملايين الليبيين”.
وأوضح تومي أن “ليبيا كانت تنتج 1,6 مليون برميل من النفط يوميًا في عهد الرئيس الراحل معمر القذافي، وكانت تصدر النفط إلى كل من إيطاليا وفرنسا وإسبانيا وألمانيا”.
وقال: “نتيجة الصراع على مناطق إنتاج الطاقة وكذلك الحروب الأهلية الداخلية، انخفض الإنتاج إلى ما يقل عن مئة ألف برميل يوميًا”.
وأوضح أن “سيطرة الجيش الليبي على سرت التي تعد من المناطق المهمة في إنتاج النفط، يعني تغيير ديناميكيات الصراع”.
يشار إلى أن مليشيا حفتر، وموالين لها، استولوا بالقوة، منذ 17 يناير/ كانون الثاني الماضي، على الحقول والموانئ النفطية في المنطقة الوسطى (الهلال النفطي) وميناء الحريقة بمدينة طبرق قرب الحدود المصرية، فيما تدير تلك المنشآت مؤسسة النفط التابعة للحكومة الليبية بموجب تفاهم يدعمه المجتمع الدولي.
وفي 7 يونيو/ حزيران الجاري، قالت المؤسسة الوطنية للنفط إن خسائرها المالية الناجمة عن غلق الحقول والموانئ النفطية من قبل موالين لحفتر، منذ 17 يناير الفائت، بلغت 5.3 مليارات دولار.
نقلا عن القدس العربي