يحاول قضاة فرنسيون منذ حوالي العام معرفة كيف تمكن نائب الرئيس السوري السابق، رفعت الأسد، شقيق حافظ الأسد والذي يقاطعه نظام دمشق، من بناء ثروة عقارية في بلادهم، تتضمن إسطبلاً للخيول وعشرات الشقق البالغة قيمتها 90 مليون يورو (82.7 مليون دولار).
وتقول جمعية “شيبرا”، التي تدافع عن ضحايا الجرائم الاقتصادية وقدمت شكوى في فبراير/شباط 2014، أدت لفتح التحقيقات، إن هذه الممتلكات تم شراؤها من أموال الفساد، عندما كان رفعت الأسد اليد اليمنى لشقيقه الأكبر الرئيس السوري السابق حافظ الأسد، الذي توفي عام 2000 وخلفه ابنه بشار، الذي يثور عليه الشعب السوري منذ 2011.
وقال بنامين غروندلر، أحد محامي الدفاع عن رفعت الأسد: “إنها ليست أموالا سورية”، كما أشار موكله، الذي استجوبه المحققون بصفة شاهد في 30 يناير/كانون الثاني الماضي، إلى تمويل سعودي، وأكد غروندلر تقديم وثائق إلى المحققين تظهر الأصل القانوني لثروة رفعت الأسد.
ورفعت الأسد (77 عاما) المتهم بقيادة حملة القمع الدامية ضد الإخوان المسلمين، وخصوصا الهجوم على حماه عام 1982، أرغم على المنفى والخروج من سورية بعد عامين من تلك الجريمة.
وقال مصدر قريب من التحقيق لوكالة فرانس برس، إن الأسد أكد خلال جلسة الاستجواب إن “الحكومة السورية تكفلت بمصاريفه”، لافتاً إلى أن “الأموال التي كان يكسبها أعطاها للفقراء”.
وأضاف: “لم يكن يملك شيئا عندما حانت لحظة مغادرة سورية”، وتابع قائلاً: “فرنسوا ميتران (الرئيس الفرنسي الأسبق) طلب مني المجيء إلى فرنسا، ومنحنا رخص حمل السلاح كما زودنا بعناصر أمنية.. لقد كان في غاية اللطف”.
وفي باريس، بدأ رفعت الأسد الاستثمار في العقارات، وقال السبعيني المقيم في لندن إن ذلك كان “لاستقبال أولادي ومن يأتي بمعيتهم”، مشددا على عدم معرفته بتفاصيل إدارة العقارات والإشراف عليها.
وأوضح في هذا السياق: “لا أعرف بواسطة أي أموال تم الشراء.. أنا أهتم بالشؤون السياسية حصرا.. يجلبون لي الأوراق لأوقعها وأفعل ذلك.. فأنا لا أعرف كيف أدفع الأموال، حتى فاتورة المطعم”.
وقدر محققون من الجمارك الفرنسية قيمة ممتلكات عائلة رفعت الأسد في تقرير صدر في 15 مايو/أيار 2014 وحصلت “فرانس برس” على نسخة منه، أن القيمة الكاملة للإرث العقاري في فرنسا لشقيق الأسد الأب وعائلته، يبلغ 90 مليون يورو (82.7 مليون دولار) من خلال شركات في لوكسمبورغ، وأن غالبية ممتلكاته عقارية.
ومن أصل هذا المبلغ، أكثر من 52 مليون يورو (47.8 مليون دولار) يمتلكها رفعت الأسد بشكل غير مباشر، خصوصا عبر شركة سنون، المسجلة في لوكسمبورغ.
وتتضمن الممتلكات إسطبلا للخيول قرب باريس وقصرين ومبنيين، وقطعة أرض في باريس ومكاتب في مدينة ليون.
بدورهم، تحدث عدد من أبناء رفعت الأسد، الذين تم استجوابهم كشهود عن سعودي: “يقوم بتمويلنا في المنفى منذ 30 عاما”.
وبحسب وكالة فرانس برس، فإن سوار رفعت الأسد (39 عاما)، قال إن والده: “يعيش من بيع الشقق بشكل رئيسي، والمساعدة التي تقدمها السعودية بشكل منتظم”.
ويحتفظ المحققون بشهادة موظف سابق لدى العائلة، أكد كيف أن الشقق في أحد المباني التي كان يديرها: “كان يتم تأجيرها لأسبوع أو شهر من دون الإعلان عن ذلك مطلقا”.
أما رفعت الأسد، فإنه يعتبر أن التحقيق الذي يستهدفه مرده دوافع سياسية، وقال: “أجد هذه المسألة غريبة؛ فهذه القضية لا تشرف فرنسا”.
العربي الجديد