بالأمس كانت فرحة الناس لا توصف من خلال استقرار أسعار المحروقات وخاصة البنزين إذ تراجع سعر اللتر منه حتى 500 ل.س، بعد أن شهد ارتفاعا كبيرا لأسباب لم تعرف، وكانت آمال أخرى تتوقع انخفاضه حتى 300ليرة مستبشرة بهدوء سماء إدلب لأسبوع كامل تقريبا وهدوء حماة ما يشير إلى توقع نشاط اقتصادي في إدلب وأريافها.
اليوم بين عشية وضحاها استيقظ الناس على أسعار جنونية تشهدها المحروقات بكافة أنواعها، إذ وصل لتر البنزين حتى 1000 ليرة سورية في الريف الإدلبي وفي أحسن الأحول 800ليرة سورية.
فما السبب وما العمل؟
يُرجع مراقبون أسباب ارتفاع المحروقات، خاصة البنزين، إلى اشتعال المعارك بالريف الحموي وامتداد المعارك حتى مشارف جبل زين العابدين المطل مباشرة على الأوتوستراد الدولي ما يعني عدم تمكن سيارات المحروقات من السير على هذا الطريق في أي ظرف؛ خوفا من التبادل الناري الكثيف بين الثوار والقوات المدافعة عن الجبل. ما يعني انقطاع الطريق الرئيسي، شريان الحياة التجارية والبشرية بين إدلب وحماة.
لانقطاع الطريق نتائج كبيرة على الحياة الاقتصادية للسكان في المحافظتين، فلم يعد بإمكان الموظفين السفر إلى حماة لقبض رواتبهم، ولم يعد بإمكان الحركة الاقتصادية من النشاط في ظل هذه الظروف، لكن المشكلة الأكبر انقطاع طريق المحروقات ما قد يغير نظام الحياة في إدلب والريف الحموي الشمالي بالكامل.
إن غلاء الأسعار الجنوني مرتبط أساسا بالمحروقات، وعمل المولدات التي تعيش عليها المنطقة الشمالية بأكملها مهددا بتقليص ساعات العمل، وقد تضطر مولدات كثيرة للتوقف إذا ما طالت فترة انقطاع الطريق.
توقفت عمليات النقل العام والتجارة وتوقفت حركة التاكسي في مدينة إدلب بشكل شبه كامل، فغلاء المحروقات يرفع مباشرة أجرة التوصيلة ما يفرض على المواطن التفكير مليّا قبل الركوب في التاكسي أو أنه مضطر للتنقل مشيا على الأقدام مهما طالت المسافة بينه وبين مقصده، ورغم ارتفاع الحرارة والخوف الشديد من الغارات الجوية سيضطر المواطن في ظل ارتفاع أسعار المحروقات إلى الاستغناء عن خدمة تكسي الأجرة والسير مشيا على الأقدام.
أما المياه فغدت هاجسا كبيرا على الأسر في مدينة إدلب “حنان” تسكن قريبا من ساحة الساعة تفكر مليّا بتغيير مكان سكنها المستأجر، فعلاوة على غلاء أجور المنازل هناك الخوف المتواصل من الطيران خاصة أنها تعيش في الطابق الرابع ما رفع أجرة كل شيء، كل شيء على الإطلاق.. اليوم لم تجد نقطة مياه واحدة في خزانها على السطح، تفاجأت بأن أجور ضخ المياه تحولت بحسب الطابق وليس بحسب الكمية، ف5 براميل أصبحت ب2500 ليرة سورية وجارتها في الطابق الأول دفعت 1200ليرة، ونعرف ما للنساء من طباع أصيلة في قرارة نفوسهن كالغيرة و”المخاريز الرفيعة” على قولة “أم عبدالله” السيدة الجليلة في الطابق العلوي لسكني.
الخضار والفواكه حديث آخر أجور السقاية على الديزل والنقل وأجور العمال وغيرها رفعت ثمن كيلو الخوخ الأحمر من 220 إلى 400 والعنب من 240 حتى 400، سوق الخضار شبه فارغ من الباعة والمشترين، كميات قليلة من الخضار في صناديق تتثاءب ضجرا من فراغها، إلا من ذباب يستقر ساعات ولا يد تطارد حشريته.
واقع مؤلم لحياة مدينة إدلب على إثر غارات الطيرانين الروسي والسوري، وغلاء كل شيء نتيجة غلاء المحروقات، والخوف قادم من انقطاعها فيتساوى ظلام ليلها بظلام حقد النظام على مدينة صرخت وأبت الذل فيها.
المركز الصحفي السوري- علاء العبدالله