وقعت المجزرة اليوم مترافقة مع جملة من المعطيات السورية والدولية، فقد جاءت بعد زيارة بيدرسون إلى دمشق لمناقشة ملف جدول أعمال اللجنة الدستورية و رفض النظام المقترحات الدولية وتصميمه على أن تكون المناقشة بين السوريين و في دمشق دون طرح أي دستور جديد و اقتصار النقاش حول مواد دستورية محددة سابقاً.
و جاءت أيضاً خلال عمليات الجيش الأذري وبدعم مباشر من تركيا في إقليم كرباخ وتحرير عدة قرى ومدن رغم الهدنة الإنسانية المعلنة مستغلا انتهاكات الجيش الأرمني.
كما ترافقت مع خروج مظاهرات ضد تصريحات الرئيس الفرنسي ماكرون ضد الإسلام والمسلمين و ردود الفعل الشعبية في المناطق المحررة وتصريحات الرئيس التركي رجب طيب اردوغان القوية ضده، والتي أسفرت عن استدعاء فرنسا لسفيرها في انقرة, و قيام قوات سوريا الديمقراطية بقمع المتظاهرين في دير الزور بالرصاص الحي انتصارا للرئيس الفرنسي .
وبحكم وجود هدنة على أساس اتفاقيات أستانا و سوتشي، حيث تم رسم خريطة إعادة انتشار الفصائل فإن كافة المعلومات والبيانات المتعلقة بمواقع رباط و تدريب ومستودعات و أسلحة الفصائل مكشوفة للقوات الروسية أي أنها تعلم علة كل الإحداثيات التي يمكن أن توفر لها بنكاً عظيماً من الأهداف .
إلا أن توقيت الضربة والظروف التي ذكرناها تعطي انطباعاً بأنها رسالة متعددة الأوجه، فهي رسالة إلى تركيا و الفصائل الثورية والمعارضة السورية بوجوب التخلي عن فكرة المطالبة بدستور جديد والتخلي عن طرح اللجنة الدستورية .
و كذلك هي رسالة خاصة لتركيا من روسيا و ايران وفرنسا : المتحالفة مع أرمينيا ” لدفعها لوقف عمليات الجيش الأذري في إقليم كرباخ .
كما هي رسالة للمجتمع الدولي تؤكد رفض النظام التخلي عن السلطة تحت أي ظرف كان و وجوب التوقف عن التدخل في الشأن السوري باعتباره شأناً داخليا وحرباً على الإرهاب، خرج منها النظام منتصرا على الإرهاب و أن أبوابه مفتوحة لعودة اللاجئين، بدليل نيته عقد مؤتمر إعادة اللاجئين في الشهر القادم مع الأخذ بعين الاعتبار دعم اليمين الأوروبي المتطرف للنظام الذي لم يتوقف منذ بداية الثورة .
كل ذلك سيؤدي إلى خلط في الأوراق وتشنج الأوضاع على الأرض وعودة أزمة الأعمال العسكرية التي ستقلق الأمم المتحدة وضرورة وقف إطلاق النار لتفادي موجات نزوح و هجرة جديدة و تفادي أزمة أنسانية جديدة، مما يستدعي استنفارا دوليا لضبط الوضع الذي سيأخذ وقتاً طويلا، مما يسمح للنظام بتمرير الوقت و إقامة الانتخابات الرئاسية في منتصف العام المقبل دون وصول اللجنة الدستورية إلى صياغة دستور جديد أو تعديل الدستور القائم لنعود إلى المربع الأول مربع شرعية النظام .
المحامي : عبد الناصر حوشان ِ