مهدي عقبائي، عضو المجلس الوطني للمقاومة الايرانية
في صيف عام 1988، قتلت الحكومة الإيرانية أكثر من 30 ألف سجين سياسي بناءً على فتوى صادرة عن روح الله خميني، الذي أصدر قراره بحق جميع السجناء السياسيين المنتمين إلى منظمة مجاهدي خلق بالإعدام.
وشكلت “لجان الموت” في عموم إيران لتسليم السجناء السياسيين الذين رفضوا التخلي عن معتقداتهم لفرق الإعدام.
وتم إعدام سجناء سياسيين ينتمون إلى مجموعات أخرى في الدفعة الثانية بعد حوالي شهر، فيما تم دفن الضحايا سرا في مقابر جماعية.
في البلدات الصغيرة لم يكن من الممكن إعدامهم جميعًا سراً وبكل هدوء، وبعد فصل الأسرى تم نقل العديد منهم إلى مدن أخرى، وذلك لإبلاغ أهاليهم بشكل متأخر بإعدام أبنائهم وتجنب حدوث الأزمة.
قرار خميني بذبح السجناء
كان الخميني قد قال مرارًا إن الحرب العراقية الإيرانية ستستمر حتى لو بقي منزل واحد في طهران، واعتبر الحرب هبة سماوية ولم يقبل أي وساطة لقبول وقف إطلاق النار.
لكنه فجأة وافق على وقف إطلاق النار بسبب الهزائم المتتالية في الحرب.
وذلك دفع خميني لملء الفراغ الذي كانت قد خلفته الحرب التي كانت غطاء للقمع الداخلي بمذبحة السجناء السياسيين. لذلك وضع المجزرة على رأس أولويات الجمهورية الإسلامية وأجندتها العاجلة.
بداية المجازر
بقبول وقف إطلاق النار، فإن ما تم القيام به خلال الأشهر الستة السابقة، بما في ذلك الفصل بين السجناء السياسيين وتصنيفهم، ونقلهم المستمر، وما إلى ذلك، كتمهيد وتهيئة الأرضية للمجزرة، سرعان ما وصل إلى مرحلته التنفيذية.
في سجن إيفين، ومن أجل تنفيذ مشروع المجزرة، تم نقل العديد من السجناء من العنابر العامة إلى الحبس الانفرادي صباح يوم 19 يوليو.
وأكدت المتحدثة باسم الخارجية الأمريكية مورغان أورتيجا، أن المجزرة بدأت رسميًا في 19 يوليو 1988، في تغريدة نشرها حساب وزارة الخارجية الأمريكية الناطق باللغة الفارسية على تويتر، على شكل مقطع صوتي وفيديو.
وقالت إن “19 يوليو هو ذكرى بدء ما يسمى بـ” لجان الموت “في إيران”.
إعدامات جماعية
وفقًا للسجناء، فقط في إيفين وغوهردشت، تم إعدام العشرات من الإخوة والأخوات معًا.
وفي المدن، تم إعدام 5 أو 6 أشخاص من بعض العائلات، وتم شنق 2 أو 3 منهم في نفس الوقت.
إثارة قضية المجزرة في الأمم المتحدة
أثيرت قضية محاكمة أولئك الذين قتلوا في مجزرة عام 1988 أخيرًا في عام 2017 في الجمعية العامة للأمم المتحدة.
في 2 سبتمبر / أيلول 2017، أصدرت الأمم المتحدة عن طريق المبعوث الخاص تقريراً عن أوضاع حقوق الإنسان في إيران بمناسبة الذكرى السنوية التاسعة والعشرين لمجزرة آلاف السجناء السياسيين.
وتم التطرق في هذه الوثيقة التي عرضت على الجمعية العامة للأمم المتحدة عن طريق أمينها العام، ولأول مرة، إلى موضوع مجزرة السجناء السياسيين في إيران عام 1988 في عدة بنود، حيث أكدت الوثيقة على إعدام آلاف السجناء، ودعت إلى إجراء تحقيق مستقل وفعال في هذه الجريمة وكشف الحقائق.
في 25 اكتوبر 2017، قالت الراحلة السيدة أسماء جهانغير، المبعوث الخاص لحقوق الإنسان في إيران، أثناء تقديم تقريرها النصف سنوي إلى اللجنة الثالثة للجمعية العامة للأمم المتحدة: “يتحدث عدد كبير من الدعاوى القضائية والاتصالات والوثائق التي أحاطت بإعدام آلاف السجناء السياسيين من الرجال والنساء والمراهقين في عام 1988, عن الألم العميق والمستمر الذي يجب بالتأكيد معالجته، وقد أكد بعض كبار المسؤولين الحكوميين حدوث عمليات القتل هذه”.
ثم كتب الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو جوتيريس تقريرًا إلى مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة حول مجزرة السجناء السياسيين في عام 1988: “إن الأمين العام قلق من المشاكل التي يعانيها أهالي الضحايا في الحصول على معلومات عن أحداث عام 1988 والعراقيل التي تضايق الباحثين عن مزيد من المعلومات حول هذه الاحداث”.
تدمير المقابر الجماعية في تقرير منظمة العفو الدولية
وأكد التقرير أنه تم إجراء مقابلات مع 28 سجينًا سابقًا و23 فردًا من أهالي ضحايا المجزرة لجمع المعلومات بين نوفمبر 2015 ويناير 2018، واستخدمت أفلام الفيديو والصور المتنوعة للأقمار الصناعية.
حتى الآن، تم التعرف على أكثر من 59 مقبرة جماعية، في عام 2018، أظهر تقرير مشترك صادر عن منظمة العفو الدولية ومنظمة العدالة من أجل إيران بعنوان “التغطية الجنائية” أن السلطات الإيرانية تقوم بهدم المقابر الجماعية أو تقوم بعمليات البناء فوقها لإخفاء الأدلة الأساسية التي يمكن أن تثبت الجريمة، وتحقق العدالة للضحايا.
وأصدرت منظمة العفو الدولية بياناً عشية اليوم العالمي للاختفاء القسري للضحايا، ووصفت مجزرة السجناء السياسيين على يد نظام الملالي عام 1988 بأنها “جريمة مستمرة ضد الإنسانية”.
نشاط المقاومة الإيرانية
رحبت السيدة “مريم رجوي” بالدعوة إلى التحقيق والمراجعة وطلب العدالة لضحايا المجازر الجماعية، ودعت إلى إرسال بعثات دولية لتقصي الحقائق إلى إيران بحضور ممثلين عن منظمة مجاهدي خلق والمقاومة الإيرانية لمنع النظام الإيراني من إخفاء جرائمه الكبرى ضد الإنسانية، لا سيما المتعلقة بالمقابر الجماعية والإحصائيات الدقيقة للمعتقلين في السجون من مدن وبلدات مختلفة في جميع أنحاء إيران.
ماذا علينا أن نفعل؟
يجب على الجمعية العامة للأمم المتحدة إنهاء الحصانة التي استمرت 32 عامًا عن مسؤولي النظام الإيراني المرتبطين بمجزرة عام 1988… وتشكيل لجنة للتحقيق في هذه المجزرة وتحقيق العدالة لضحايا هذه الجرائم المعادية للإنسانية.