عقب اجتماعه مع نظيره التركي، التقى وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، لتعلن أنقرة وطهران تعهدا “بتعاون بشأن سوريا رغم اختلاف وجهات النظر”، وجاءت زيارة ظريف لتركيا بعد أيام قليلة من زيارة أردوغان لروسيا ولقائه نظيره الروسي فلاديمير بوتن.
وقبل زيارته لتركيا، تحدث ظريف هاتفيا مع نظيره الروسي سيرغي لافروف، فيما بدا تنسيقا روسيا-إيرانيا بشأن التعامل مع التوجه التركي الجديد في السياسة الخارجية عقب محاولة الانقلاب الفاشلة.
ومنذ زيارة أردوغان لروسيا، وإرساله ممثلين عن الخارجية والمخابرات والجيش للقاء نظرائهم الروس للتباحث بشأن سوريا، والتحليلات والتعليقات تتوالى من كل حدب وصوب عن تأثير هذا التقارب التركي الروسي على مجريات الصراع في سوريا.
ورغم تباين المواقف للأطراف الثلاثة من الوضع في سوريا، إلا أن التغير في السياسة الخارجية التركية، حتى منذ ما قبل الانقلاب الفاشل في تركيا، يشير إلى نهج جديد نحو “حلول الوسط” مع احتفاظ كل طرف بأهدافه الاستراتيجية النهائية.
فالروس، وإن كانوا لا يصرون على شخص رأس النظام في سوريا، لكنهم غير مستعدين بعد كل استثمارهم العسكري هناك أن يضحوا بمن يضمن مصالحهم في تلك البقعة. لكنهم في الوقت نفسه يدركون أهمية دور تركيا في دعم المعارضة المسلحة.
والإيرانيون، الذين يحرصون على النظام من منطلقات طائفية وليس استراتيجية فحسب، يحاولون الاستفادة من التقاطع الاستراتيجي مع روسيا، وربما أيضا الاتفاق مع الأتراك على مواجهة الأكراد مقابل توقف تركيا عن دعم بعض جماعات المعارضة المتطرفة في سوريا.
ورغم النفي الرسمي المتعلق بأن موسكو أغلقت مكتب تمثيل حزب كردي تزامنا مع زيارة أردوغان، إلا أن الروس لا يهمهم كثيرا دعم الأكراد الذين تعتمد عليهم الولايات المتحدة في حربها ضد داعش في سوريا والعراق.
يبقى التوجه التركي الحاسم في مستقبل أي تقاطع لأطراف المثلث في سوريا، ومن غير الواضح بعد إن كانت أنقرة لا تزال متمسكة أم لا بهدف فرض منطقة حظر جوي في شمال سوريا، وربما “منطقة عازلة” بطول حدودها مع سوريا، بعمق يكفي لعدم تفكير الأكراد في إقامة كيان خاص بهم.
ورفضت الولايات المتحدة من قبل فرض الحظر الجوي أو المنطقة العازلة، كما تريد تركيا، بل ذهبت أبعد من ذلك بالتعاون مع الأكراد.
ومن غير المرجح أن يدخل الروس في صدام مع الأميركيين لصالح أردوغان، كما أن الإيرانيين يفضلون التعامل مع الأميركيين مباشرة دون “وسيط بالتقاطع” مثل تركيا.
ويدلل أحد المحللين الغربيين على أن ما هو مشترك بين الأطراف الثلاثة غير كاف لإحداث تغيير مهم في مجرى الصراع في سوريا بالتعليق على دعوة أردوغان روسيا للتعاون أكثر في “محاربة الإرهاب” في سوريا والعراق.
فالإرهاب بالنسبة للأتراك يعني المقاتلين الأكراد (وربما داعش على استحياء)، وبالنسبة للروس يعني جماعات المعارضة في سوريا الإرهابية منها والأقل تشددا، أما بالنسبة لإيران فيعني الأكراد والمعارضة معا.