لم يرقَ التعليم في سورية للمستوى المطلوب؛ فالمناهج والكتب المدرسية الحالية مازالت بعيدة عن الحاجات التنموية وعن المنظومة التعليمية المطلوبة لتوسيع مدارك ومهارات الطلبة والخريجين، ولا هي قريبة من التصور الذهني المطابق تاريخياً للتطورات الاقتصادية والاجتماعية والثقافية.
فاتباع الطرق التقليدية في التدريس والمحاضرات وعدم اعتماد التعليم المعتمد على البحث والمناقشة, وقلة مراكز البحوث العلمية منع التعليم من الارتقاء إلى المستوى التطبيقي بل اقتصر في كثير من الأحيان على الجانب النظري, وربما عدم الاستقلالية المادية لمعظم مراكز البحث العلمي كان سبباً في هذا التأخر.
إن الأزمة التي تمر بها سورية كانت من أهم جوانب تأثر التعليم وانخفاضه, فحسب آخر إحصائية للتعليم من قبل منظمة اليونيسكو تظهر من خلالها تدني نسبة التعليم بشكل كبير عمّا كانت عليه في سنوات سابقة, فقد أظهرت الجداول الإحصائية الأخيرة للعام 2013 وما سبقها كيف أن نسبة التعليم كانت 81.42% للعام 2013 أي انخفضت بمعدل 51.85% للذكور عن العام الذي سبقه إذ كانت النسبة 133.27% عام 2012 للعام 2011, أما بالنسبة للإناث فقد انخفضت النسبة بمعدل 49.74% عن العام الذي سبقه لتصبح 78.73% عما كانت عليه للعام 2012 وهي زيادة 128.47% عن العام 2011.
فقدان العديد من المدارس دفع كثير من الطلبة لترك العلم؛ فإما البقاء والتعلم وتحمل الضغط النفسي وسوء الأوضاع الناجمة عن الحرب المستعرة أو الهجرة والسعي نحو حياة أفضل.
وبعيداً عن أجواء الحرب يبدع السوريون من خلال التبني لأفكارهم واستثمار الطاقات والقدرات التي يمتلكونها بإخراجها للمستوى العملي التطبيقي.
ولعل إبداع الأطفال السوريين كان محط أنظار كثير من المنظمات العالمية وهذا لم يكن وليد المصادفة، إذ يتمتع السوريون بشكل عام وأطفال الجيل الجيد خاصة بذكاء وقّاد، فهم يتمتعون بالقدرات الذهنية التي تؤهلهم ليكونوا مبدعين بحق.
“الحاجة أم الاختراع” لعل هذا ما دفع السوريون لإبراز أفضل ما لديهم بمناسبات كثيرة، ولعل المسابقة الأولى من نوعها التي أعدت في غازي عنتاب إحدى أبرز المدن التركية التي لجأ إليها السوريون “لصنع الروبوتات التعليمية” والمشاركون كانوا لاجئين سوريين كانت بمثابة رؤية جديدة وأمل جديد بالنسبة لأطفالنا.
فالمسابقة كانت ضمن مشروع أمل سورية وهي مبادرة من منظمة أطباء عبر القارات بالشراكة مع innovast technology.
“أحمد عيد” والعشرات من الطلاب سعَوا لتقديم أفضل ما لديهم في المسابقة، وهدفهم الوحيد بناء بلدهم رغم الأشياء الصغيرة التي قاموا بصنعها أكدوا بأن اختراعاتهم ستكبر معهم.
فمعظم أهالي المشاركين عبروا عن سعادتهم بتلك المسابقة وقالو “إن أطفالنا يتلقوا اهتماما كبيرا خرجنا من وطننا ولم نكن متأكدين أن باستطاعتهم إكمال تعليمهم رغم الصعاب التي مررنا بها استطاعوا أن يثبتوا قدرتهم وتفوقهم”.
حال السوريين في كل مكان لجؤوا إليه استطاعوا إثبات ذاتهم بفضل الرعاية التي قدمت لهم التي لم يجدوها في وطنهم ولم يقتصر تفوقهم في المجال العلمي فحسب بل تعداه ليشمل كافة مجالات الحياة، فمن العلوم والآدب والفن إلى الرياضة والطهي وحتى الأمور الخدمية.
المركز الصحفي السوري- أسماء العبد