أثار اغتيال قائد “جيش الإسلام” زهران علوش، مساء الجمعة بغارة روسية، عددا من التساؤلات حول بنية وسياسات الفصيل المتواجد في ريف دمشق وارتباطها بشخصه، بالإضافة إلى مستقبل العملية السياسية التي كان “جيش الإسلام” عنصرا أساسيا فيها، إذ وصف مراقبون عملية الاغتيال باستهداف العملية السياسية بكليتها.
ويتوقع أن يؤدي اغتيال الشيخ زهران علوش إلى تغيرات على مستوى الجيش بداية، وعلى مستوى الساحة العسكرية والسياسية للثورة السورية، وعلى الساحة الإقليمية والدولية، فما هي هذه التداعيات؟
الجيش ثابت
وبعد تأكيد “جيش الإسلام” مقتل قائده بساعات، أعلن عن تعيين نائبه عصام بويضاني في منصب القائد العام للجيش، والذي أكد، في بيان مصور، أن “جنود جيش الإسلام ماضون في مسيرتهم حتى إعادة الحق إلى أصحابه وسيبقون سائرين على الدرب حتى تحقيق الهدف الذي ثار من أجله السوريون”، فيما اعتبره مراقبون تماسكا عاليا، وثباتا على السياسات.
اقرأ أيضا: علوش.. القائد الذي قاتل النظام وتنظيم الدولة في آن (بورتريه)
إلى ذلك، قال الكاتب والباحث السوري أحمد أبازيد إنه “رغم الكاريزما الطاغية للشيخ زهران علوش في حياته، إلا أن الجيش مكون من بنية مؤسسية متينة، ومن رموز ميدانيين وشرعيين معروفين لدى العناصر، ولذلك لن يؤثر على تماسكه أو يؤدي لانهياره، رغم الصدمة المعنوية الكبيرة للجيش”.
وأضاف أبازيد، المقيم في حلب، بتصريحات خاصة لـ”عربي21“، أن ذلك لن يؤدي إلى تغيير جذري في خططه العسكرية ضد تنظيم الدولة والنظام، ولا على سياسة الجيش الداخلية مع الفصائل أو الخارجية مع الدول، وهو ما أكده بويضاني في ظهوره الأول.
من علوش إلى البويضاني
وبالرغم من شح المعلومات المتوفرة عن بويضاني، الذي عين خلفا لعلوش، ذي الشخصية الكاريزمية والمؤثرة في جيش الإسلام، خلال ساعات، إلا أن ناشطين قالوا إن “القائد الجديد من المؤكد أنه كان له دور هام وخفي في المرحلة السابقة”، وهو ما أكده مقطع مصور نُشر لاحقا يظهر علوش وهو يثني على بويضاني قائلا إن “أبا همام هو القائد الجديد، وهو أحسن مني دينا، وخلقا، وعسكرة”.
اقرأ أيضا: وصية علّوش قبل اغتياله وماذا قال عن خلفه البويضاني؟ (شاهد)
بخصوص ذلك، قال الباحث السوري حسن حسن إن “اختيار عصام بويضاني سيساعد الجيش على التعافي بسرعة”، موضحا أن بويضاني كان قائدا مؤسسا في الجيش منذ أن كان “سرية الإسلام”، وكان قائدا ميدانيا منذ ذلك الحين.
وتابع حسن، في مقال له مع “الناشونال” الإماراتية، بأن “بويضاني يتحدر من عائلة معروفة في دمشق، وتلقى تأسيسا علميا ودينيا عند شيوخ محليين”.
الساحة العسكرية
وحول أثر اغتيال علوش على الفصائل السورية المسلحة، التي تواجه صعوبات عسكرية أمام النظام السوري وحلفائه، وتنظيم الدولة، أشار حسن إلى أن التعزيات الكثيرة لجيش الإسلام باغتيال علوش قد تؤدي “لتقليل التوترات بين الفصائل، وتزيد التعاون العسكري”.
وكان أبازيد قد أكد أن التراجع الميداني بالنسبة للثوار في أكثر من جبهة، وفقدان القادة المؤثرين، سيدفع الفصائل المسلحة والحلفاء نحو مزيد من التحالف والتوحد، وهو ما أكد عليه بويضاني في كلمته الأولى.
“ضربة” لفيينا والرياض
ووصف مراقبون اغتيال علوش، الذي شارك فصيله بممثلين اثنين في مؤتمر الرياض للمعارضة السورية، بأنه “استهداف” للعملية السياسية كلها، وضربة للحل السياسي الذي يسعى إليه العالم.
ووصف الصحفي السعودي جمال خاشقجي، في تغريدة له على حسابه على موقع “تويتر”، اغتيال علوش – الذي وصفه بالشهيد – بأنه “رد بوتين على مؤتمر الرياض ونجاحه في توحيد المعارضة”.
من جانبه، أكد الكاتب والباحث السعودي خالد الدخيل أن “استهداف علوش وتنظيمه يأتي متكاملا مع موقف روسيا من مؤتمر الرياض تحديداً، فموسكو رفضت النتائج التي توصل إليها المؤتمر”.
وأضاف الكاتب السعودي، في مقال له على صحيفة “الحياة” اللندنية، أن “الضربة موجهة إلى مؤتمر المعارضة في الرياض ونتائجه”، مشيرا إلى أن اغتيال علوش من الطرف الروسي يعني “توغل الدور الروسي كطرف (مافياوي) في الحرب الأهلية، الأمر الذي سيفشل مسار فيينا كما ساهمت روسيا في إفشال مسار جنيف، وبالتالي استمرار النزف السوري.
بدوره، توقع الباحث القطري سلمان الشيخ، في تصريحات لموقع “ميدل إيست آي” أن يؤدي اغتيال علوش إلى “انتهاء محادثات السلام في الرياض، بعد أن تم جمع الأطراف المشاركة بها بصعوبة”، معتبرا أنها تبدو الآن “مستحيلة”، وأن الأمور تسير نحو مزيد من الحرب.
وأوضح الشيخ، الباحث السابق في معهد بروكنجز ومدير مجموعة الشيخ البحثية، أن علوش وجيش الإسلام كانا طرفا أساسيا وداعما في العملية السياسية في سوريا.
عربي 21