▪اتفاق الهدنة بين الولايات المتحدة و روسيا سجل مستوى جديد من التعاون بين البلدين.
وتأمل واشنطن في استخدام الاتفاق مع موسكو كقفزة من أجل تحقيق الاستقرار في سوريا.
▪ ولكن إنهاء الحرب ما زال احتمالاً بعيداً, نظراً ل الهدنة الهشة بسبب تأثير روسيا المحدود على إيران والنظام في سوريا, إضافة إلى الأهداف المختلفة لكل من أميركا وروسيا.
وتوصلت الولايات المتحدة وروسيا إلى اتفاق لوقف إطلاق النار في سوريا, و لكن تشعّبات الاتفاق سيكون أقل قسوةً من غيره. اتفاق 7تموز شمل المحافظات السورية بالجنوب, القنيطرة, درعا و السويداء, وسجل مستوى جديد من التعاون بين الولايات المتحدة وروسيا.
اقتصرت أول صفقة على التنسيق لوضع آليات تمنع المناوشات المفاجئة بين التحالف الدولي برئاسة الولايات المتحدة والقوات المدعومة من روسيا.
عبّر البيت الأبيض عن أمله باستخدام هذا الاتفاق, في المفاوضات مع الكرملن كوسيلة لوقف الحرب الدائرة هناك, و لكن إنهاء الحرب في سوريا بعيد المنال بشكل واضح, خصوصاً بعد خرق الهدنة عدة مرات الأسبوع الماضي.
الاستقرار, أو غير ذلك
إن رغبة الولايات المتحدة مؤخراً بالعمل مع روسيا لم يأتِ عن عبث, كما أن المعركة_ أو على الأقل, المعركة التقليدية_ ضد تنظيم الدولة وصلت إلى مراحلها الأخيرة في سوريا والعراق, واشنطن لم تعد قادرة على الهرب من حقيقة, بأنها يجب عليها وضع خطة لما بعد المرحلة الأخيرة.
واستناداً لظهور تنظيم الدولة بعد انسحاب الولايات المتحدة من العراق, فإن المجموعات المتطرفة سوف تبقى بقوة إصرارها لعدة أعوام قادمة, حتى بعد هزيمتها في هذه المعركة التقليدية.
سيبقى تنظيم الدولة مستفيدا من الفراغ الأمني والفوضى في البلاد, إثر غياب التفاهمات والجهود الناجحة لاستقرار سوريا على الأقل.
بالفعل، من الممكن بسهولة, إعادة بناء وظهور تنظيم الدولة كقوّة ضخمة : في سوريا, كان لتنظيم الدولة مسبقاً القدرة على التوسع في المناطق غير الحسّاسة في سوريا, بينما أعداؤهم صارفين النظر عنهم.
من الواضح, بأنه يوجد حاجة ماسة للتفاهم حول بذل الجهد لتحقيق الاستقرار في سوريا, ولكن من غير الواضح سواء كانت الولايات المتحدة و روسيا لديهم القدرة على العمل معاً من أجل تحقيق هذا الهدف.
انهارت عدد من الاتفاقيات السابقة لوقف إطلاق النار في سوريا بين الولايات المتحدة وروسيا وسط خروقات وتبادل الاتهامات.
ويوجد دليل ضعيف وراء تطبيق هذا الاتفاق بمشاركة روسيا نفس أهداف الولايات المتحدة في سوريا. ترى واشنطن بأن إزاحة نظام بشار الأسد و تشكيل حكومة انتقالية أقل انقساماً, خطوة ضرورية لإعادة ترميم العلاقات بين الفئات الموالية والمعارضة. تبدو روسيا أقل استعداداً في دفعها لإنهاء حليفها في دمشق.
من ناحية أخرى, أكد الرئيس الأميركي ‘دونالد ترامب’ في خطابه الأخير في بولندا, بأن الولايات المتحدة تسعى للوصول إلى حل سياسي في سوريا, الذي يحد من نفوذ إيران هناك. ومن غير المحتمل مشاركة روسيا نفس أهداف الولايات المتحدة كون الأولى تشارك طهران في عدد من الجبهات في سوريا.
القول أسهل من الفعل
لا يوجد شك بأن روسيا لديها تأثير هام على نظام بشار الأسد وشريكها الايراني. زاد هذا التأثير في السنوات الماضية بسبب دعمها للقوات الموالية في المعارك على الأرض, إضافة لدعم النظام في الأمم المتحدة.
غير أنّ الهيمنة الروسية على النظام السوري و الإيراني لا تُعتبر شاملة, و أن كلا البلدان راغبان بفعل أكبر من الولاء الكلامي الكاذب لأية مبادرة روسية يعتبرونها ضد مصالحهم الجوهرية. قامت القوات الموالية مسبقاً, بخرق جميع اتفاقيات وقف النار المدعومة من روسيا, من ضمنها اتفاقية مناطق خفض التصعيد الأربعة, التي أُعِدّت في كانون ثاني بالعاصمة الكازخستانية أستانا, بضمانة روسية, تركية و إيرانية.
الحشود الموالية تجاهلت منطقتين من مناطق خفض التصعيد بشكل كامل, حيث شنّوا عمليات هجومية ضد فصائل الثوار في هاتين المنطقتين.
في الحقيقة, سُحِبت منطقة واحدة من الاتفاق الفاشل لمناطق خفض التصعيد, من محادثات أستانة إلى الاتفاق الروسي الأميركي, والتي شارك فيها طرفان آخران : اسرائيل والأردن.
حذّرت اسرائيل من تنامي النفوذ الإيراني في دمشق, بعد دعمها لميليشيا حزب الله, و التركيز المتزايد على مرتفعات الجولان. لذلك كانت مصرّة على كبح الوجود الإيراني أكثر من الولايات المتحدة.
لكن اسرائيل انتقدت هذا الاتفاق “المعيب” بين الولايات المتحدة وروسيا. اسرائيل مدركة تماماً لطموح إيران في المنطقة, وغير مقتنعة بصمود هذا الاتفاق.
وكون الولايات المتحدة, الأردن واسرائيل غير راغبين أو غير قادرين على نشر قوات مراقبة على الأرض في سوريا في هذا الوقت, سيكون من الصعب تطبيق وقف إطلاق النار أو محاسبة القوات الموالية والمعارضة على أي خرق للهدنة.
و في أفضل سيناريو, حتى لو نجحت اتفاقية وقف إطلاق النار, هناك التحدي الأكبر بترجمة هذه الاتفاقية إلى اتفاق سياسي استراتيجي. من المرجح أن لا يكون هناك تحسينات في الحرب الأهلية في سوريا.
ستُقسّم البلاد إلى عدة مناطق منفصلة تحت حكم فئات مسلحة مختلفة. البيئة المستقرة بالكاد قادرة على إبعاد ظهور تنظيم الدولة أو المجموعات المتطرفة الأخرى.
ترجمة المركز الصحفي السوري-مركز ستراتفور للبحوث