لم يتخيل يوما أهالي أحياء حمص القديمة أن تصبح بيوتهم ديكورات لمصورين تابعين للنظام، فبعد تدميره لبيوتهم على مدار خمس سنوات وتهجيرهم بشكل قصري أصبحت مخيلة المصورين خصبه، ليتم فيها تصوير صور ثابته أو تصوير أفلام قصيرة والتحضير لأفلام طويلة .
مؤخرا حين تذهب لبعض استديوهات التصوير في محافظة حمص يعرض عليك المصور أماكن التصوير منها التصوير في “مناطق الإرهابيين ” على حد قولهم، أو التصوير في أستديوهات داخلية أوفي الحدائق العامة، تقول “مادلين ” التي ترفض ما حدث في أحياء حمص القديمة من دمار وتهجير: “صدمت حين عرض علي المصور التصوير بين الدمار، ليبرر أنها ستخلد ذكرى لمثل هذه الأماكن ، وأن رمزية المكان تكفي ليقنعها بفكرة أن حبهما قد خرج من بين الدمار ليكملوا مسيرة الحياة”، لم تكن تعتبر مادلين أن مثل تلك الأماكن التي دمرها النظام يجب أن تخلد فهي إن دلت على شيء فإنها تدل على “همجية النظام في التعامل مع من يعارضه”.
ولعل من شجع المصورين على التصوير في أحياء حمص، الضجة الإعلامية التي أخذتها صور العريس الضابط في الجيش السوري مع زوجته يوم عرسهما منتصف الشهر الماضي، التقطها لهم المصور الفوتوغرافي ” جعفر مرعي” مؤكدا كما قال ” أن الحياة أقوى من الموت” ، وقد أشاد العريس نقلا عن الوكالة الأنباء الفرنسية؛ إلى أنه التقط وزوجته هذه الصور ليعرضها على أبنائه ليعرفوا أن الحياة تستمر رغم الحزن وأن فكرة المصور قد اعجبتهما، لتؤكد الحياة واستمراريتها رغم الحرب”، فتصف زوجته أنها قبلت فكرة التصوير في هذا المكان التعيس بعد إقناعها من قبل زوجها.
أما على صعيد الأفلام المصورة في محافظة حمص وخاصة في الأحياء المدمرة، ففي أواخر عام 2014 أستطاع المخرج “جود سعيد” المقيم في فرنسا إنهاء فيلم له في مدينة حمص ليكون الأول من نوعه، بعد أن هجر النظام سكان المنطقة بشكل قسري، لتصبح ديكورا مناسبا لـ”مطر حمص” الذي يحكي قصة فتاتين فقدتا أخيهم في حمص، ويقوم المخرج بزيارة عدد من المواقع التي دمرت في حمص، وينسب أن ما حصل من دمار هو نتيجة ” العصابات المسلحة” لا طيران النظام، وبعد انتهائه من التصوير يعود لفرنسا دون الاكتراث بنقل حقيقة ما يحدث .
تعتبر حمص ثالث أكبر المدن السورية، تقع في المنطقة الوسطى، وتحوي العديد من المعالم الأثرية أبرزها جامع خالد بن الوليد الذي تعرض لدمار جراء قصف النظام له أكثر من مرة، ليرمم العام الماضي، فجميع الأحياء التي كانت خارج سيطرة النظام تم تدميرها فيما عدا حي الوعر المحاصر منذ أكثر من عامين .
المركز الصحفي السوري ـ أماني العلي