كشف الدكتور أيمن سلامة، أستاذ القانون الدولي وعضو المجلس المصري للشؤون الخارجية، ماهية وتعريف وأركان جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية التي بموجب القانون الدولي لن تسقط بالتقادم، ولن يفلت رئيس النظام السوري بشار الأسد من عقوباتها.
وقال سلامة، في حديث خاص مع “العربية.نت”، إن معظم الدساتير، ومنها الدستور السوري، تنص على أن رئيس الدولة هو القائد الأعلى للقوات المسلحة، وبالتالي فإن تسيير العمليات الحربية، خاصة اتخاذ القرارات العسكرية الاستراتيجية، تكون بيد رئيس الدولة بوصفه القائد الأعلى للقوات المسلحة، ولذلك فإن الرئيس الذي أمر بارتكاب جرائم الحرب أو جرائم ضد الإنسانية لا يستطيع أن يفلت من مسؤولية الجنائية الدولية حين يرتكب هذه الجرائم.
وأضاف: “لقد درجت كافة المحاكم الجنائية الدولية، منذ نورينمبرغ وحتى الآن، على رفض الدفع بصفة رسمية لرئيس الدولة بحسبانها تبيح له ارتكاب الجريمة الدولية، أو تمنع المسؤولية الجنائية الدولية عنه، أو تخفف عنه العقاب”.
وأوضح أن المسؤولية الجنائية تسند لرئيس الدولة الذي يعتبر في قمة التنظيم السياسي للدولة، وممارسة السيطرة والأمر بارتكاب بعض الجرائم التي تتسم بخطورة جسيمة تصل إلى حد الإبادة لشعب بأكمله أو لمدينة، فهو قرار دولة مجتمعةً، ورئيس الدولة أو الحكومة هو ممثلها، لأن بيده زمام الأمور.
لكن ما هي الجرائم التي تندرج تحت بند الجرائم ضد الإنسانية وجرائم الحرب والتي لن يفلت الطغاة من عقوبتها وفقا للقانون الدولي؟
على هذا السؤال يجيب الخبير المصري قائلا إن “هناك أركانا لهذه الجرائم. لكي تكون الجريمة ضد الإنسانية لا بد من توافر أركانها وهي: الركن المادي والركن المعنوي والركن الدولي والركن الشرعي”.
أولاً: الركن المادي
يقوم الركن المادي للجريمة ضد الإنسانية على مجموعة من الأفعال الخطرة التي تصيب إحدى المصالح الجوهرية للإنسان، أو مجموعة من البشر يجمعهم رباط سياسي واحد أو عرقي أو ديني أو قومي أو إثني أو متعلق بنوع الجنس.
ثانياً: الركن المعنوي
يجب أن يعلم الجاني أن فعله ينطوي على اعتداء جسيم على حقوق الإنسان الأساسية، إما في صورة إهدار كلي لها، وإما في صورة الحط من قيمتها. ويجب أيضا أن تتجه إرادته إلى هذا الفعل، كما يجب أن تكون غايته من هذا الفعل، وهذا القصد الخاص إلى النيل من الحقوق الأساسية لجماعة بعينها ترتبط بين وحدة معينة “دينية أو عرقية أو سياسية أو ثقافية”، فإذا انتفت هذه الغاية ينتفي الركن المعنوي ولا تقع الجريمة ضد الإنسانية.
ثالثاً: الركن الدولي
يكفي لتوافر الركن الدولي أن تكون الجريمة قد وقعت تنفيذا لخطة مرسومة من جانب الدولة ضد جماعة بشرية تجمعها عقيدة معينة أو رباط معين، ولا يشترط أن تكون تلك الجماعة تحمل جنسية الدولة أو لا، أو يكون المجني عليه أجنبيا أو وطنيا، بل الغالب هو ارتكاب هذه الجريمة على الوطنيين، أي الذين يحملون جنسية الدولة، وفي هذه الحالة يكون الجاني والمجني عليه من رعايا نفس الدولة.
وأشار سلامة إلى أن تجريم الجرائم الدولية، سواء ارتكبت في سوريا أو أية بقعة من بقاع المعمورة، مسألة تهم الإنسانية كلها. وأضاف: “لقد عكست الحالة السورية بجلاء ودونما أية شك نكوص المجتمع الدولي عن النهوض بمسؤوليته لمكافحة الجرائم الدولية المرتكبة في هذا البلد، والتي تهدد السلم والأمن الدوليين. وكان المسؤولون في سوريا يتصرفون محصنين بصفتهم هذه، ولم يفتح الباب إلا متأخرا لمحاكمة هؤلاء المسؤولين عن تلك الجرائم التي تنتهك حقوق الإنسان، وهو ما يعني أن جرائم الأسد كتجويع المدنيين أو قصفهم تندرج ضمن جرائم الحرب وفقا للقانون الدولي وقواعده، ولن تسقط بالتقادم، وسيظل الأسد ملاحقا جنائيا ودوليا بتهمة ارتكاب جرائم حرب”.
العربية نت