وضع الملالي وهم (ثلة من المُدعين يمتهنون الدين وسيلة لبلوغ الغايات) أنفسهم منذ قرون طوال موضع لا يليق بإنسان مسلم أو بمجرد إنسان كرمه الله ونعمه فقد أساؤوا للفطرة الإنسانية وللإسلام دين الله الحنيف وفطرة الله فطرة النقاء والإخلاص لله الفطرة التي فطر الله الناس عليها (ومن يرغب عن ملة إبراهيم إلا من سفه نفسه ولقد اصطفيناه في الدنيا وإنه في الآخرة لمن الصالحين).
وتراوح نهم الملالي على الدنيا ومتاعها بين وعاظٍ للسلاطين تارة ولاهثين نحو السلطان والتسلط تارة أخرى وعلى هذا الأساس كانوا عونًا للطغاة الظالمين حينًا وسلاطين دمويين حينًا آخر يرفعون شعارات أكبر من إدراكهم ويقولون ما لا يفقهون ولا يعملون ، وبذلك حازوا لعنة الله والعباد ، ولكن من نعم الله على العباد نعمة العقل والبصيرة النقية (قل هذه سبيلي أدعو إلى الله على بصيرة أنا ومن اتبعني وسبحان الله وما أنا من المشركين)
فالعقل وسيلة الرشد وميزان المراجعات العادل لدى الإنسان ولابد من وجود فئة رشيدة بين البشر ومنهم المسلمين تقوم بعمل مراجعات دقيقة على مسيرة حياتها وما مس عقيدتها من سوء كما هو الحاصل في إيران إذ كان الملالي عونًا للظالمين على مر القرون وتأتي مجموعة من البشر ممن مَنْ الله عليهم بالرشد لتُظهِر الحق والحقائق برشدها وثباتها بدون أدنى مزايدات أو ادعاءات وبدافع حب الحق والحقيقة والإخلاص لقيم العدل والإنسانية لا أكثر ، وهذا ما فعله مؤسسو منظمة مجاهدي خلق الأوائل (إنهم فتية آمنوا بربهم وزدناهم هدى) عندما خرجوا بقراءات نقية موسعة ترتكز على حقائق القرآن والسيرة الحقيقية للنبي المصطفى (ص) ساعين من خلال تلك القراءات إلى فك أسر الإسلام وتنقية مجتمعه من وباء الادعاء والجهل والظلام والاستبداد والطغيان ووضع الإسلام في موضع مُصان مُكرم بعيدًا عن التشويه في إطار جماعة إسلامية ترتكز على قيم الإسلام من أجل حياة كريمة تُعز الإنسان بمفهومه الواسع في المجتمع الإسلامي ولا تفرض مفاهيمها كجماعة على من هو خارج إطارها بل تؤمن بخياراته وكامل حقوقه بعيدًا عن الإكراه الذي اتبعته دكتاتورية الشاه البائدة بعون من الملالي ، أو دكتاتورية الملالي بعون من تيار الاسترضاء والمهادنة الغربي ويبقى الإنسان هو القيمة العليا مُكرمًا ومُحترِمًا لحق غيره أفرادًا كانوا أو جماعات ضمن إطارٍ عادل للحقوق داخل المجتمع الواحد.
مُقدمًا على القارئ أن يعلم بأنه قد يُخال لبعضهم من غير المطلعين أن ما كان من خلاف بين منظمة مجاهدي خلق الإيرانية ونظام الشاه الدكتاتوري من جهة وما بينهم وبين دكتاتورية حُكم الملالي من جهة أخرى قد يكون خلافًا سياسيًّا على سلطة أو مكاسب ولم يكن كذلك وإنما هو خلافٌ قائمٌ على هوية وقيم إنسانية حقيقية ونمطية حياة استعبادية لمن خلقهم الله أحرارًا مسخرين في خدمة فئة باغية تحكمها النزوات والفتاوى الباطلة ، ويستمر الخلاف على هذا الحال مع دكتاتورية الملالي اليوم ، وقد بلغ بالملالي الحال أن أباحوا كل قبيح ولا يمت للإسلام بصلة من أجل متاع السلطة وأحلامهم العدوانية التوسعية ، وكما أباحوا دماء أبناء الشعب الإيراني ممن يختلفون معهم بالرأي السياسي أباحوا دماء من يختلف معهم بالرأي السياسي أيضًا من شعوب ودول المنطقة ويبقى الدين والمذهب مجرد شعارٍ زائف لا أكثر ، وقد بلغ نهجهم الإبادي حتى من يشاركهم نفس الاعتقاد المذهبي داخل وخارج إيران، وطال نعيمهم كل من والاهم حتى لو كان بوذياً ما دام يخدم مصالحهم وتوجهاتهم والأمثلة على ذلك كثيرةٌ متعددة في إيران والعراق والصين وفلسطين ولبنان وسوريا واليمن وسلطنة عمان وهنا وهناك.
كان ولازال المشروع السياسي لمنظمة مجاهدي خلق مشروعًا من أجل إصلاح ما لاح العقيدة من عطب وما لاح المجتمع من دمار وإفساد وضياع ، وإصلاح منظومة العلاقات الدولية فيما يتعلق ببلادهم على النحو الذي يحترم مبادئ القانون الدولي والعلاقات الرصينة القائمة على الاحترام المتبادل والمصالح المشتركة بين الدول والشعوب، وقيام دولة علمانية تعزل بين الدين والسلطة أمر يُمهد إلى خلق حالة من الاستقرار الاجتماعي القائم على التعايش المشترك في إطار قانون عادل ينظم العلاقات والحقوق في مجتمع الدولة الواحدة تحت مظلة مواطنة يعرفها القانون ، وتبقى عقيدة كل فئة مُصانةٌ في موقعها بعيدًا السياسة التي يمكن أن تفرض وتُميز عقيدة على أُخرى وبذلك تنعدم حالة الاستقرار والسلم المجتمعي ، أما أن تكون الدولة غير نووية فهذا أمر يُجنب الشعب الإيراني الأضرار والتبعات المدمرة جراء المشاريع النووية التي تستنزف قدرات الدولة والشعب وتستفز دول الجوار وتُدخِل الجميع في سباق تسلح لا نهاية له ولا رابح فيه سوى مُصنعي السلاح.
مما لا شك فيه أن نظام الملالي الحاكم في إيران سيسعى إلى إبادة خصومه السياسيين من منطلق ضعفه وتمسكه بالسلطة وخوفه من فقدان نعيم السلطة والمساءلات التي سيتعرضون لها عند وقوعهم في قبضة الشعب الذي أعلن عن رفضه التام للنظام في الانتفاضة الوطنية الجارية ، وعلى الرغم من أن الشعب الإيراني قد انتفض بكافة مكوناته العرقية والعقائدية ضد نظام الملالي إلا أن الملالي وصفوا هذه الانتفاضة ومن وراءها بالانفصاليين ووفق رواية الانفصاليين التي روج لها الملالي ونظامهم الفاشي ولأجلها انتهكوا سيادة العراق الدولة الجارة المستقلة وقصفوا مدنيين أبرياء في العراق.
ولكونهم باطل والباطل هش لا يدوم فقد اعترفوا بمكائدهم ومؤامراتهم مع حلفائهم في تيار الاسترضاء بالغرب وقالوا إنهم دفعوا بألبانيا وفرنسا إلى اتخاذ إجراءات أوقعت قتلى ومصابين على حد قولهم في “أشرف3” بألبانيا وأدت إلى منع فرنسا لمجاهدي خلق والمقاومة الإيرانية من إقامة مؤتمرهم السنوي العالمي واحتفلت زمر الملالي ووسائل إعلامهم شامتة شماتة اللئام لما حدث في ألبانيا وباريس مُنكلين حتى بحلفائهم في تيار الاسترضاء والمهادنة الغربي مدعين بحسب قولهم أن المستكبرين يقومون بإجراءات من أجل التقرب من جمهوريتهم المسماة بـ الجمهورية الإسلامية، وأن ما حدث من عدوان في أشرف3 بألبانيا هو جزاء وعقاب لمجاهدي خلق على قيادتهم للانتفاضة الجارية التي يسميها الملالي بـ أعمال شغب ، وهنا سقطت ادعاءاتهم بشأن انفصالية الانتفاضة الوطنية الإيرانية.
سرعان ما خابت ظنون الملالي الذين اعتقدوا شامتين أنهم نالوا من منظمة مجاهدي خلق في أشرف وباريس فبالأمس عقدت المقاومة الإيرانية ومنظمتها المحورية منظمة مجاهدي خلق قمة عالمية ضخمة وبحكم قضائي نقض ما قبله من قرارات السلطات الفرنسية الموالية للملالي ، وشاركت في هذه القمة المئات من قادة العالم والبرلمانيين وكبار الحقوقيين العالميين والشخصيات العالمية الهامة من عدة قارات وأجمعوا جميعًا على إدانة تيار الاسترضاء والمهادنة وأن ما حدث في “أشرف3” كان عدوانًا أدانته شخصيات سياسية ألبانية مرموقة قبل غيرها ، وبالنظر والتحليل إلى تفاصيل ما حدث في ألبانيا وباريس من مؤامرات ضد المقاومة الإيرانية، وما حدث في قمة أمس التي كانت عمل كرامٍ ثابتين على قيمهم ومبادئهم مهما كلفهم ذلك ، وتستمر هذه القمة العملاقة إلى اليوم نجد أن الفارق بين المدرستين شاخصٌ بيّنٌ ، وشتان ما بين شماتة اللئام الذين لا وفاء فيهم حتى لمن ساندوهم في مؤامراتهم ومكائدهم ، وما بين نصر الكرام الذين ضحوا بأغلى ما يملكون من أجل مبادئهم ومن أجل أن يحيى شعبهم حراً كريماً؛ وشتان ما بين شماتة اللئام؛ ونصر الكرام.