قصة خبرية بقلم: وفاء العبدو
تعب في جسمها وألم في كل مكان، بعد أيام بدء الوضع يزداد سوءاً. فقدت غفران، الشابة المقيمة في حلب، حاسة الشم والتذوق إضافة لألم في الصدر وارتفاع في درجة الحرارة وأصبحت تتنفس بصعوبة، كانت متأكدة بأن ساعاتها في الحياة أصبحت قليلة، هكذا قالت أمها.
انتشر فيروس كوفيد19 في عدة بلدان وأنهك اقتصادات عشرات الدول، ووضع العالم أمام تحدٍّ كبير، وبدأت الحكومات تخوض حرباً مع جسم لاتراه العين، والمراكز البحثية في العالم تتسابق مع الزمن لكشف لقاح يخفف عن الناس الآلام.
(غفران – 39 عام ) من سكان مدينة حلب، وحيدة في غرفة الحجر، لا تسمع سوى صوت بكاء ونحيب أحياناً، وصوتها وهي تتلو القرآن وتدعو وتتتضرع لله أحياناً أخرى، آثرت إخفاء مرضها عن صديقاتها وكل أقاربها ومعارفها وتوارت عن الأنظار ربما كي لا تسمع كلمات اللوم والشفقة من أحد، عندما تشاهدها في غرفتها وحيدة تنتابك مشاعر متضاربة.
بعد تردد كبير تواصلت مع صديقتها المقيمة خارج القطر وتكلما معاً عبر الواتس آب. أخبرتها عن مرضها وسوء حالتها الصحية، وأنها تشعر باقتراب أجلها وأن روحها تخرج وتعود مع كل نَفَس. أبكتها حزناً، لا يمكن أن تقدم لها أي مساعدة، ولكن ربما تستطيع، بل تستطيع أن تسعد قلبها وتنسيها ألمها وكل ما في حالتها الصحية من سوء. أرسلت لها فيديو قصير لا يزيد عن دقيقة ظهرت فيها طفلتها الجميلة، ذات السنتين وهي تحمل بيدها قطعة بصل، تسألها والدتها “لولي ماذا تأكلين” تقول بلغتها الجميلة “بثل” ثم تسألها “من يأكل البصل تقول “لَيا” وبدأت تأكل منه وتقول لأمها “ماما أدة” ، ثم تأخذ قضمة أخرى وتقول “أدة” (حده )، يا إلهي ما أجملها، طفلة تأكل البصل!
اندهشت وانتشت وانتعشت وضحكت، ملأت قلبها وروحها اليائسة بالسعادة، فهي براءة الأطفال وجمالهم، كررت مشاهدة المقطع وجعلته صديق وحدتها.
مرت أيام على صعبة جداً على غفران لتدخل بعدها مرحلة الشفاء، لتحدث أصدقاءها كيف ساعدتها تلك الفيديوهات القصيرة وكانت مؤنستها في الحجر، كلما تعبت نفسيتها كانت تشاهدها فترتفع معنوياتها وتدخل السعادة إلى قلبها وتشعرها بالأمل في الحياة. أجل للبراءة والجمال من الأثر والأمل مالم يخطر على البال، وإن كان للجسم دواء فللروح أيضاً دواء.
قصة خبرية تدريبية