“غياب الثقة”.. أبرز ما يميز العلاقة بين تركيا وإيران في الوقت الراهن فما أن يتفق الطرفان حتى يختلفا مجددا.
فقد تصاعدت في الآونة الأخيرة حدة التوتر في العلاقات بين تركيا وإيران لتأخذ مسارا تصادميا وصولا إلى حد القطيعة خصوصا أن طهران لوحت بتخفيض مستوى علاقاتها مع أنقرة وذلك عقب تصاعد حدة التوترات السياسية بين الطرفين إثر اتهامات تركية لإيران بالتدخل في شؤون دول المنطقة.
وقد أكد المتحدث باسم الخارجية التركية حسين مفتي أوغلو أن إيران مسئولة عن التوتر وعدم الاستقرار في المنطقة مشيرا إلى أن النظام الإيراني لا يتورع عن إرسال من لجؤوا إليه بسبب الأزمات في المنطقة إلى ساحات الحروب وذلك في إشارة إلى تجنيد ميليشيات الحرس الثوري لآلاف اللاجئين الأفغان من الطائفة الشيعية وإرسالهم إلى سوريا للقتال إلى جانب قوات الأسد.
إعادة النظر
كلام “مفتي أوغلو” جاء ردا على “بهرام قاسمي” المتحدث باسم الخارجية الإيرانية والذي أطلق تصريحات تحذيرية لتركيا.
وأضاف مفتي أوغلو أن “إشادة قاسمي بسياسات بلاده الإقليمية ووصفه لتلك السياسات بالعادلة تتعارض بشكل كبير مع مخاوف الأمم المتحدة ومنظمة التعاون الإسلامي من سياسات طهران الإقليمية”.
وشدد المسئول التركي على أن بلاده تنتظر من إيران، الإقدام على خطوات بناءة وإعادة النظر في سياساتها تجاه دول المنطقة عوضا عن اتهام الدول التي توجه لها انتقادات.
زعزعة الاستقرار
وكان وزير الخارجية التركي مولود جاويش أوغلو قد هاجم الدور الإيراني في المنطقة قائلا: “إنه يزعزع الاستقرار، خاصة أن طهران تسعى لنشر التشيّع في سوريا والعراق”، داعيا “طهران إلى إنهاء الممارسات التي من شأنها زعزعة استقرار وأمن المنطقة”.
وقبل أيام أشار الرئيس التركي رجب طيب أردوغان خلال جولة زار خلالها عدة دول خليجية إلى خطر “القومية الفارسية” والأطماع الإيرانية في المنطقة.
ايران تحذر
وردا على هذه التصريحات استدعت طهران الاثنين الماضي السفير التركي لدى طهران لتنقل له “احتجاج إيران”، وذلك في الوقت الذي ندد فيه المتحدث باسم وزارة الخارجية الإيرانية بهرام قاسمي بـ”التصريحات التركية غير البناءة” محذرا: “لصبرنا حدود”.
ويرجح مراقبون بأن تستمر حالة التوتر بين أنقرة وطهران بالتصاعد خصوصا مع وجود عدة ملفات شائكة بين البلدين وعلى رأسها التدخل الإيراني في المنطقة ولا سيما في سوريا والعراق، حيث تدعم أنقرة المعارضة السورية التي تطالب برحيل الأسد عن السلطة بينما وقفت طهران منذ اندلاع الثورة السورية إلى جانب نظام بشار الأسد وتواصل دعمه بالمال والسلاح والميليشيات إلى جانب بروز تحالف “خليجي تركي” بوجه الأطماع الإيرانية مدفوع بسياسة الإدارة الأمريكية الجديدة التي اعتبرت أن إيران أكبر دولة تدعم الإرهاب في العالم.
الأسباب الحقيقة للتوتر
التصريحات الأخيرة التي صدرت من الرئيس التركي رجب طيب أردوغان ووزير خارجيته مولود جاويش أوغلو تشير إلى أن التوتر بين أنقرة وطهران سيتفاعل ويتزايد باستمرار لأن تركيا طرحت هذه المرة ” السياسية الإيرانية في المنطقة” ككل في السابق كانت التوتر بين البلدين يستمر على مستوى العلاقات الثنائية بين البلدين في مسائل محددة ذات طابع سياسي واقتصادي وتجاري ولكن هذه المرة يتم الحديث مباشرة عن “السياسة الإيرانية الإقليمية” وطريقة تفاعل إيران مع ملفات حساسة في المنطقة.
ماذا بعد؟
السؤال المطروح حاليا هل ستقبل إيران بالرسائل التركية حتى اللحظة يبدو أن الإيرانيين وراء عملية التصعيد من خلال ردود الفعل الإيرانية الأخيرة لكن النقطة الأهم (هنا) هل سترد تركيا على التصعيد الإيراني وستتعامل معه على الأرض بشكل أو بآخر.
نعي تماما أن هناك قلقا إيرانيا من التقارب التركي الروسي الأخير والتفاهمات التركية الأمريكية في الملف السوري وإيران تشعر بأنها ستتعرض لعزلة على المستوى الإقليمي في الأيام المقبلة.
مستقبل مجهول
في المحصلة يبدو أن النتائج التي ستسفر عنها تفاعلات الوضع الراهن في سوريا والتي ستلعب الدور الأبرز في إعادة هيكلة شبكة التحالفات الإقليمية فبعد أن كان الأمل يداعب الكثير من المراقبين في استقرار الأوضاع بالمنطقة عقب انتهاء مرحلة الربيع العربي عادت أجواء الصراع لتلقي بظلالها على المنطقة التي لا تكاد تعرف إلى الهدوء والاستقرار طريقا.
طه عودة – ترك برس