بعد أكثر من 3 أسابيع على اندلاع معارك مسلحة بين القوات الأرمينية والأذرية حول إقليم ناغورني قره باغ، من المقرر أن يلتقي وزير الخارجية مايك بومبيو في واشنطن، صباح يوم الجمعة، مع نظيره الأذري جيهون بيراموف، وذلك قبل وقت قصير من لقاء بومبيو مع نظيره الأرميني زوهراب مناتساكانيان في مقر الوزارة كذلك.
وطبقا لصحيفة “بوليتيكو” (POLITICO) فمن غير الواضح بعد ما إذا كان الجانب الأميركي سوف يحاول عقد اجتماع ثلاثي مباشر يجمع فيه وزيري خارجية الدولتين، بعد أن تسببت المعارك بينهما في سقوط مئات المقاتلين والمدنيين الضحايا وإصابة آلاف أخرين.
وخلال الأسابيع الماضية لم تلتفت الدوائر الأميركية كثيرا للصراع الجاري، حيث لا توجد لواشنطن مصالح مباشرة في هذه المنطقة، وبعد اندلاع أعمال العنف الجارية بين الطرفين، كانت واشنطن آخر جهة دولية مهمة تصدر بيانا، مما يشير إلى تراجع الاهتمام بهذه المنطقة.
واشنطن وغياب الاهتمام
يرى بول سترونسكي، الباحث المتخصص في شؤون القوقاز بـ”مؤسسة كارنيغي للسلام الدولي” (Carnegie Endowment for International Peace)، أن الدعوات الأخيرة للولايات المتحدة بالتدخل لوقف القتال غريبة وعفا عليها الزمن، وذلك على خلفية تراجع الدور الأميركي حول العالم، والذي تسارع على مدى السنوات الأربع الماضية.
ويعتقد الباحث بمؤسسة كارنيغي توماس دي وال أنه يمكن القول أيضا إن التجاهل الأميركي مؤشر على أن “الرئيس دونالد ترامب -الذي يرعى برج ترامب الذي لم يكتمل بعد في باكو عاصمة أذربيجان- ينظر إلى أرمينيا وأذربيجان من منظور تجاري فقط”.
وفي حديث مع الجزيرة نت، أكد الخبير رؤوف ممادوف، من مبادرة وسط آسيا بمعهد الشرق الأوسط، أن موقف واشنطن في بداية الأعمال العدائية كان سلبيا في المقام الأول، وظلت إدارة الرئيس ترامب ملتزمة بآلية حل النزاع من خلال مجموعة مينسك التابعة لمنظمة الأمن والتعاون في أوروبا مع ترك موسكو تتولى زمام المبادرة في عملية التفاوض.
وأضاف ممادوف للجزيرة نت “أنه ومع ذلك، لم يكن بوسع البيت الأبيض أن يبقى غافلا تماما عن عملية التفاوض، لا سيما بعد مناشدة نائب الرئيس جو بايدن للإدارة بالتدخل، وقد دعا جو بايدن إلى اتباع دبلوماسية نشطة تجاه النزاع”.
واعتبر ممادوف أن لدى الولايات المتحدة أدوات ونفوذا سياسيا يمكن استخدامه إذا لزم الأمر، وأضاف للجزيرة نت “لم تلجأ الإدارات الأميركية الحالية والسابقة لفرض عقوبات أو حظر على دول ذات نفوذ في بعض الأقاليم؛ لكن السؤال الحاسم: هل الولايات المتحدة مستعدة للجوء إلى هذه الأساليب فيما يتعلق بالنزاع في ناغورني قره باغ؟”.
“وللأسف، يبدو أن مواقف الأطراف المتحاربة بعيدة عن بعضها البعض في هذه المرحلة. وبالتالي، سيكون من الصعب على واشنطن اقتراح آلية مستدامة لسد تلك الفجوة بين الطرفين، وأفضل عرض تقدمه واشنطن هو دورها المحايد رئيسا مشاركا لمجموعة مينسك، وتأكيدها الحفاظ على توازن القوى” يقول ممادوف.
واعتبر سترونسكي في دراسة له أن “إدارة ترامب لم تصدر على الإطلاق في أي وقت إستراتيجية واضحة للتعامل مع منطقة جنوب القوقاز، كما أن انشغال الإدارة بالحملة الانتخابية حاليا لإعادة انتخاب ترامب يطغى على اهتمام واشنطن، ولا تعد أزمة قره باغ ذات أهمية في الوقت الراهن”.
واشنطن وتاريخ أزمة قره باغ الحديث
منذ عام 1997، كانت واشنطن واحدة من الأعضاء الثلاثة المشاركين، إلى جانب فرنسا وروسيا، في جهود الوساطة التي تبذلها مجموعة مينسك، بين أرمينيا وأذربيجان.
وفي عام 2001 اتخذت واشنطن موقفا حازما، ودعت رئيسي أرمينيا وأذربيجان إلى ولاية فلوريدا، لحضور اجتماع مباشر بينهما بوساطة أميركية؛ لكنه لم يسفر عن حل للصراع.
ويرى دي وال أن “مشاركة تركيا وقرب النزاع من إيران، ودور روسيا الغامض، ووجود خطوط أنابيب النفط والغاز الرئيسية، كلها قد تؤدي إلى تحول القتال في هذه المنطقة إلى صداع دولي”.
اليمين يدعم أرمينيا
اتخذ بعض المعلقين المنتمين لمراكز بحثية يمينية تعادي تركيا ورئيسها رجب طيب أردوغان مواقف متشددة تجاه أذربيجان والدعم التركي لها.
ويرى مايكل روبين، الباحث بـ”معهد أميركان إنتربرايز” ( American Enterprise Institute)، أن “الكونغرس كان أكثر وضوحا، ففي عام 1992 تبنى قانونا عرف باسم (قانون دعم الحرية)، الذي حظرت المادة 907 منه المساعدة الأميركية لأذربيجان.
وفي أكتوبر 2001، عدّل مجلس الشيوخ قانون دعم الحرية ورفعت القيود المفروضة على أذربيجان، حيث بدأ التعامل معها كحليف للولايات المتحدة في الحرب العالمية على الإرهاب”.
ويطالب روبين بأن تطبق واشنطن “نموذج كوسوفو” على الإقليم المتنازع عليه، وأن تعلن “اعترافها باستقلال إقليم ناغورني قره باغ”.
نقلا عن الجزيرة