“المعركة في حلب هي معركة طويلة ومستمرة ولن تتوقف حتى تتحرر مدينة حلب بالكامل من قوات النظام ومن المليشيات الطائفية المساندة لها”, هكذا وعد أحد القادة الميدانيين في جيش الفتح الشعب السوري عامة والشعب الحلبي على وجه الخصوص, ويؤكد قادة آخرون من غرفة عمليات فتح حلب “أن المعركة مستمرة أيضا ولن تتوقف عند حدود كسر الحصار فقط, إلا أنهم أعربوا عن تحفظهم عن ذكر المزيد من التفاصيل, ولكنهم أكدوا أن المفاجآت ستستمر حتى يتم تحرير مدينة حلب بالكامل”.
في المقابل تتسرب أنباء من بعض الوسائل الإعلامية الرسمية والمحسوبة على النظام, بنية النظام شن هجمات معاكسة تهدف إلى إعادة جميع النقاط التي خسروها في الجهة الجنوبية الغربية من مدينة حلب, متوعدين فصائل المعارضة بما أسموها “عمليات الرد القاسية”, وأن قوات النظام تعيد ترتيب أوراقها بشكل عاجل عن طريق تكليف بعض القادة الجدد بمهمة الإعداد والتجهيز العسكري من أجل إعادة عملية التوازن في تلك المنطقة إلى مربعها الأول.
يدرك الثوار جيدا أن النظام لازال يملك القدرة على الأخذ بزمام المبادرة من جديد, ولا سيما أن طريق الكاستيلو مفتوح أمام إمداداته حتى الآن, إضافة للرقعة الواسعة من أحياء مدينة حلب الغربية والتي ما يزال يحكم قبضته عليها ويحتفظ داخلها بعدد لا يُستَهان به من المقاتلين المدربين, الذين يتخذون من بعض الدوائر والمؤسسات الحكومية مقرا لهم بعد أن تم تحويلها إلى ثكنات عسكرية محصنة مثل “إستاد حلب الدولي”.
ولكن النقطة الأبرز التي يخشى منها الثوار ويتوقعون أن يضغط النظام عليهم من خلالها, هي منطقة “الحاضر وجبل عزان” في الريف الجنوبي والتي تتصل مباشرة بمنطقة السفيرة الواقعة في الريف الشرقي حيث تتواجد معامل الدفاع التي تُعتَبر واحدة من أهم مراكز صنع الذخيرة والقنابل والبراميل في سورية, إضافة إلى مخزون من السلاح الكيماوي أكدت العديد من وكالات الاستخبارات الدولية وجودها في مستودعات كبيرة تابعة لمعامل الدفاع تلك, وهذا ما أكده أيضا بعض الضباط المنشقين عن النظام والعاملين فيها.
تشكل كل هذه المناطق التي لازال النظام يحكم قبضته عليها, أرضية صلبة تمكنه من المناورة بعمليات عسكرية تتأرجح مابين كر وفر, لذلك تعي فصائل المعارضة هذه المسألة جيدا, وأن التوقف عند حدود الراموسة لن يكون كافيا لتأمين حدود الأحياء الشرقية من حلب والتي ستكون بحكم المهددة بالحصار من جديد كما حصل في طريق الكاستيلو الذي تمكن النظام من السيطرة عليه الشهر “تموز” الماضي.
وتدرك فصائل المعارضة جيدا أن عامل إطالة المدة الزمنية للاستمرار بمعركة التحرير ليس في صالحهم, لأن هذه الفترة ستمنح النظام “نفسا” إضافيا لإعادة تجميع قواته وإعادة هيكلتها وضبط عمليات التمركز والتموضع والتحصين, والاستعداد جيدا لبدء هجوم واسع بتغطية جوية كبيرة جدا من “الطيران الروسي” الذي استطاع أن يمكن النظام من استعادة العديد من المناطق التي خسرها لسنوات عديدة كما هو الحال في جبلي الأكراد والتركمان, فضلا عن تمكن النظام من استجلاب طواقم أخرى مدربة من المليشيات الأجنبية من إيران ولبنان والعراق وأفغانستان.
لذلك يتوجب على الثوار الإسراع في عملية الاستمرار بالهجوم من أجل اغتنام لحظات ما بعد الانتصار والمكسب الذي حصلوا عليه جّراء النجاح في كسر طوق الحصار عن المدينة.
هي عملية بالتأكيد ليست بالبسيطة إطلاقا وقد تسير ببطء, ويجب أن تكون محسوبة جيدا ومخططة بشكل محكم حتى يتجنبوا العديد من الخسائر في أعداد المقاتلين الذين أثبتوا مقدرتهم القتالية العالية, وكفاءتهم المميزة في الانغماس والاقتحام رغم عمليات القصف.
أيام قادمة تبدو حافلة بالعديد من الأحداث الميدانية الفاصلة في مسيرة الثورة السورية عموما, والثورة الحلبية خصوصا.
المركز الصفي السوري-فادي أبو الجود.