ضجت العاصمة السورية دمشق، منذ أيام، بخبر موت فتاة مجهولة الهوية، في حي “الشعلان” الراقي. حيث كثرت الشائعات والأقاويل عن العثور على فتاة وهي ميتة على أحد أرصفة “الشعلان” ليتبين لاحقاً أن كل ما نشر من صور للفتاة، هو غير صحيح. وأن المأساة الفعلية لموتها هي في التفاصيل الحقيقية لما جرى معها، وتحديدا بعد وفاتها.
فقد تبين أن الفتاة والتي يرمّز إلى اسمها بـ”ر-ع-س” قد وجدت ميتة في منزلها في منطقة الشعلان، وقد استدل الناس عليها من خلال صدور “رائحة كريهة” من المنزل الذي تقطنه في الحي الراقي. خصوصا أن جيرانها كانوا قد لاحظوا غياب الفتاة عدة أيام.
وكانت المفاجأة، بعد دخول عناصر من الشرطة الجنائية، أن الفتاة ممدة مميتة في منزلها، وكان إلى قربها كلباها يأكلان بعضاً من جسدها.
فقد ماتت الفتاة، فجأة، وبسبب أنها وحيدة ولا يزورها أحد، فقد بقيت في المنزل أياما، فلم يستطع الكلبان احتمال وطأة الجوع، فنهشا أجزاء من جسدها، وهو ما ترك علامات واضحة عليها.
علامات الذهول ارتسمت على سكان الحي. خصوصا أنهم يعرفون الفتاة هذه، من كلبيها اللذين كانا برفقتها بشكل دائم. فقد كانت تحرص على إخراجهما للتنزه، كل يوم، ثم العودة بهما الى البيت عند الظهر. كموعد يومي لظهورها كما قال سكان الحي.
وكانت الفتاة لدى عودتها من مشوارها الذي تصطحب فيه كلبيها، تجلس في البيت ولا تخرج إلا في اليوم التالي صباحاً.
وتنقل الأخبار من العاصمة السورية أنه تم نقل جثة الفتاة إلى مستشفى المجتهد بدمشق ووضعها في الثلاجة، بتاريخ 29 -11-2015 وتم إجراء المعاينة الطبية على الجثة وإجراءات الطب الشرعي، ليذكر الأخير أن سبب الوفاة “طبيعية ناجمة عن توقف عضلة القلب والتنفس بسبب سوء حالتها العامة” ليؤكد التقرير أن تاريخ الوفاة الفعلي هو 21-11-2015.
كما نقل التقرير الطبي الشرعي مشاهداته عن النهش الذي تعرضت له الفتاة من كلبيها، وأنها من مواليد 1995.
وكي تتضاعف المأساة التي تختزلها هذه الفتاة السورية، فإن المستشفى التي وضعت جثتها في الثلاجات المخصصة لحفظ الموتى، صرّحت في حوار صحافي، أنه ومنذ وجود الفتاة في المستشفى وإعلان موتها، لم يأت أي أحد ليسأل عنها!
ماتت وحيدة.. ولولا تدخل الجيران والشرطة لكان أجهز كلباها على ما تبقى من جثتها. وبعد كل هذا، لم يسأل عنها أحد من أهلها، هذا إذا تبقى أحد منهم حياً أو قد يكونون هاجروا وتركوا البلاد مثل عشرات آلاف السوريين الذين هجّرتهم حرب الأسد، الذي قال في إجابة عن سؤال لصحافية صينية حول “صورة طفل سوري تعصر الأفئدة” فقال لها مقللا من شأن صورة “آلان” كون الصورة أشارت بكثافة الى دوره في تحطيم المجتمع السوري وتهجير شعبه: “هناك صور أخرى”.
وفعلا، بعد إفادة الأسد هذه، خرجت “صورة أخرى” للطفلة السورية سينا التي وجدت محشورة وغارقة وميتة على شواطئ تركيا.
ولعل قصة فتاة “الشعلان” هي من الصور الأخرى التي أخبر عنها الأسد، إنما للأسف كانت الكلاب قد بدأت بنهش الجثة، ولم تتمكن وسائل الإعلام من إضافة صورتها على “ألبوم” الأسد الذي بات يحوي آلافاً مؤلفة من صور السوريين الغرقى أو القتلى أو الموتى الذين يموتون وحدهم.. فتتولى الكلاب إكمال القصة.
فاجعة من الألف إلى الياء. لم يكن أحد يتخيل أن “عاصمة الياسمين” دمشق، ستكون مسرحاً لمثل مآسٍ من هذا النوع، لم تكن لتحصل لولا الحرب التي شنّها رئيس النظام السوري على الثائرين ضده ومعارضيه والمطالبين بخلعه.
المصدر: العربية