لم تكن ليلة 15 يونيو ليلة عادية بالنسبة للرئيس التركي رجب الطيب أردوغان، إذ شهدت أحداثا غير مسبوقة منذ توليه حكم البلاد، فقد حاول ضباط انقلابيون تابعون لحركة حركة” فتح الله غولن” الانقلاب على الرئيس ومحاولة السيطرة على حكم البلاد؛ لكن تلك المحاولة باءت بالفشل، حيث وقعت مواجهات تلك الليلة بين قوات الأمن التركية وجنود انقلابيين في قاعدة قونيا الجوية وسط البلاد،
وأعلنت الحكومة التركية عقب تلك الحادثة إغلاق جميع المطارات ومضيق البوسفور، بينما ألقى الرئيس التركي عبر سكايب في تمام الساعة الواحدة بعد منتصف تلك الليلة كلمة موجزة؛ دعا خلالها الشعب التركي النزول إلى الشوارع والدفاع عن حرية البلاد، لم يتوان الشعب عن تلبية تلك الدعوة بينما نزلت حشود كبيرة في انقرة لصد المدرعات التي انتشرت في الشوارع .
كما أودت تلك العملية الانقلابية الفاشلة بحياة 290 شخصا على الأقل، حسبما أفادت وزارة الخارجية التركية، وأشارت الوزارة في بيان لها عن مقتل أكثر من مئة انقلابي.
كما اعتقلت السلطات التركية نحو 100 من الجنرالات وكبار ضباط القوات المسلحة، وأقالت نحو 9 آلاف من موظفي وزارة الداخلية بعد محاولة الانقلاب التي شهدتها البلاد الجمعة.
وقال الرئيس رجب الطيب أردوعان؛ عقب عملية الانقلاب عبر كلمة ألقاها أمام أنصاره بأن بلاده سوف تطلب من الولايات المتحدة والحكومات الغربية تسليمها المعارض التركي “فتح الله غولن” وأنصاره. وأضاف أن أنقرة ستتقدم بطلب رسمي لتلك الدول بغية تسليمها هؤلاء الذين تتهمهم الحكومة التركية بالوقوف وراء المحاولة الانقلابية.
في السياق ذاته تناولت وسائل إعلامية معلومات تثير الجدل حول ما إذا كانت الولايات المتحدة على دراية مسبقة بمحاولة الانقلاب هذه، لكن واشنطن نفت تلك الادعاءات عبر وزير خارجيتها جون كيري.
حيث أبلغ الأخير نظيره التركي مولود جاويش أوغلو أن الادعاءات المزعومة بتورط واشنطن في الانقلاب الفاشل “كاذبة” وتضر بعلاقات البلدين.
وأضاف أن الولايات المتحدة ستكون مستعدة لتقديم المساعدة للسلطات التركية التي تباشر هذا التحقيق، ولكن التلميحات أو الادعاءات العلنية عن أي دور للولايات المتحدة في محاولة الانقلاب الفاشلة كاذبة تماما وتضر بالعلاقات الثنائية بيننا”.
لقد كان لتلك الأحداث تأثيرا ملحوظا على الأزمة السورية، فبعدها بات التدخل التركي في سوريا محكوما بما حصل؛ إذ أجمع كثيرون أن سياسة أردوغان في سوريا ورهانه على إسقاط الأسد وحكومته، وتحسين علاقاته مع إيران أكبر حليف للنظام السوري في الآونة الأخيرة، والحد من دخول المقاتلين إلى سوريا من خلال بناء سور على طول الحدود التركية – السورية، كانت أسبابا قوية في الانقلاب.
مريم أحمد – مجلة الحدث