نشرت صحيفة لوفيغارو الفرنسية تقريرا؛ سلطت فيه الضوء على تحول جنود روس سابقين إلى النشاط العسكري في إطار شركات خاصة للأمن، حيث أجرت “كلاب الحرب” هذه عمليات سرية جدا على الأراضي السورية بتعاون وثيق مع الجيش الروسي.
وقالت الصحيفة في تقريرها الذي ترجمته “عربي21″؛ إن العشرات من عناصر المرتزقة قتلوا سقطت خلال الحرب السورية الدامية.
وأشارت إلى أن نفوذ المرتزقة وعددهم يتزايدان بالتزامن مع تزايد مشاركة روسيا في الصراعات الداخلية. فقد كان دورهم محدودا جدا ومقتصرا على عمليات مكافحة القرصنة. إلا أن نطاق أعمالهم توسع اليوم في الشرق الأوسط وأفريقيا. كما أنه تم يلفت الانتباه تواجدهم في جنوب شرق أوكرانيا أيضا، وهي رقعة جغرافية يسيطر عليها الانفصاليون الموالون لروسيا بصفة جزئية.
وتجدر الإشارة إلى أن القانون الجنائي الروسي يعاقب تجنيد أو تمويل أو تزويد المرتزقة بالمعدات أو بالمال؛ بالسجن لفترة تتراوح بين أربع وسبع سنوات. وهذا الحظر لا يميز بين حراسة المواقع الحساسة في مناطق الحرب أو المشاركة الفعالة في العمليات العسكرية. وفي عام 2013، وبحجة حماية المنشآت النفطية في سوريا لصالح شركة موران للأمن، تواجدت مجموعة عسكرية سابقة دون علم هذه الشركة، في هيكل سري يسمى “بفيلق السلافية” للقتال في صف قوات النظام السوري.
ولفتت الصحيفة إلى أن المرتزقة الروس الذين يقاتلون بشكل رسمي مع نظام بشار الأسد هم إما وكلاء تابعون للاستخبارات العسكرية الروسية أو من المدربين أو من الطيارين، ولكن منذ عدة أشهر، وفي أقصى درجات السرية، يجري رجال مجموعة تسمى “فاغنر” عمليات برية بتعاون وثيق مع الجيش الروسي. وكانت هذه المجموعة المدربة والممولة من قبل النخبة الحاكمة في روسيا؛ قد شاركت في السيطرة على تدمر السورية من يد تنظيم الدولة، وإنقاذ طيار روسي أسقطت أنقرة طائرته على الحدود التركية السورية في تشرين الثاني/ نوفمبر الماضي.
وذكرت الصحيفة أن العشرات من أعضاء هذه المجموعة قتلوا في سوريا، إلا أن العديد من من هذه الحالات لم تسجل في الإحصاءات الرسمية.
ووفقا لموقع “فونتانكا” الروسي الإخباري، فإن ضابطا سابقا في الاستخبارات العسكرية الروسية، يدعى ديمتري أوتكين، هو من يترأس شركة “فاغنر” السرية. كما كشف الموقع أن هذه المجموعة يقع مقرها بجانب مقر المخابرات الروسية الخاصة، بالقرب من كراسنودار في جنوب البلاد.
ونقلت الصحيفة عن الخبير في معهد التحليل السياسي والعسكري، الكسندر كارامتشيكلن، قوله إن “العملية منظمة للغاية. رسميا، يمكن لروسيا أن تنكر مشاركتها في العمليات البرية في سوريا. وإذا قتل عاملون تابعون لهذه الشركات السرية، فتلك ليست مشكلة الجيش. كما أن الإعلام لم يسبق أن تناول موضوعا كهذا”.
ووفقا لمسؤولين في إحدى الفرق الاستخباراتية الروسية، فإن سيرجي تشوبوف، وهو ضابط مظلي سابق خدم خاصة في أفغانستان وقتل في سوريا في شباط/ فبراير 2016، بعد أربع سنوات من تركه الخدمة في الجيش الروسي، يعتبر واحدا من أهم العناصر السرية لهذه المجموعة.
وبالإضافة إلى ذلك، فقد فضحت صور الجنود الروس الذين قتلهم تنظيم الدولة في وقت سابق من هذا العام؛ عدم انتمائهم إلى الجيش الرسمي الروسي. فملابسهم وأسلحتهم لا تمت بصلة إلى الجنود الرسميين. كما أن امتناع ورفض وزارة العدل الروسية التعليق على هذا الموضوع يثير شكوكا وتساؤلات عديدة.
وأفاد بوندو دوروفكيخ، وهو رجل أعمال ومتطوع سابق في دونباس (شرق أوكرانيا)/ يحاول منذ أربع سنوات متتالية دخول سوق شركات الأمن الدولية، بأنه “عندما تحظى شركات خاصة، مثل فاغنر، بدعم من الدولة، فإن مقاتليها سيتمتعون حتما بالخدمات اللوجستية والعسكرية وحتى الطبية في المستشفيات العسكرية في روسيا”.
وأشارت الصحيفة إلى أنه في ميادين القتال التي لم تتورط فيها موسكو، مثل ليبيا أو العراق، فإن الأصول العرقية للمرتزقة الروس الذين لا تنحاز دولتهم إلى الولايات المتحدة الأمريكية، تمثل مؤشرا إيجابيا في نظر الشركات التي تعينهم. ويضيف بوندو دوروفكيخ بأنه “في الأماكن التي لا يكون فيها الناتو مريحا، نكون نحن المريحين”.
ويشير الخبراء الروس أيضا إلى أن هؤلاء المرتزقة على استعداد تام للقتال حتى إذا كان السبب المتنازع عليه يتناقض مع مواقف الجيوش الغربية.
وقالت الصحيفة إن فوضوية القطاع الأمني في سوريا دفعت بنائبين إلى التقدم بمقترح تشريعي عام 2013؛ لتنظيم هذه الشركات الأمنية الخاصة، مع السماح لها بالالتحاق بسوق الأمن الدولي. ولكن، نشأت مخاوف كثيرة مؤخرا من تكوين هؤلاء المرتزقة جيوشا خاصة بتمويل من النخبة الحاكمة الروسية، كما هو الحال في جنوب شرق أوكرانيا.
عربي 21