كتبت صحيفة “لوريون لوجور” تقريرا عن انتشار مناطق الصراع من ليبيا إلى اليمن، مرورا بمصر وسوريا ليشمل العراق، ناهيك عن القضية الفلسطينية الأزلية، ما جعل من منطقة الشرق الأوسط الهشة قطعة شطرنج تتصارع حولها القوى العالمية بشكل يجعل منها نسخة أقل خيالا، وأكثر تعقيدا من مسلسل “صراع العروش”.
وأشارت الصحيفة اللبنانية الناطقة بالفرنسية في تقريرها الذي اطلعت عليه “عربي21” وحمل عنوان “وباء السيناريو اللبناني يجتاح دول المنطقة”، إلى مداخلة غسان تويني أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة في 5 تشرين الأول/ أكتوبر 1981، حيث تنبأ فيها بأن الموقف القاضي بعدم معالجة القضايا العالمية والإقليمية في لبنان سيمثل قنبلة موقوتة لدول المنطقة ومجتمعاتها، ما سينتج حالة من اليأس، وموجة من الثورات والحروب الأهلية.
وأكدت في هذا السياق؛ أن تدمير لبنان، وتقاسم حطامه، والبحث عن ملء الفراغ الناتج عن ذلك؛ يُعد “تفكيكا للبنانيين والمنطقة كافة، وإفقادا لتوازنها”، مشيرا إلى أنه “بعد مرور 40 سنة على بداية الحرب الأهلية اللبنانية نجد أنفسنا اليوم أمام شرق أوسط مفكك”.
وقدّر التقرير أن الفيروس الذي قامت القوى الإقليمية بحقنه في الجسد اللبناني المريض؛ قد تكاثر في المنطقة كافة على أثر توفر حاضنات دعمت نموه، مشيرا إلى أعراض هذا الفيروس المسمى “لَبْنَنَة” (نسبة إلى لبنان)؛ من طائفية اجتماعية، وتفكك للدولة، وعسكرة للمجتمع وتشابك للصراعات، وتعدد للجهات الفاعلة من تحالفات، وأخرى مضادة بين القوى المحافظة والقوى الثورية، ما يجعل الوضع الفوضوي المحتقن غير قابل للقراءة.
وأفادت “لوريون لوجور” بأنه على عكس لبنان، فقد كان الجميع يتحدث عن سوريا والعراق كدولتين قويتين مرتكزتين على دعائم صلبة، إضافة إلى امتلاكهما العديد من المشاريع الوطنية المفروضة من قبل الأنظمة المستبدة والمكرسة في ظاهرها للنزاعات الانفصالية والغرائز الطائفية، الأمر الذي يثير الاستغراب الآن وقد عصفت بهاتين الدولتين المحصنتين نيران الحروب الأهلية، في حين لا يزال لبنان قائم الذات.
وفي السياق نفسه؛ تطرقت الصحيفة إلى تمكن الجيش العراقي، بدعم من الولايات المتحدة وإيران والمليشيات الشيعية، من إعادة السيطرة على تكريت مسقط رأس الرئيس العراقي السابق صدام حسين، منوهة إلى قصور هذه الانتصارات العسكرية عن إعادة إحياء العراق باعتبار أن “المناطق المحررة تشهد انتهاكات شبه متطابقة مع تلك التي يقوم بها تنظيم الدولة”.
وتطرق التقرير إلى عدم رضا السُنة والأكراد بالوضع الحالي، مشيرا إلى لعب إيران دور الإطفائي المصاب بهوس إشعال الحرائق، “وهو ما فعلته سوريا خلال الحرب في لبنان”، منبها على ضرورة وضع حد لتدخلها السياسي والعسكري “إن كانت تطمح فعلا لحماية الدولة العراقية من التفكك”.
وأفادت الصحيفة بأن النظام السوري شن حملة واسعة في الجنوب، متكبدا خسائر فادحة، حين خسر مدينة إدلب لفائدة مسلحي المعارضة، معتبرا سيطرة تنظيم الدولة على مخيم اليرموك نقطة إيجابية للنظام، وخطرا عليه في آن واحد، “إذ إن هذا الوضع يدعم صورة سوريا كعدو للإرهاب، ويضمن عودة حركة حماس إلى دائرة اللعب ضمن محور طهران ـ دمشق ـ حزب الله، ولكنه يمثل خطرا باعتبار قرب تنظيم الدولة من مشارف دمشق، الأمر الذي سيمكنه من إضعاف نظام بشار الأسد في حال تحالفه مع جبهة النصرة”.
وفي السياق ذاته؛ أشار التقرير الذي ترجمته “عربي21”، إلى إمكانية تغير موازين القوى في سوريا، كما حدث في الحرب الأهلية بلبنان، “وخاصة مع اعتزام المملكة العربية السعودية وأنقرة شن هجوم جديد لمناصرة المعارضة المسلحة في الشام، بعد تشكيل الأولى تحالفا سنيا من أجل وضع حد للحوثيين”.
وختمت الصحيفة تقريرها بالتنويه إلى أن تقمص اليمن دور لبنان أكثر من سوريا أو العراق، يجعله مرآة للوضع، وقناة لتصريف فائض القضايا الإقليمية. كما أنها أشارت إلى أن شقي الصراع في لبنان قد استغرقا 15 سنة للاقتناع بعدم قدرة أحدهما على الفوز بهذه الحرب، حيث إن الحل سياسي بالأساس، متسائلة عن الفترة الزمنية التي تحتاجها مختلف الأطراف المتصارعة في اليمن والعراق وسوريا من أجل الاقتناع بهذه المسلّمة.
عربي 21